المصدر: وكالة الأنباء المركزية
وفي المعلومات التي يتم التداول بها في أوساط حقوقية واقتصادية متخصصة في متابعة الجرائم المالية ومواكبتها، فإن المعركة المفتوحة على سلامه أظهرت وجود شبكة منظمة سياسية أمنية استخباراتية مالية إعلامية تدير الحملة وترصد لها ملايين الدولارات التي تصرف على الرشوة وشراء الذمم ومحاولة اختراق بعض الدوائر المالية والمعلوماتية من أجل الحصول على معلومات توظف سياسيا واعلاميا وقضائيا في غير إطارها الصحيح وفي غير سياقها الحقيقي.
وبحسب هذه المعلومات فإن هذه الشبكة تتخذ من لبنان مقرا لإدارة عملياتها، وقد أنشأت مكاتب لها في باريس ولندن والولايات المتحدة الأميركية وسويسرا وغيرها من العواصم والدول، وهي ترتبط تنظيميا وسياسيا بمنظومة إقليمية ودولية تخوض حرب تغيير هوية لبنان السياسية والاقتصادية والمالية والمصرفية والثقافية.
وفي ضوء هذه المعلومات، يسجل المتابعون للحملة على رياض سلامة الملاحظات الآتية:
من هي الجهات اللبنانية والإقليمية التي تموّل منظمات غير حكومية محلية وخارجية يتستّر بها مديرو الحملة على مصرف لبنان والحاكم رياض سلامة؟
ما هي مصادر الأموال التي تصرف على مكاتب الإستشارات والاستقضاءات الخاصة العاملة في لبنان والخارج؟
ما هي مصادر الأموال التي تستخدم في شراء مساحات إعلانية ودعائية في بعض وسائل الإعلام المحلية والخارجية لنشر وبث التقارير المفبركة والمعلومات المحوّرة؟
ما هي مصادر الأموال التي تدفع لكبار المحامين والمكاتب القانونية التي لا تتحرك في مثل هذه القضايا والحالات إلا مقابل مئات ألاف الدولارات؟
وتلاحظ الجهات المواكبة للحملة على رياض سلامة والقطاع المصرفي في لبنان بشقيه الخاص ومصرف لبنان، أن الإمكانات المالية الموظفة تتخطى قدرة الأفراد والجمعيات المحلية التي تعمل وتتحرك تحت شعار "حقوق المودعين"... كما تلاحظ أن أياً من الدعاوى والإخبارات المقدمة في الخارج لم تتحرك بناء على مبادرة عفوية أو معلومات تملكها النيابات العامة المعنية، وإنما جاءت بمبادرات من واجهات تتخفى وراءها أحزاب وقوى سياسية وسياسيون وإداريون وأمنيون لبنانيون سابقون يستفيدون من العلاقات الأمنية والمالية والاستخباراتية و"الصداقات" التي بنوها خلال توليهم مناصب معينة في لبنان.
كما تلاحظ هذه الجهات بأن على مدى أكثر من سنة من الحملات التي تستهدف رياض سلامة والمصرف المركزي اللبناني، لم تتقدم أي من الدعاوى أية خطوات جدية الى الأمام بالنظر الى افتقادها للمعطيات والإثباتات والدلائل. لا بل على العكس، في كل مرة يستشعر خصوم سلامة وصول دعوى أو إخبار الى طريق مسدود، يبادرون الى التقدم بدعوى جديدة أو إخبار جديد في محاولة لإبقاء ماكينتهم الإعلامية والدعائية قيد العمل على تشويه صورة سلامة وشيطنته أمام الرأي العام اللبناني والخارجي.
وتتساءل هذه الجهات: إذا كان من يتقدمون بالدعاوى والإخبارات ضد رياض سلامة حريصين فعلاً على معرفة الحقيقة في الهدر والفساد ومصير المال العام، لماذا لم يتقدموا بأي إخبار أو دعوى ضد أي شخصية سياسية حزبية أو مسؤولة ممن سبق لهم أن تولوا أو ممن يتولون حالياً مسؤوليات تخولهم صرف الأموال العامة والتصرف بها والوصول اليها؟
وتسأل: ألم يسبق للإدارة الأميركية أن اتهمت ثلاثة وزراء سابقين بالفساد وتبييض الأموال وتمويل الإرهاب واختلاس المال العام وصرفه في غير مكانه الصحيح، وأدرجتهم على هذا الأساس على لائحة العقوبات؟ فلماذا لم يبادر الحريصون على المال العام وأموال المودعين إلى التقدم بدعوى واحدة أو إخبار في لبنان والخارج ضد هؤلاء؟ ولماذا التركيز على رياض سلامة ومصرف لبنان والمصارف التجارية؟ ألا يعتبر ذلك محاولة لإخفاء المرتكبين وتحويل الأنظار عنهم وتضليل التحقيق واشغال الأجهزة القضائية بملفات مفبركة وهو ما يعتبر من الجرائم التي تعرض مرتكبيها للملاحقات الجنائية؟
وتختم: سبق أن شهد لبنان منذ العام 1990 حملات متلاحقة لتوظيف القضاء اللبناني وتسخيره لأهداف سياسية، وها هي الجهات نفسها التي عرفت بريادتها في هذا المجال على مدى سنوات تعيد الكرّة هذه المرة مع رياض سلامة، من خلال تركيب الملفات وتوسيع دائرة تسخير القضاء لأهداف سياسية لتشمل محاولاتها هذه المرة القضاء الأوروبي والأميركي بعدما ألحقت بصورة القضاء اللبناني أفدح الأَضرار... لكن الفارق سيكون في النتائج لأن القضاء الأجنبي لا يمكن أن يقبل بأن يتحول إلى أداة بيد مجموعات تحمل أجندات سياسية لبنانية وإقليمية تسعى للانتقام السياسي من خصومها.