شبيب لـ kataeb.org عن تعيين قاضٍ رديف في انفجار المرفأ: القانون انتبه الى فكرة الرديف ولكن ليس للمحقق

ما يزال التحقيق في انفجار مرفأ بيروت يدور في حلقة مفرغة بعد كفّ يد المحقق العدلي طارق البيطار. وفي ظل توقّف التحقيق، أشعل توجيه وزير العدل في حكومة تصريف الأعمال هنري خوري بتاريخ 5 أيلول 2022 كتابًا إلى مجلس القضاء الأعلى والذي طلب فيه العمل على البتّ بمبدأ تعيين محقق عدلي لمعالجة الأمور الضرورية والملحّة طيلة فترة تعذر قيام المحقق العدلي الأصلي بمهامه – كطلبات إخلاء السبيل والدفوع الشكلية وذلك إلى حين زوال المانع الذي يحول دون ممارسة الأخير مهامه لحسن سير العمل القضائي وإحقاق الحق، موجة ردود عنيفة لجهة مدى قانونية هذا الطلب.

عن هذا الموضوع يقول محافظ بيروت السابق القاضي زياد شبيب في حديث لموقعنا إن ما من سابقة لهذا التعيين، موضحًا أن البعض يعتبر أن هذا القرار استند إلى سابقة حصلت في التحقيق بجريمة اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري عندما تم انتداب محقق عدلي ثانٍ، لأن المحقق آنذاك كان خارج البلاد، وجاءت طلبات طارئة من لجنة التحقيق الدولية، فاضطر المجلس إلى انتداب قاضٍ رديف إنجاز تلك الطلبات، لكنها ليست سابقة ولا يمكن البناء عليها، وحتى صاحب العلاقة آنذاك القاضي جهاد الوادي قال إنه لم يتبلّغ ذلك القرار وكان سيرفضه.

 

وأشار شبيب إلى أن قانون أصول المحاكمات الجزائية وتحديداً في الفصل المتعلق بالمجلس العدلي يتحدث عن فكرة القاضي الرديف ولكن بالنسبة إلى المجلس العدلي، حيث ينص على:

يتألف المجلس العدلي من:

  • الرئيس الأول لمحكمة التمييز (رئيساً). وإذا تعذّر عليه أن يترأس هيئة المجلس، يتولى رئاسته العضو المعين الأعلى رتبة (م358 أ.م.ج.).
  • أربعة قضاة من محكمة التمييز (أعضاء)، يعينون بمرسوم يتخذ في مجلس الوزراء بناءً على اقتراح وزير العدل وموافقة مجلس القضاء الأعلى. ويعيّن في المرسوم قاضٍ إضافي أو أكثر ليحل محل الأصيل في حال وفاته أو تنحيه أو رده أو انتهاء خدمته.

 

وأضاف شبيب أنه في ما يتعلق بالمجلس العدلي، هناك أحكام تتحدث عن بديل أو بدلاء، بينما ليس هناك نص عن رديف أو بديل للمحقق العدلي، وهذا يعني أن المشترع الذي لم يغفَل عن معالجة مسألة ضرورة استكمال المجلس العدلي قصد ألا يضع أحكاماً مماثلة بالنسبة للمحقق العدلي. والسبب يعود كما يتبين من المقارنة بين النصين الى الاختلاف في أداة التعيين. فالمجلس العدلي يعيّن بمرسوم في مجلس الوزراء بينما المحقّق يعيّن بقرار من وزير العدل بعد موافقة مجلس القضاء، أي أن تعيينه أو تعيين البديل عنه هو مطبخ داخلي ضمن إطار العدلية ولا حاجة للاحتراز لمسألة غيابه أو تعذره مسبقاً.

وعلى هذا الأساس المحقق ينكبّ على تحقيقه، أما إذا تمت تنحيته أو استقال فيعيّن غيره، لأن آلية التعيين باليد وهي قرار من وزير العدل بناء على موافقة مجلس القضاء الأعلى، أي الآلية التي يتحدثون عنها اليوم لتعيين رديف.

 

واستطرد قائلا: "إن سبب اللجوء إلى هذه الآلية هو حالة الاستعصاء، ولأنهم غير قادرين على تغيير المحقق، فتّشوا عن حل وسط، في ظل الـBlocage  المستمر الذي أدى إلى تعطيل التحقيق، وهناك موقوفون على ذمة التحقيق، فابتدعوا حلًا وسطًا".

 

هذا بالنسبة إلى تعيين محقق رديف، لكن السؤال وفق شبيب يمتد إلى الحديث عن مدى جواز تعدّد المحققين في قضية واحدة. ويقول: "تنصّ المادة 360 من قانون أصول المحاكمات الجزائية على أنه يتولّى التحقيق قاضٍ يعيّنه وزير العدل بناء على موافقة مجلس القضاء الأعلى"، سائلا: "هل هذا يعني أنه لا يجوز تعيين أكثر من قاضٍ في المطلق وليس في جريمة المرفأ بحد ذاتها؟"

أضاف: "النص يتحدث بصيغة المفرد يعني أنه يعيّن قاضٍ لكل جريمة"، شارحًا: "إن الإحالة على المجلس العدلي في تفجير المرفأ جاءت بصيغة المفرد أيضاً حيث يقول المرسوم تُحال جريمة انفجار المرفأ إلى المجلس العدلي"، فهي جريمة نُظر إليها على أنها جريمة واحدة في مرسوم الإحالة، أي ملف واحد، وبالتالي هناك قاضي تحقيق واحد لها، ولكن هل هي بالفعل جريمة واحدة أم أكثر من جريمة؟"

وتابع: "طبعاً هناك افعال جرمية عدة ارتكبت في إطار النتيجة التي آلت إلى التفجير، فهناك من أحضر البضاعة ووضعها وخزّنها ومن يتاجر بالنيترات ومن ارتكبوا الإهمال، والفعل المسبّب للانفجار".

 

وختم بأن "التفكير بالتجزئة على هذا الأساس اذا كان ممكناً نظرياً فهو شديد الصعوبة عملياً، والبحث في هذا الشأن نظرياً على الأقل يستدعي الحديث عن تعدّد الإحالات إلى المجلس العدلي أو تعدّد الجرائم المحالة عليه بموجب مرسوم الإحالة، ويمكن عندها فقط التفكير بتعدّد المحققين، على ما تتضمنه عملية التجزئة النظرية هذه من مخاطر على سير التحقيق بسبب التداخل والترابط بين مساراته. أما ما حصل في جريمة المرفأ، فقد حصل في جريمة واحدة وهناك محقق واحد لها، كما ينص قانون أصول المحاكمات الجزائية على أن هناك محققًا عدليًا واحدًا، لذلك ذهبوا إلى صيغة الرديف التي لم يلحظها القانون قصداً كما سبقت الإشارة".