المصدر: المدن
الكاتب: وليد حسين
الخميس 1 حزيران 2023 16:49:20
رغم اقتراب موعد الامتحانات الرسمية، ولا سيما للتعليم المهني المقررة في النصف الثاني من الشهر الحالي، ما زالت الشكوك حول إمكانية تمكن وزارة التربية من إجراء الامتحانات قائمة في أروقة الوزارة نفسها، وبين الأساتذة أيضاً. هذا فيما انتهت الدروس في صفوف الشهادات وانتقل الطلاب إلى الاستعداد للامتحانات في بيوتهم. علماً أن مرد الشكوك في أروقة وزارة التربية تتعلق بكيفية تمويل الامتحانات، ليس لناحية التعويضات التي يتلقاها الأساتذة المراقبون وتأمين اللوجستيات، التي ستموّلها منظمة اليونيسف، بل لناحية التعويضات للأعمال الإدارية. والشكوك مضاعفة بما يتعلق بالتعليم المهني، الذي لا يحظى بأي تمويل من اليونيسف.
اليونيسف وشبهات الهدر
مصادر مطلعة في وزارة التربية لفتت إلى أن منظمة اليونيسف رفضت تمويل الأعمال الإدارية المتعلقة بالامتحانات، رغم أنها العامود الفقري الأساسي للامتحانات. والمقصود بالأعمال الإدارية كل الأعمال التحضيرية السابقة واللاحقة للامتحانات مثل لجان الامتحانات بمختلف مسمياتها، ولجان الإشراف على التصحيح، وأعمال توزيع مراكز الامتحانات، وتوزيع المراقبين والأساتذة والطلاب، وأعمال تسجيل طلبات الترشيح والمكننة وتصوير المستندات.. وغيرها من الأمور اللوجستية التي تتضمن توزيع المسابقات على المراكز.
ووفق المصادر، رفضت اليونيسف تمويل هذه الأعمال، رغم أن لا امتحانات من دونها. ومرد الرفض هو عدم رغبة اليونيسف بـ"وجعة الراس" التي تحصل في الأعمال الإدارية، وما يرافقها من شبهات هدر وعدم شفافية في كيفية حشو اللجان بأشخاص لمجرد تلقي الحوافز بالدولار. فاليونيسف تتأثر بما يتناقله الإعلام حول الأعمال الإدارية والمحسوبيات التي تحصل فيها. بالتالي، تفضّل المنظمة الأممية عدم الاقتراب من هذا الموضوع. لكن المصادر تشدّد على أن مقاربة اليونيسف هذه مجتزأة لواقع الحال. فإذا كان أحد المسؤولين الكبار في الوزارة قد أدخل السنة الفائتة بعض الأشخاص، المعدودين على أصابع اليد، في أعمال الامتحانات، لتلقي بعض الحوافز الدولارية، فحري بالمنظمة الدولية التدقيق في هذه التفاصيل، لا الامتناع عن تمويل الأعمال التحضيرية، التي لا يمكن للامتحانات أن تجري من دونها.
مصادر متابعة للامتحانات، تؤكد أن المنظمة الدولية تتشدد في كل تفصيل المتعلقة بالامتحانات. فهي من يقوم بإجراء المناقصات لتأمين اللوجستيات. حتى أن المنظمة اشترت القرطاسية المتعلقة بالامتحانات بأسعار أعلى من تلك التي كانت العام الفائت، عندما كانت الوزارة تقوم بإجراء المناقصات. وهذا يضع علامات استفهام حول أداء المنظمة في كيفية مقاربة الأمور. فإذا كانت هناك شبهات هدر فيجب أن تسأل المنظمة الأممية عنه قبل وزارة التربية.
من قرض البنك الدولي
مصادر أخرى تؤكد أن الامتحانات الرسمية ستجري بموعدها رغم كل عراقيل التمويل. ففي حال لم تؤمن منظمة اليونيسف كل التمويل المطلوب سيصار إلى تأمين الأموال المتبقية من مصادر أخرى. فتمويل الامتحانات لا يمر كله بالصندوق الائتماني للتربية، التي ترعاه اليونيسف. ما حصل هو أن وزارة التربية رفعت ميزانية الامتحانات إلى منظمة اليونيسف والأخيرة ستمول الجزء المتعلق بها، عبر الصندوق الائتماني. وفي حال لم تمول الأعمال الإدارية سيعمل الوزير عباس الحلبي على دفع الكلفة المتبقية من قرض البنك الدولي لمشروع S2R2. أو ربما من مصادر أخرى. فالأساس بالنسبة للحلبي أن الامتحانات قائمة وفي موعدها ولا تراجع عنها بتاتاً.
لكن في حال أمن الحلبي التمويل المتبقي من قرض البنك الدولي، فهذا يعني أن الوزارة ستقع في عجز كبير في كيفية تنظيم حساباتها العام الدراسي المقبل. فالعام الفائت مولت الوزارة جزءاً أساسياً من الامتحانات الرسمية للثانوي والبروفيه من القرض، ومولت كل امتحانات التعليم المهني من القرض. كما أن جزءاً من الحوافز التي دفعت للأساتذة هذا العام الدراسي كانت من القرض. وبالتالي، إنفاق ما تبقى من أموال في القرض على الامتحانات، يعني إفلاس رسمي في العام الدراسي المقبل، في حال بقاء وضع التمويل الدولي للتربية على حاله، تقول مصادر متابعة في الوزارة.
غموض برّي بامتحانات المهني
أما الطامة الكبرى في الامتحانات المقبلة، فيكمن في عدم تمويل منظمة اليونيسف الامتحانات الرسمية للتعليم المهني. فبخلاف التعليم الرسمي، حيث وافقت اليونيسف على تمويل تعويضات الأساتذة الذين سيشاركون بالامتحانات، لم توافق المنظمة الأممية على تمويل التعويضات لأساتذة التعليم المهني، بل وافقت فقط على تمويل اللوجستيات. وتقول مصادر بالتعليم المهني أن المديرة العامة هنادي بري أكدت لرابطة الأساتذة أن اليونيسف ستمول ميزانية التعويضات التي ستمنح للمراقبين والمصححين، وتعمل على شمل الأعمال الإدارية أيضاً.
مصادر مطلعة في مديرية التعليم المهني أكدت أن هناك غموضاً تاماً بهذا الملف. فلا أحد غير بري يعلم بمصير تمويل الامتحانات. وهي لا تفصح عن أي شيء حتى للمسؤولين المعنيين في المديرية. والمسألة لا تتعلق بتمويل الأعمال الإدارية، وإذا كانت اللجان ستحصل على تعويضات أم لا، بل ليس معروفاً إذا كانت التعويضات ستشمل المراقبين والمصححين أيضاً.
لكن ما تعتبر المصادر المطلعة غموضاً، بسبب حصر ملف الامتحانات ببري شخصياً، لا يعني أن تمويل الامتحانات سيأتي من اليونيسف. فالمنظمة الأممية لا تمول إلا مرحلة التعليم الأساسي أصلاً. وتمويل امتحانات الثانوي أتى على حساب التعليم الأساسي. بينما تمويل التعليم المهني فعلى عاتق وزارة التربية والامتحانات أيضاً، وهذا لن يتم إلا من خلال قرض البنك الدولي.
الخلاصة المرة في الامتحانات الرسمية، أن لبنان دخل منذ العام الفائت بمرحلة الاقتراض لتمويل امتحانات رسمية لشهادة مشكوك بمستوها العلمي، جراء الانهيار الحاصل في القطاع منذ ثلاث سنوات.