المصدر: وكالة الأنباء المركزية
الكاتب: جوانا فرحات
الثلاثاء 29 تشرين الأول 2024 17:07:19
"إنه اليوم "الأعنف على بعلبك" منذ بدء التصعيد في هذه المنطقة النائية والحدودية مع سوريا". بهذه الجملة اختصر محافظ بعلبك -الهرمل بشير خضر المشهد السوداوي الذي لف مدينة الشمس يوم أمس حيث استهدفت إسرائيل مدينة بعلبك خلال الـ24 ساعة ب 35 غارة أدت إلى سقوط 67 شهيدا وأكثر من 120 جريحا. ولاتزال أعمال رفع الأنقاض جارية بحثاً عن ضحايا تحت الأنقاض.
تلك الحصيلة الموجعة ليست نهائية، خصوصا أن القصف الإسرائيلي شمل بلدات عديدة إضافة إلى بعلبك بحسب تصريح للمحافظ خضر وهي شمسطار والحلانية وسرعين التحتا وتمنين وقصرنبا وبريتال وطاريا والرام وبوداي وحدث بعلبك والحفير وحزين وعين بورضاي والنبي شيت والعلاق وحوش الرافقة.
أسماء بالكاد سمع بها غالبية اللبنانيين لكنها في عيون البعلبكيين تبقى الشاهد على ذكريات عاشوها في بيت بناه الأجداد للأجيال المقبلة، وتاريخ محفور بمنازل سُوِّيت بالأرض ولم يبق منها إلا رائحة الموت والدمار.
حتى اللحظة لا تزال أعمدة بعلبك الشاهد الوحيد على الدمار والحرائق ورائحة الموت، إلا أن الخوف من أن تطال الصواريخ التي تستهدف مدينة بعلبك بات أكبر مما كان متوقعا خصوصا بعدما استهدف القصف يوم أمس أطراف ثكنة غورو التاريخية والتي تبعد عشرات الأمتار فقط عن موقع قلعة بعلبك الأثري.
في 16 آب الماضي عرض حزب الله منشآته المحصنة تحت الأرض لتخزين الصواريخ في فيديو بعنوان "عماد 4" وتم نشره على شبكات التواصل الإجتماعي. لكن أيا من أهالي المناطق التي تعتبر جغرافيا تابعة لحزب الله فكّر للحظة أنه سيتحول إلى نازح في أرضه، وأن بيته المعمر على نفق او مستودع للسلاح والصواريخ والذخيرة سيتحول إلى رماد.
"بعلبك فارغة من أهلها" يقول رئيس بلدية القاع بشير مطر الذي شهد كما كل أهالي قضاء بعلبك-الهرمل على أعنف ليلة قصف مما أدى إلى حركة نزوح كبيرة من قرى القضاء. ونامت الغالبية في سياراتها في انتظار طلوع الضوء. لكن بالنسبة إلى البعض "ليته لم يطلع "بعدما شاهدوا منازلهم المدمرة وقرأوا أسماء ضحايا من الأقارب أو الأصدقاء.
مطر الذي يصر على عبارة "ضيوف" وليس نازحين يلفت عبر "المركزية" إلى الأزمة التي تعانيها بلدة القاع التي تأوي حوالى 4000 نازح من قرى القضاء وتتمثل بنقص حاد في المواد الأساسية ومنها الأغطية خصوصا أننا على أبواب فصل الشتاء وكما هو معلوم فإن الطقس البارد بدأ باكرا هذه السنة إضافة إلى مادة المازوت للتدفئة والإستعمال اليومي لمضخات المياه. ويشير إلى عجز البلديات عن رفع أرتال النفايات التي بدأت تتكدس في الشوارع مخلفة أزمة صحية جديدة.
بالنسبة إلى المواد الغذائية "ما راح نجوع وما راح نسمح لأي ضيف نازح أنو يحس أو يعاني من الجوع". لكن ثمة ما هو أهم. فعدد المستشفيات في القضاء قليل وهناك 3 في الهرمل لكن لا يوجد بنك دم واحد مثلا. وفي حال تكررت همجية القصف التي عاشها أهالي القضاء ليل أمس فنحن على أبواب كارثة. أضف إلى ذلك النقص في المعدات والآليات لرفع الأنقاض. وما هو متوافر لدى الدفاع المدني بالكاد يقوم بالمهام المطلوبة. وقد سمعنا ليل أمس المناشدات لإحضار آليات لرفع الأنقاض وإنقاذ العالقين تحتها. ومع إقفال عدد من المعابر الرئيسية بسبب القصف والردميات ارتفعت تكلفة النقل بين القرى "لكننا بالعونة قادرون على تخطي الأزمات العابرة".
هم جديد أضيف إلى مهام المجتمعات المضيفة للنازحين وهو تأمين مراكز إيواء جديدة للنازحين المقيمين في المدارس الرسمية بعدما أعلن وزير التربية في حكومة تصريف الأعمال عباس الحلبي عن موعد بدء العام الدراسي فيها في 4 تشرين الثاني المقبل. ويوضح مطر أن العمل جار لتأمين مراكز إيواء جديدة بعد إخلاء المدارس، كما تم وضع خطة موازية لتلامذة القاع الرسمي تعتمد على التعلم في المدارس الخاصة في فترة بعد الظهر.
"بنك أهداف العدوان" عبارة تتردد في أوساط أهالي القضاء ويتم تناقلها على صفحات وسائل التواصل الإجتماعي ومن عناوينها فصل البقاع عن لبنان. "لكن هذا مجرد كلام وأخبار كاذبة والناس في غنى عن أخبار يتم تداولها لمجرد التهويل. فالوضع صعب لكن الإيجابية أن الأمور على المستوى الأمني لا تزال تحت السيطرة. وما يعزز من شبكة الأمان تواجد لعناصر الجيش اللبناني وقوى الأمن الداخلي.
ما حصل أشبه بالزلزال بالنسبة إلى الدولة، يقول مطر، في حين كان يفترض أن تضع الدولة خطة مدروسة منذ بدء إعلان حزب الله دخول الحرب لمساندة غزة في 8 تشرين الأول 2023. من هنا فإن المعاناة كبيرة على كافة المستويات الصحية والإجتماعية والمساعدات التي تصل غير كافية حتى أنه يمكن القول بأنها مبادرات فردية والمطلوب خطة منظمة ومدروسة وشفافة لمساعدة الأهالي في المجتمعات المضيفة".
نداء أخير يوجهه مطر إلى كل مسؤول في الحزب أو عنصر أمني كما كل مواطن في المناطق التي تضم مراكز إيواء نازحين" إبتعدوا عن مناطقنا حفاظا على أرواح الضيوف النازحين وأرواح المسالمين في المجتمعات المضيفة". ويختم مؤكدا "ضرورة عودة الدولة إلى كنف الجمهورية وانتخاب رئيس للجمهورية بأسرع وقت ممكن ليجلس إلى طاولة المفاوضات ويصار إلى وقف إطلاق النار وإعادة إعمار المنازل والمؤسسات التي تهدمت حتى يعود النازحون إلى بيوتهم لأن لبنان لا يحتمل أزمة نزوح جديدة والناس ما فيا تكمل . عكس ذلك منكون فتنا بآتون جديد".