شهيد جديد على مذبح الوطن... ابن عكار دفع حياته ثمناً لمنع عمليات التهريب

انضم إلى صفوف الجيش اللبناني قبل سنوات، لخدمة وطنه وتأمين مستقبله، وعند قيامه بواجبه تلقى رصاصات غادرة من خارجين عن القانون، لم يبالوا بإزهاق روح شاب كان يقوم بواجبه في منع التهريب من لبنان إلى سوريا... ارتقى ابن بلدة عكار عبد الرحمن وردة شهيداً تحت جنح الظلام بعدما كمن مهربون لدورية للجيش.

 طلقات غادرة

 في الأمس، انطلق عبد الرحمن ومجموعة من زملائه لضبط الحدود ومنع التهريب وإيقاف العابثين بحقوق اللبنانين، وإذ به كما قال عمه بسام لـ"النهار" يسلم الروح بعدما غدره المهربون بطلقات نارية من الخلف أصابت خمس منها جسده، واحدة حطت في قلبة منهية حياته"، وشرح: "المهمة كانت في جرود بلدة عرسال، بعدما كثرت عمليات التهريب، وما إن وصل وزملاءه إلى المكان حتى تفاجأوا بمكمن قام به مهربون يستقلون أربع دراجات نارية، ترجل عبد الرحمن من المركبة، حاول اللاحق بهم، لكن للأسف غدروا به".

 رحيل أبدي

عن عمر 23 سنة سلّم ابن بلدة الدورة الروح، قبل أن يحقق أحلامه وطموحاته، هو الذي ارتبط بابنة عمه بسام قبل سنة ونصف السنة، حيث كان يعمل على إنهاء منزله لكي يزف عريساً، وقبل يوم من استشهاده قصد خطيبته في الجامعة ومن ثم زار منزل عمه حيث مازحه متسائلاً (أيمتى بدك تزوجني؟)، قبل أن يرحل إلى الأبد، وقال بسام: "عند الساعة الثانية عشرة والنصف ليلاً تلقينا اتصالاً اطّلعنا خلاله على الكارثة، لنصدم بهول الخسارة الكبيرة".

لا كلمات يمكنها وصف طيبة وأخلاق عبد الرحمن حيث كما قال بسام: "يكفي أني قبلت ارتباطه بابنتي، أي إني أمّنته على عرضي، فقد كان من خيرة الشبان، عصامياً، خلوقاً وباراً بوالديه".

 نعي رسمي

قيادة الجيش – مديرية التوجيه نعت عبد الرحمن الذي "مددت خدماته في الجيش اعتباراً من 20 / 10 / 2016، وهو الحائز على تنويه العماد قائد الجيش وتهنئته عدة مرات، يُنقل الجثمان بتاريخ 7 / 11 / 2020 الساعة 10.00 من مستشفى دار الأمل الجامعي إلى بلدة الدورة التحتا - عكار، حيث يقام المأتم الساعة 15,00 ويوارى الثرى في جبانة البلدة المذكورة".

والتشييع

شيعت قيادة الجيش وأهالي بلدة الدورة العريف الشهيد عبد الرحمن وردة، الذي استشهد جراء إطلاق نار في جرود بلدة عرسال.

استقبل جثمان الشهيد حشد كبير من أبناء الدورة والجومة وعكار، عند مدخل البلدة، حيث رفع النعش ملفوفا بالعلم اللبناني على الأكف، وسار موكب التشييع على إيقاع موسيقى الجيش ووسط الزغاريد ونثر الورود. وأقيمت في جبانة البلدة الصلاة عن روحه، ثم ووري في الثرى في حضور العميد المهندس ابراهيم درنيقه ممثلا وزارة الدفاع وقيادة الجيش.

وقد ألقى درنيقه كلمة قال فيها: "تختلط في قلوبنا مشاعر الاعتزاز مع مشاعر الأسى، اذ نجتمع اليوم لوداع رفيق سلاحنا العريف المجند الشهيد عبد الرحمن وردة، الذي جسد خلال حياته قيما وطنية ومناقبية وإخلاصا للجيش وولاء للبنان، وجسد في شهادته التضحية القصوى بعد ان اختارته السماء ليكون في مصاف من سبقوه من الشهداء الأبرار".

أضاف:" وهكذا كل عسكري تربى على رسالة الجندية واعتنق مبادئها عن اقتناع وايمان، يحسب كل يوم يقضيه في خدمة بلاده، صفحة مشرقة، تضاف الى سجل حياته العسكرية، ويرى في الجهد والتعب وبذل الدماء، مدعاة فخر له في دفاعه عن بلاده وأرواح اخوته في الوطن. أما الشهادة فهي دائما نصب عينيه، منذ أن انضم الى مسيرة الشرف والتضحية والوفاء، فيظل مستعدا لبذل حياته على مذبح الوطن حين تدعو الحاجة، فيصد بذلك كيد الأعداء المتربصين بنا شرا".

وتابع: "لا شك أن مزايا شهيدنا كانت نتاج تربية وطنية صالحة، كان في عائلة أحبت الجيش، وشجعت ابنها عبد الرحمن على التطوع في صفوفه، وهذا ليس غريبا عن بلدتكم الدورة، المحبة للجيش والوفية للنهج الوطني القويم، واننا نجد عزاءنا في افراد اسرة الشهيد، الذين اخذوا المناقب السامية، ونعتبرهم ابناء لنا، وامانة في اعناقنا، وسوف تبقى ابواب المؤسسة العسكرية، مفتوحة امامهم لتستقبلهم وتعينهم في مختلف الشؤون".

وقدم درنيقة باسم وزيرة الدفاع الوطني في حكومة تصريف الأعمال زينة عكر وقائد الجيش العماد جوزاف عون، التعازي لذوي الشهيد، سائلا الله "ان يمن عليه برحمته الواسعة وان يلهم أهله الصبر والسلوان".

وختم درنيقة: "الرحمة والخلود لشهدائنا الأبرار والمجد للجيش، عشتم وعاش الجيش وعاش لبنان".

بعد ذلك تقبلت العائلة التعازي.