المصدر: Kataeb.org
الكاتب: شادي هيلانة
الثلاثاء 22 تموز 2025 14:35:29
في وقتٍ تُتخذ فيه قرارات القتال في العشائر تقليديًا بشكل جماعي وتوافقي، اختار بعض شبّان العشائر العربية اللبنانية، لا سيما من شمال البلاد، الانخراط بشكل فردي في القتال الدائر في محافظة السويداء السورية، من دون العودة إلى المرجعيات العشائرية أو التنسيق معها. بحسب أحد شيوخ العشائر، فإن هؤلاء الشبّان تحرّكوا بدافع شخصي لنُصرة أهالي البدو، فكانوا من أوائل من عبروا الحدود للمشاركة في المواجهات ضد مجموعات "الهجري".
من بين الأسماء التي برزت، مصطفى سليمان مليحان، المعروف بـ"أبو فاطمة"، ابن بلدة الرامة في وادي خالد – عكار، البالغ من العمر 25 عامًا وأب لثلاثة أطفال. كان قد ظهر في مقطع فيديو من داخل السويداء متعهّدًا بالعودة "منتصرًا"، لكنّه عاد جثمانًا محمولًا على الأكتاف في جنازة شعبية حاشدة أقيمت له في مسقط رأسه، حيث اعتبره أبناء بلدته "شهيد العشيرة والوطن".
في حديث إلى kataeb.org، يوضح شيخ عشائري بارز أنّ مليحان يحمل الجنسيتين اللبنانية والسورية، وكان يقيم في مدينة حمص منذ أكثر من عامين. وقد التحق بجهاز أمني تابع للنظام السوري بعد سقوط النظام السابق، ما يعني أنّ مشاركته في المعركة لم تكن انتقالًا من لبنان، بل من الداخل السوري.
ويضيف الشيخ: "نُقل جثمانه إلى وادي خالد حيث تعيش عائلته، وقد استُقبل هناك بالتكبير والاعتزاز. ليس حبًا بالحرب، بل لأن ما قام به يمثّل دفاعًا عن القيم القومية العربية وكرامة العشائر التي لا نساوم عليها. بعد الإهانات التي وجّهها وئام وهاب لأبناء البدو وشتمه لرموز أمثال رفيق الحريري وابن تيمية، لم يعد الصمت خيارًا، بل صار تواطؤًا".
وعن مشاركة محمود سليم العريضي، وهو سوري مقيم في بلدة بحنين – المنية، يشير الشيخ إلى أنّ قراره، كغيره من المشاركين، كان فرديًا ولم يصدر عن مرجعية عشائرية. ويوضح: "العشائر ليست حزبًا منظّمًا. شبابنا يتحرّكون بدافع داخلي وانتماء قومي، وغالبًا من دون إبلاغ أحد سوى عائلاتهم. لا تنسيق ولا تعبئة منظّمة، بل حماسة شخصية".
ويؤكّد أنّ أعداد اللبنانيين المشاركين في معركة السويداء تبقى محدودة، ومعظمهم من أصول سورية ويعيشون في قرى حدودية، ما يجعل تحرّكهم ضمن نطاق جغرافي سوري بالأصل.
وفي ردّه على الاتهامات التي وُجّهت للعشائر بالتطرّف و"الداعشية"، قال الشيخ بنبرة صارمة: "من يحرق ويهدم ويعلّق النساء والأطفال هو من يستحق هذه الصفات. الإسلام لا يُختزل بطائفة، ولا يُشوّه بالإرهاب. حين تدخّل حزب الله في الحرب السورية، لم يتّهمه أحد بالإرهاب. نحن لا نقاتل خدمةً لأجندات خارجية، بل انطلاقًا من نخوة عروبية أصيلة".
وحول العريضي، الذي أثارت مشاركته الكثير من الجدل، تكشف مصادر من منطقته أنّه من مدينة حمص، وقد عاد إلى سوريا بعد انهيار النظام السابق، حيث التحق بجهاز أمني تابع للقيادة الجديدة. ما ينفي الشائعات حول انتمائه للطائفة الدرزية. ويؤكد أحد معارفه أن والده، سليم العريضي، يعيش في المنية منذ أكثر من ثلاثة عقود ويُعرف بحسن سيرته وأخلاقه، وكان يعمل "معلّم بلاط" لدى عائلات في المنطقة.
في المحصلة، يظهر أنّ ما يجري يتجاوز الحسابات السياسية أو التنظيمية، ويتعلّق بردود فعل تلقائية من شبّان يرون أنفسهم جزءًا من معركة تمسّ هويتهم وانتماءهم وكرامتهم. واختتم الشيخ حديثه قائلاً: "الصمت الرسمي والإقليمي إزاء ما يحدث، مثير للريبة، ولم يعد مقبولًا السكوت عنه."