المصدر: النهار
الكاتب: محمود فقيه
الأربعاء 18 كانون الاول 2024 09:02:30
عقود من الزمن نجح الثنائي الشيعي خلالها في طمس أي صوت شيعي غرد خارج سربه. كانت البداية بدفن اليسار، ثم النقابات بتآمر مشترك مع نظام البعث واستيعاب بعض رموز الإقطاع السياسي القديم.
وعلى خط مواز لهذه الالتفافات السياسية، مارست القوى التي تحولت إلى أمر واقع في مناطقها سياسة التخوين والترهيب وصولاً إلى اغتيال أي صوت قد يخرج معارضاً سياسات الإفساد والاستئثار. وجريمتا اغتيال لقمان سليم وهاشم سلمان ما زالتا في الذاكرة القريبة. ولا ننسى حملات التصفية الدموية للمفكرين الشيعة من الشيوعيين خلال الحرب الأهلية، من أمثال حسين مروة وحسن حمدان (مهدي عامل).
ولإعادة تأطير الصوت الشيعي المعارض، تستضيف نقابة الصحافة في بيروت اليوم لقاء تحت عنوان "نحو الإنقاذ" لإطلاق وثيقة سياسية تدعو إلى "لبنان وطن نهائي، عربي الهوية"، وتجمع نخبة من المعارضين الشيعة، على أن تستضيف النقابة لقاء آخر الجمعة المقبل بدعوة من "المنبر الوطني للإنقاذ" بغية إطلاق "النداء الوطني" حول خريطة الإنقاذ والثوابت. وكلاهما في فلك واحد.
يصف الناشط السياسي هادي مراد المبادرة بأنها "وطنية بالدرجة الأولى تجمع ناشطين صحافيين وسياسيين وفنانين من كل الطوائف، ولا سيما من الطائفة الشيعية. والهدف من اللقاء هو إطلاق وثيقة سياسية من رحم الدستور للتأكيد أن اللبنانيين والشيعة تحديدا ينتمون إلى لبنان بكامل سيادته وفي كنف الهوية العربية. التوقيت متفق عليه حتى قبل حرب غزة، ولكن ظروف الحرب أخرته. هي ورشة عمل للاستقطاب والعصف الفكري والانطلاق إلى كل فئات المجتمع، على أن تُستتبع بورش أخرى".
المحاولتان من سلسلة محاولات نشأت بهدف إيصال الصوت الآخر، وقد بدأت تأخذ حيزاً في السنوات الأخيرة على الساحة اللبنانية مع شباب من الطائفة لديهم بعد وطني بخطاب لا طائفي ترشحوا في مواجهة الثنائي خلال الانتخابات النيابية الأخيرة.
يؤكد مؤسس "حركة تحرر" علي خليفة أن "هذه المحاولات ليست وليدة اللحظة كما يحاول البعض تصويرها، ومشروع الاعتراض الشيعي كان واجب الوجود منذ البداية".
ويضيف: "نحن في حركة تحرر لم ننتظر هزيمة حزب الله السياسية لرفع الصوت، بل إننا نعمل منذ أكثر من سنتين ونرفع الصوت ونأخذ المبادرة ونطرح مشروع الدولة واستعادة أدوارها، ولا سيما بالدفاع والأمن".
ويطرح خليفة مشروع "محاسبة حزب الله والأفرقاء السياسيين الذين استسهلوا التضحية بدور الدولة وسمحوا للحزب بفتح حرب لا تنسجم مع فكرة المقاومة".
لا يفصل الأستاذ الجامعي علي مراد التغيرات التاريخية في المشهد السوري عنها في الداخل اللبناني لشدة تأثيرها على الواقع. ويرى "أن ما يجري يعيد الاعتبار إلى المعارضين الجنوبيين والبقاعيين الذي تحملوا ما لا يمكن تحمله في العقود السابقة. الأولوية اليوم لتحرير الفضاء السياسي في البيئة الشيعية كي لا تخضع إعادة الإعمار لمنطق الزبائنية والابتزاز، ومنع أي نقاش سياسي حول ما جرى وتحمل المسؤوليات". الحديث عن اجتماع الناس في مكان واحد يتنافى في رأيه مع التنوع في وجهات النظر ومقاربة أمور ليست هامشية، فالنظرة إلى "حزب الله" لا يمكن أن تكون المسألة الوحيدة التي تتحكم في العلاقة السياسية بين الأطراف.
ويلفت إلى أن العمل ضمن إطار يحمل صبغة "شيعية" لا يحظى بقبول قسم كبير من معارضي للثنائي.
ويبرر مراد سبب انعقاد لقاءين في نقابة الصحافة لمعارضي "حزب الله" بالقول: "إن معارضة الفكر الأحادي تدعو الناس إلى أن تجتمع بمن يشبهونها في الطروحات".