صفقة تبادل الأسرى تلوح في الأفق... ونهاية الحرب على غزة تقترب

مع تصاعد الحديث عن إحراز تقدم في مفاوضات صفقة تبادل الأسرى بين إسرائيل وحركة «حماس» بوساطة قطرية - مصرية - تركية، تُفتح الآفاق أمام نهاية قريبة لـ «حرب الإبادة» الإسرائيلية على قطاع غزة.

وفي ظل هذه التطورات، ناقش رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو مع وزرائه وكبار المسؤولين السياسيين والعسكريين، ملامح اليوم التالي للحرب، ما يعكس اهتمام حكومته بالتحضير للمرحلة المقبلة قبل دخول الرئيس الأميركي دونالد ترامب البيت الأبيض في 20 يناير.


وبحث نتنياهو، هاتفياً مع ترامب، ليلة الأحد، اتفاقاً محتملاً في شأن الرهائن، والحرب ضد حركة «حماس» والوضع في سورية.

إلى ذلك، تأتي المداولات الداخلية، بعد أشهر من الامتناع عن بحث القضية، ما يشير إلى تقدم ملحوظ في مسار التفاوض.

وبحسب صحيفة «إسرائيل هيوم»، فإن اجتماع نتنياهو الأخير تناول إمكانية الحفاظ على حرية العمل العسكري في غزة، بعد الحرب، مع التأكيد على ضرورة إيجاد بديل عن حكم «حماس»، لمنع إعادة بناء قوتها العسكرية.

وقال مصدر عسكري إن غياب هذا البديل قد يؤدي إلى عودة التهديدات خلال سنوات قليلة.

وعن التقدم في المفاوضات، والذي جاء في سياق تغييرات إقليمية ودولية، ذكرت الصحيفة، ان أبرزها تراجع الدعم الإيراني لـ«حماس»، واستمرار تهديدات الإدارة الأميركية بفرض ضغوط على الأطراف لتعجيل إنهاء الحرب.

وتُعد صفقة تبادل الأسرى جزءاً محورياً في هذا المسار، حيث أشار مسؤول إسرائيلي إلى أن الضغط الأميركي المتزايد و«عزلة حماس» عربياً ودولياً دفعا الأخيرة للقبول بخطوات لم تكن مطروحة سابقاً.

حسابات معقدة

على الجانب الفلسطيني، تنظر «حماس» إلى الصفقة كفرصة للحفاظ على شرعيتها بعد أشهر من التصعيد العسكري والخسائر البشرية والمادية الهائلة في صفوف المدنيين والبنية التحتية للقطاع المحاصر منذ العام 2006.

ومع ذلك تواجه الحركة معضلة الموازنة بين تحقيق مكاسب سياسية والقبول بشروط إسرائيلية قاسية قد تؤثر على صورتها أمام أنصارها ومحور المقاومة الذي تركها وحيدة في الميدان.


في السياق، لاتزال قضية إعادة إعمار غزة وإيجاد ضمانات لعدم عودة الحرب تمثل تحدياً رئيسياً، فالإصرار الإسرائيلي على استمرار السيطرة الأمنية في غزة ومعابرها وأجوائها وحدودها البحرية، يعني أن أي تسوية ستواجه عقبات كبيرة تتطلب دعماً إقليمياً ودولياً، لتحقيق استقرار طويل الأمد.

الضفة وتداعيات غير متوقعة

في موازاة ذلك، ناقش المجلس الوزاري الأمني المصغر (الكابينيت) الأوضاع في الضفة الغربية المحتلة، مع تصاعد التخوفات من انتقال عدوى المقاومة من غزة إلى الشمال الضفة، حيث قدم يوم الجمعة، وزير المال بتسلئيل سموتريتش مقترحات لضربات استباقية لمواجهة أي تصعيد محتمل.

وبحسب مصادر سياسية، فإن الحكومة تخشى أن تؤدي التطورات في غزة إلى تأجيج الأوضاع في الضفة التي تشتعل غضباً، ما قد يعقّد الوضع الأمني.

حصار الاقتصاد الفلسطيني

تزامناً مع هذه التطورات، يواجه الفلسطينيون في الضفة وغزة أزمات اقتصادية خانقة، فمنذ 7 أكتوبر، تمنع إسرائيل دخول عشرات الآلاف من العمال الفلسطينيين إلى داخل الخط الأخضر للعمل، ما أدى إلى تفاقم الفقر والبطالة في المناطق الفلسطينية.

وذكرت صحيفة «هآرتس» أن هذا الإجراء يمثل جريمة أخلاقية وانتهاكاً للقوانين الدولية، حيث يعتمد الاقتصاد الفلسطيني بشكل كبير على العمالة في إسرائيل.

وأفادت «إسرائيل هيوم» بأن هذا الوضع يدفع إلى تساؤلات حول قدرة الفلسطينيين على تجاوز التداعيات الاقتصادية للحرب، خصوصاً في ظل استمرار القيود الإسرائيلية على حركة الأفراد والبضائع. ويزيد من تعقيد الموقف غياب التنسيق بين الحكومة الإسرائيلية والسلطة الفلسطينية، مع تصاعد التوترات السياسية بين الطرفين.

في ضوء هذه المعطيات، يبدو أن صفقة تبادل الأسرى تشكل نقطة تحول في الأزمة، لكنها ليست سوى بداية لمسار طويل ومعقد. فالتوصل إلى تسوية شاملة يتطلب تحقيق توازن بين المطالب الإسرائيلية بضمان الأمن والمطالب الفلسطينية برفع الحصار وتحقيق العدالة وخلق مسار سياسي يحقق من خلاله الفلسطينيون أهدافهم بالحرية والكرامة.

مع اقتراب نهاية الحرب، تبرز تحديات بناء السلام وإعادة الإعمار كأولويات ملحة، في حين أن الفجوة العميقة بين الطرفين تفرض على المجتمع الدولي دوراً حاسماً في ضمان نجاح أي اتفاق مستقبلي. الصفقة المرتقبة قد تنهي فصولاً دامية من الصراع، لكنها لن تكون نهاية المطاف في صراع طويل الأمد تتداخل فيه الحسابات السياسية والإنسانية.

الحرب وإعادة الإعمار

ومع استمرار حرب الإبادة ومواصلة الاحتلال العمليات العسكرية في غزة، تظهر صورة اقتصادية قاتمة للقطاع المحاصر، حيث يعيش نحو مليوني فلسطيني تحت وطأة الفقر والدمار. بالنسبة لإسرائيل، الحرب انتهت، وأعيد توجيه الأنظار إلى إعادة الإعمار واستعادة الأنشطة الاقتصادية في المناطق المحيطة. لكن في غزة، الواقع مختلف تماماً، إذ يواجه السكان كارثة اقتصادية واجتماعية غير مسبوقة.

البنية التحتية المدمرة

وتعرَّضت غالبية المباني والبنية التحتية الأساسية في غزة للدمار أو الأضرار البالغة، حيث يشمل ذلك المساكن، المستشفيات، المدارس، المساجد، الكنائس، الجامعات، شبكات الكهرباء والمياه، الدوائر الحكومية والمؤسسات العامة والخاصة.

وتقدر قيمة الأضرار المادية بمليارات الدولارات، ما يعقد أي محاولة للعودة إلى الحياة الطبيعية أو الانتعاش الاقتصادي.

وتسبب توقف الأنشطة الاقتصادية، في معاناة القطاع من شلل شبه كامل في التجارة والصناعة، فالمصانع إما دُمِّرت وإما توقفت عن العمل بسبب نقص الوقود والمواد الخام.

كما وصلت البطالة في غزة إلى معدلات قياسية، مع تقديرات تفوق 70 في المئة من القوى العاملة.

أزمة إنسانية

ومع تواصل الحصار الإسرائيلي، تعاني غزة من نقص حاد في المواد الغذائية والطبية، ما يؤدي إلى تفاقم الأزمة الإنسانية، حيث يعتمد السكان بشكل كبير على المساعدات الدولية، التي تواجه تحديات لوجستية وسياسية في الوصول إلى القطاع.

ومع استمرار الأزمة تعاني الأسواق المحلية في غزة من ندرة البضائع وارتفاع الأسعار بشكل غير مسبوق، كما انخفضت القوة الشرائية لدى السكان بسبب فقدان الدخل والبطالة.