المصدر: المدن
الكاتب: سعيد غبريس
الأحد 4 كانون الاول 2022 00:09:07
استعار جياني أنفانتينو السويسري الإيطالي وصهر لبنان، لقب "اللعيب" من تعويذة المونديال التاريخي الإستثنائي، التعويذة الرقمية الأولى في تاريخ كأس العالم، ليسجل هدفاً غير منظور في مونديال قطر بتواجده في مباراتين، أكثر من مرة، تقامان في وقت واحد، مؤكداً بذلك إحدى الميزات التي طبعت المونديال العربي الشرق أوسطي، والتي طالما ذكرها، وهي سهولة التنقل من ملعب لآخر وإمكانية حضور أكثر من مباراة في اليوم الواحد، وهذه إحدى الخصائص العديدة التي قدّمها المونديال الثاني والعشرون.
سقوط 5 أبطال وإقصاء إثنين
الإثارة التي بلغت حد الجنون، عنوان جديد للمونديال بعد أحداث غير متوقعة في دور المجموعات، التي عادة ما تظهر في المونديالات بشكل محدود. فبدلاً من أن ينقض صقور المونديال على العصافير، تحولوا فريسة لها، فتلقى الخسارة، ولو لمرة واحدة، خمسة من أبطال العالم: البرازيل والأرجنتين وأسبانيا وألمانيا والأوروغواي، والأخيران أصبحا خارج المونديال من الدور الأول. ناهيك ببلجيكا المصنفة ثانية عالمياً، والدانمارك إحدى الفرق المرشحة للمنافسة.
و"الجنون" في النتائج بحد ذاته يتمثل بخسارة الكبار مباراة على الأقل وخروج بعضهم نهائياً، أمام فرق لا يتعدى طموحها تخطي الدور الأول. أكثر من ذلك لم يسقط أي من هؤلاء "الكبار" أمام أمثالهم. فالأرجنتينيون وميسي، صاروا هباءً أمام السعوديين مع صالح الشهري الذي سمته الصحف الأرجنتينية "الجلاد" وسالم الدوسري الذي تجاوز ثلاثة مدافعين وقام بحركة دوران لا تصدق مسجلاً الهدف الثاني، صُنف في المركز الثاني سعودياً بعد هدف سعيد العويران في بلجيكا 1994، كأحد أفضل الأهداف في تاريخ كأس العالم. وأصبح بنظر الأرجنتينيين رجل المناسبات التاريخية،. أمّا ميسي فقد حفظ ماء الوجه بالهدف "البنالتي" وخبّأ وجهه في مقابل هتافات الجمهور السعودي "ميسي وينو كسرنا عينو"!!. وأهم ما في هذا الفوز أنه أوقف سلسلة مباريات من 36 بلا خسارة...
بطل عالم آخر سقط أمام فريق عربي آخر: منتخب فرنسا الذي كسره التونسي وهبي الخزري بهدف المباراة الوحيد، مما دعا المدرب ديشامب إلى أن يعيد النظر في إراحة اللاعبين الأساسيين فأعادهم الواحد تلو الآخر: رابيو ومبابي وغريزمان وديمبلي. ولكن جل ما فعلوه هدف ملغى بداعي التسلل، علماً أنّ هدفاً تونسياً ألغي بداعي التسلل أيضاً في الدقيقة الثامنة. فكانت الهزيمة الأولى "للديوك" بعد 3071 يوماً. غير أنّ فوز أستراليا على الدانمارك حرم تونس من التأهل فكان الفوز على فرنسا أكبر عزاء وأفضل وداع.
اليابان بطل الدور الأول
ونبقى مع الفرق العربية وفوز المغرب على بلجيكا المرشحة للمنافسة والمصنفة ثانية حسب "الفيفا" بهدفين نظيفين، وهذا ما أسهم في إقصاء "الشياطين الحمر" وإيقاف سلسلتها التاريخية من 8 إنتصارات في دور المجموعات. ولكن المغرب سجل في قطر سلسلة من 13 رقماً قياسياً، منها أنه أول فريق عربي يتأهل مرتين متتاليتين، والأول في تصدّر لائحته بسبع نقاط ويحقق فوزين ويسجل أكبر عدد من الأهداف (4) وأقل أهداف في مرماه (واحد) كما في 1986. وهو أيضاً لم يخسر أي مباراة في قطر.
ولكن يجب أن نعترف أن المنتخب الياباني هو بطل الدور الأول. كيف لا وهو الذي هزم بطلين للعالم: ألمانيا وأسبانيا وبالنتيجة ذاتها (2-1) وتصدر المجموعة الخامسة بفارق هدفين عنهما. وخرجت ألمانيا بفارق الأهداف حاملة اللعنة الآسيوية، فهي خرجت من مونديال 2018 بخسارة أمام كوريا الجنوبية بهدفين نظيفين، وكذلك خرجت أمام اليابان في 2022 بهدفين لواحد سجلهما لاعبان يشاركان في " البوند سليغا" وبعدما كسرت اليابان غرور الألمان، إنقضت على أسبانيا بهدفين في الدقائق الخمس الأولى من الشوط الثاني، رداً على هدف أسبانيا في الشوط الأول، لتتأهل للمرة الرابعة في سبع مشاركات وتتصدر مجموعتها للمرة الأولى. والغريب في نتائج المجموعة أنّ اليابان هزمت بطلين للعالم وخسرت أمام كوستاريكا التي كانت أسبانيا اكتسحتها بسباعية نظيفة. والغريب أيضاً أنّ "السامورائي" هزم "الماتادور" بأقل نسبة استحواذ (17.7 بالمئة) فيما خسر أمام كوستاريكا مع أنه استحوذ بنسبة 57 بالمئة!!.
أبو بكر يغتال البرازيل
ولعل خسارة البرازيل بطلة العالم خمس مرات، أمام الكاميرون من غرائب المونديال، ولو أنّ فريق السامبا رقص بالفرقة الثانية. وظلّ المدرب تيتي يكابر حتى قبل ربع الساعة الأخير حين أدخل رافينا، وانتظر تحقيق الفوز في أواخر الدقائق جرياً على العادة، ولكن السحر انقلب على الساحر فكان الغاني أبو بكر هو المبادر بتسجيل هدف الفوز من هجمة مرتدة في آخر ثواني الوقت بدل الضائع، ويحقق أول فوز أفريقي على أبطال العالم فكان عنوان المباراة : أبو بكر يغتال البرازيل.
وبالإمكان وضع فوز كوريا الجنوبية على البرتغال ورونالدو في خانة سقوط الكبار أمام الصغار ولو أنّ الفوز الآسيوي (2-1) لم يؤثر على تأهل "برازيل أوروبا" فالفوز كان دراماتيكياً صنعه "سون المقنع" الذي أستدعي للمونديال في آخر لحظة، والذي جرى بالكرة 78 متراً متخطياً أربعة مدافعين ومرسلاً كرة خالصة إلى هونغ.. فبكى رونالدو بدون ذرف الدموع على دكة الإحتياطي بعدما أخرجه المدرب لسوء الأداء وارتكاب الأخطاء، وأفدحها إهداء كرة هدف التعادل للخصم وإضاعة فرصتين في مواجهة الحارس الكوري. علماً أنّ رونالدو تسبّب في ركلة جزاء أمام غانا وسجّل منها رقمه القياسي كأول لاعب يسجل في خمسة مونديالات متتالية.
المغرب شريك المتميّزين
وما يلفت الإنتباه أنّ مفاجآت المونديال كانت من صنع الكرتين الآسيوية والأفريقية والكرة العربية التي سجّلت أكبر عدد من الإنتصارات في نسخة واحدة. فكل من فرقها حقّق فوزاً على فريق كبير باستثناء العنابي الذي لم يكن له لون ولم يظفر إلا بهدف مونتاري "التاريخي" في مرمى السنغال، كونه الوحيد لقطر في مونديالها.
وكانت المغرب وتونس مع هولندا والولايات المتحدة وكرواتيا والبرازيل الأقوى دفاعاً بهدف واحد في مرماها. فيما كانت المغرب مع إنكلترا وهولندا الأكثر نقاطاً (7). وأيضاً كانت المغرب مع إنكلترا وهولندا وكرواتيا والولايات المتحدة بلا خسارة.
وثمة علامة سلبية في الدور الأول، بعدم تحقيق أي فريق العلامة الكاملة، وهو المونديال االرابع بعد 1958 و1962 و1994. واقتصر تصدّر "الصغار" للمجموعات على اليابان والمغرب، فيما كان السعودي سالم الدوسري العربي الوحيد الذي سجّل هدفين. علماً أنّ خمسة لاعبين تقاسموا لقب هداف الدور الأول بثلاثة.
ولا بد من التنويه أنّ المنتخبات الآسيوية سجلت حضوراً تاريخياً بتأهل اثنين منها: اليابان وكوريا الجنوبية إضافة إلى أستراليا. فيما تأهل أفريقيان: المغرب والسنغال. وهذه علامة أخرى في سجل النقاط لأسود الأطلس.