المصدر: الجريدة الكويتية
الأربعاء 11 كانون الاول 2024 23:27:13
عقب السقوط المدوّي لنظام بشار الأسد في سورية، تتعالى أصوات السوريين المطالِبة بملاحقة المسؤولين السابقين في النظام المخلوع. وتضم قائمة أبرز المسؤولين العسكريين السابقين للأسد الذين ارتكبوا وساهموا على مدار سنوات في عمليات القتل والانتهاكات، بدءاً من استخدام الأسلحة الكيميائية ضد السوريين، وصولاً إلى عمليات القصف وتعذيب المعتقلين.
تُعدّ هذه الأسماء جزءاً من قائمة طويلة لمسؤولين سابقين في نظام الأسد، يواجهون اتهامات بارتكاب عمليات تهجير وقتل للمدنيين، وكان لهم دور كبير أيضاً في تثبيت دعائم النظام طوال سنوات الثورة السورية وقبلها.
ماهر الأسد
في مقدمة الأسماء البارزة، ماهر الأسد، شقيق رئيس النظام المخلوع والابن الثالث لحافظ الأسد. منذ العام 2018، تولّى ماهر الأسد قيادة الفرقة الرابعة في جيش النظام، التي كانت تُعدّ بمثابة «وحدة النخبة» في جيش نظام الأسد، وأبرز المسؤولين عن قمع الثورة السورية واجتياح وتدمير المدن التي ثارت على النظام منذ مارس 2011. يُعدّ ماهر الأسد من أبرز المتورطين في ارتكاب النظام لمجزرة سجن صيدنايا يوم 5 يوليو 2008، وذلك بعدما نفّذ مجموعة من المعتقلين تمرداً داخل السجن.
نشر موقع «ويكيليكس» وثائق تؤكد ارتكاب النظام لمجزرة داخل السجن عام 2008، وقدّر أن 25 معتقلاً قُتلوا داخل السجن، الذي أثارت صور المعتقلين المفرج عنهم أيضاً بعد سقوط نظام الأسد يوم 8 ديسمبر 2024 صدمة في العالم.
كان ماهر الأسد بمثابة «دولة مستقلة بنفسه» داخل سورية، وكان مطار المزة العسكري تحت إمرته، ولعب هذا المطار دوراً كبيراً في قصف الأحياء والبلدات التي ثارت على النظام في ريف دمشق. وكان للفرقة الرابعة التي قادها ماهر الأسد دور كبير في تأمين وتسهيل تجارة «الكبتاغون» ونقله من المصانع إلى المرافئ السورية، تمهيداً لنقله إلى خارج سورية.
وطالت عقوبات أوروبية وأمريكية ماهر الأسد منذ العام 2011، كما طالته «عقوبات قيصر» في العام 2020، التي فرضتها على خلفية تسريب عشرات آلاف الصور لمعتقلين قتلهم النظام في السجون.
جميل الحسن
تولى الحسن منصب مدير إدارة المخابرات الجوية في سورية التي كانت تُعرف بشدة تعذيب المعتقلين في سجونها. وكان الحسن من بين أبرز المستشارين المقربين لبشار الأسد، ومعروفاً عنه تأييده الشديد للدموية في قمع الشعب السوري.
تورط جهاز المخابرات الجوية الذي قاده الحسن في تعذيب المعتقلين، ويتهم المسؤولون عن هذا الجهاز الأمني بأنهم ارتكبوا عمليات قتل واغتصاب وقتل المئات، وفرضت أمريكا عقوبات على الحسن بسبب تورطه في ارتكاب انتهاكات للمدنيين. يُعتبر الحسن من أشد المؤيدين في نظام الأسد لفكرة «القمع المفرط».
وفي مقابلة أجراها الحسن مع وكالة «سبوتنيك» الروسية عام 2016، رأى أن رد فعل نظام الأسد السابق على احتجاجات 2011 لم يكن كافياً، وقال إنه يجب أن يكون مماثلاً لتلك التي طبّقها النظام في حماة عام 1982، حيث قُتل خلال أيام عشرات الآلاف من المدنيين.
واستشهد الحسن بمثال آخر في ساحة الطلاب في الصين الذين كانوا يتظاهرون ضد السلطات، وقال «لو لم تحسم الدولة الصينية فوضى الطلاب لضاعت الصين وضيعها الغرب».
تُنسب إلى الحسن المسؤولية عن فكرة قصف السوريين بالبراميل المتفجرة، وهو ما أشار إليه محلل لبناني موالٍ للنظام في سورية، ميخائيل عوض، الذي قال في مقابلة تلفزيونية إنه يوجّه تحية إلى الحسن لما له من «دور في صنع البراميل المتفجرة التي أخذ بها الأسد بعد نصيحة منه»، معتبراً أنها «كانت أكثر فعالية من الصواريخ المجنحة، وأقل كلفة».
سهيل الحسن
كان العقيد سهيل الحسن أحد أبرز القادة العسكريين الميدانيين في قوات نظام الأسد المخلوع. أطلق عليه أنصاره اسم «النمر»، وعُرف عنه وعن قواته القسوة المفرطة التي استخدموها ضد المدنيين في المناطق الخارجة عن السيطرة، وخلال المعارك التي كان يخوضها ضد قوات المعارضة.
اتخذت المعارك التي كان يخوضها الحسن ضد مناطق المعارضة سمة بارزة، وهي اتباع سياسة الأرض المحروقة، حيث كان يعتمد على التفوق الجوي الذي يتم دعمه به. في البداية، كانت الطائرات تشن عشرات الغارات قبل أن تدخل قواته البرية. عبّر الحسن مراراً عن تأييده لفكرة «السحق العسكري»، لفتت وحشيته المفرطة في مقاتلة المعارضين للنظام نظر روسيا، التي قدّمت له دعماً جوياً كبيراً في معاركه ساعده في تحقيق انتصارات عسكرية.
وصل نفوذ سهيل الحسن في جيش النظام إلى حد جعل الروس يكرمونه على قيادته للمعارك في سورية. بلغ الدعم الروسي للحسن حداً جعله ينافس بشار الأسد على النفوذ داخل الجيش، مستنداً بذلك إلى النفوذ الكبير الذي كانت تتمتع به قواته والمسماة «قوات النمر».
في العام 2017، كافأ بشار الأسد سهيل الحسن وقرر تعيينه رئيساً لفرع المنطقة الشمالية للمخابرات الجوية. ومع ذلك، لم يكن للحسن دور بارز في المعارك التي بدأت يوم 27 نوفمبر 2024، والتي أدت في النهاية إلى سقوط الأسد، وقد أصيب الحسن في هذه المعارك، ولم تصمد قواته أمام هجمات قوات المعارضة. في العام 2017 فرضت الولايات المتحدة عقوبات على سهيل الحسن، إلى جانب 16 مسؤلاً آخرين، بسبب استخدام الأسلحة الكيميائية في سورية.
علي مملوك
تولى علي مملوك منصب مستشار الأسد لشؤون الأمن الوطني، إضافة إلى العديد من المناصب الأمنية الحساسة داخل نظام الأسد، مثل رئاسة جهاز المخابرات العامة «أمن الدولة» في عام 2005، ورئاسة فرع التحقيق في المخابرات الجوية. يُعدّ مملوك من بين أبرز وجوه النظام الذين لعبوا دوراً مهماً في تطوير قدرات الاستخبارات في سورية وزيادة قمع الحريات للسوريين. من بين المهام الكبيرة التي أُوكلت لمملوك خلال مسيرته في نظام الأسد الإشراف على البرنامج الكيميائي للنظام، كان أحد الضباط المشرفين على تجارب الأسلحة الكيميائية خلال الفترة 1985-1995، واستخدامها ضد معتقلين سياسيين بسجن تدمر في «الوحدة 417» التابعة للمخابرات الجوية، والواقعة بالقرب من استراحة «الصفا» في منطقة أبو الشامات بالبادية السورية.
تم حينها تجريب الأسلحة الكيميائية على المعتقلين، ومن ثم محو آثار الجريمة في المنطقة عبر قصفها بالطيران الحربي، بحسب ما ذكرته منظمة «مع العدالة». كان لمملوك دور كبير في قمع الاحتجاجات في سورية، إذ كان عضواً في «خلية إدارة الأزمة» التي تم تشكيلها بهدف التصدي للمعارضين، وفرضت كل من أوروبا وبريطانيا وكندا عقوبات على مملوك لمشاركته في تنفيذ انتهاكات بسورية.
محمد رحمون
قبل سقوط نظام الأسد، كان محمد رحمون يتولى منصب وزير الداخلية، يُعد من الوجوه الأمنية المعروفة في سورية بتورطها في اعتقال المدنيين والتنكيل بهم.
تولى رحمون، قبل أن يصبح وزيراً للداخلية، مناصب أمنية عديدة، منها رئاسة قسم المخابرات الجوية في درعا عام 2004، ثم رئاسة المخابرات الجوية في المنطقة الجنوبية، التي كان مقرها في مدينة حرستا بريف دمشق، إضافة إلى رئاسة شعبة الأمن السياسي.
يُعرف «فرع الجوية» في حرستا بأنه «فرع الموت»، إذ امتلأ الفرع بالمعتقلين الذين تظاهروا ضد الأسد، وعُرف أيضاً بأنه كان أشبه بثكنة عسكرية محصنة بشكل جيد.
تضمنت أصناف الانتهاكات للمعتقلين في فرع المخابرات الجوية بحرستا تركهم حتى تنهشهم الأمراض، إضافة إلى بقائهم لأيام بدون طعام، والحرق بالنايلون، والتعذيب في الأعضاء الحساسة، والضرب بالهراوات، والحرق بالولاعات، والدولاب.
قبل ساعات من سقوط الأسد، خرج رحمون – المدرج على قوائم العقوبات الأمريكية – في تصريح من وسط العاصمة دمشق قال فيه إن هناك طوقاً أمنياً على دمشق يصعب تجاوزه، ولكن لم يمض وقت طويل حتى دخلت قوات المعارضة إلى العاصمة، واختفى رحمون منها.
زهير الأسد
زهير الأسد هو الأخ غير الشقيق لحافظ الأسد، وقد تخرّج من الكلية الحربية في سرايا الدفاع، التي تورطت في ارتكاب مجزرة حماة عام 1982، والتي كان يقودها آنذاك رفعت الأسد «عم بشار الأسد».
لعب زهير الأسد دوراً بارزاً في قمع الاحتجاجات السورية عندما كان يتولى قيادة اللواء 90 في محافظة القنيطرة. وبحسب مركز «مع العدالة»، يُعتبر «اللواء زهير الأسد المسؤول المباشر عن كافة الجرائم التي ارتكبها عناصر (اللواء 90) في ريف دمشق الغربي والقنيطرة ودرعا».
كان من بين أساليب زهير الأسد لمعاقبة المعارضين للنظام، فرض حصار على المناطق المعارضة وحرمانها من الطعام، وقد فرضت الولايات المتحدة الأمريكية في العام 2020 عقوبات على زهير الأسد.
عاطف نجيب
مع بداية الثورة في سورية عام 2011، برز اسم العميد عاطف نجيب على نحو واسع، فهو من بين الأسباب الرئيسية التي فجّرت الاحتجاجات في سورية، وكان نجيب المسؤول عن اعتقال مجموعة من الأطفال في محافظة درعا، بسبب كتابتهم شعارات تنادي بالحرية على جدران مدرستهم.
نجيب، وهو ابن خالة بشار الأسد، كان يتولى رئاسة فرع الأمن السياسي في درعا. أدرجه الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة الأمريكية على قائمة العقوبات في العام 2011، وذلك بسبب دوره في قمع المظاهرات داخل سورية.
بسام مرهج الحسن
يُعدّ اللواء بسام – الذي كان يتولى منصب مدير المكتب الأمني والعسكري في القصر الجمهوري – من بين أبرز الضباط في جيش الأسد الذين كان لهم دور في استخدام الأسلحة الكيميائية ضد السوريين. تولى اللواء بسام مناصب عدة حساسة، مثل إدارة مكتب الاستعلام في القصر الجمهوري، وسرية الحراسة، وسرية الموكب.
وبحسب معهد «مع العدالة»، كان بسام أحد أبرز المسؤولين بشكل مباشر عن تمرير الأوامر العسكرية من القصر الجمهوري لوحدات جيش النظام سابقاً. أُدرج بسام على قائمة عقوبات أمريكية وأوروبية وكندية وبريطانية، وذكرت بريطانيا أن اللواء كان له دور في مركز الدراسات والبحوث العلمية الذي يرتبط بأنشطة الأسلحة الكيميائية.
محمد ديب زيتون
يعود دور اللواء محمد ديب زيتون في قمع الحريات في سورية إلى ما قبل احتجاجات 2011، إذ كان أحد المسؤولين عن التحقيق مع أعضاء مجموعة «إعلان دمشق» عام 2005، وكان هذا الإعلان قد وقّعته شخصيات سورية آنذاك، ودعت خلاله إلى إنهاء عقود من الحكم الدكتاتوري لعائلة الأسد. مع بدء الاحتجاجات في سورية، واصل زيتون مهمته في قمع الاحتجاجات.
عُيّن في العام 2012 في منصب مدير إدارة أمن الدولة، وقبل هذا المنصب تولّى رئاسة «الأمن السياسي»، وهي الجهة التي تصدرت مهمة قمع الاحتجاجات في درعا. كان زيتون من الشخصيات المقربة جداً من اللواء علي مملوك، وتم إدراجه في قائمة العقوبات الأمريكية والكندية والأوروبية والبريطانية. العميد طلال مخلوف تولى العميد طلال مخلوف منصب قيادة الحرس الجمهوري.
ولكونه من عائلة مخلوف التي تنتمي إليها أنيسة والدة بشار الأسد، استغل هذه الميزة وحصل على ترقيات سريعة ومتعددة داخل جيش النظام سابقاً. كان مخلوف من بين أبرز الضباط الذين تولوا قمع الاحتجاجات في سورية، ولعب اللواء 105 حرس جمهوري دوراً كبيراً في مهاجمة المتظاهرين في مناطق بالغوطة الشرقية بريف دمشق.
في تقرير سابق لمنظمة «هيومن رايتس ووتش»، نقلت المنظمة شهادات لجنود سابقين في الحرس الجمهوري تحدثوا عن أن مخلوف أعطى أوامر مباشرة لعناصره بإطلاق الرصاص مباشرة على المتظاهرين في حال رفضوا وقف التظاهر. أُدرج مخلوف على قائمة عقوبات أمريكية في العام 2017، فرضتها واشنطن على مسؤولين في النظام بسبب دورهم في استخدام الأسلحة الكيميائية. كما تم وضعه على قائمة العقوبات البريطانية في العام 2015.