المصدر: الانباء الكويتية
الثلاثاء 19 تشرين الثاني 2024 00:45:43
يدرك اللبنانيون جيدا وانطلاقا من تجاربهم في الحروب مع إسرائيل ان الاخيرة ستكثف ضرباتها في جميع المناطق اللبنانية، على الرغم من تقدم الإيجابيات بعد ما تردد عن موافقة لبنانية على المسودة الأميركية الخاصة بوقف محتمل لإطلاق النار.
ولا يمكن الحديث عن مكان آمن في البلاد بعد شمول الضربات الإسرائيلية بيروت الادارية مرتين أمس الأول وبفارق ثماني ساعات، لجهة اغتيال مسؤول العلاقات الاعلامية في «حزب الله» محمد عفيف بضربة على مبنى لـ«حزب البعث العربي الاشتراكي» في رأس النبع ـ السوديكو، ثم بضربة أخرى ليلا في شارع مار الياس استهدفت قياديا آخر في الحزب، ذلك ان الضربات الجوية الإسرائيلية طالت عمليا جميع المناطق اللبنانية من الجنوب إلى أقصى الشمال مرورا بالبقاع والسلسلة الجبلية الشرقية الفاصلة حدوديا بين لبنان وسورية.
صحيح ان الضربتين في بيروت أثارتا ذعر سكانها ومن يقصدها للعمل في مؤسسات رسمية وخاصة، وأدتا إلى تعليق الدروس في الجامعات والمدارس ليومين حضوريا في المنطقة وصولا إلى ساحل المتن وبعبدا وعاليه وساحل الشوف، وصحيح أيضا ان الضربتين تسببتا في موجة نزوح إضافية، الا ان الأصح ان اللبنانيين يدركون ان الساعات الفاصلة عن الزيارة المفترضة للموفد الأميركي آموس هوكشتاين ستشهد ذروة التصعيد، من دون الذهاب بعيدا في الوصول إلى سكوت أزيز الطائرات الحربية الإسرائيلية التي تلقي صواريخها الذكية في مختلف الأمكنة.
وقال رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي لـ«التلفزيون العربي»: «ان الملفات الضبابية تحل وجها لوجه». وأشار إلى«ان رد لبنان على الورقة الأميركية كان إيجابيا، ولكن بعض النقاط تحتاج إلى نقاش، ونأمل التوصل إلى وقف لإطلاق النار في لبنان في أقرب وقت».
وأضاف: «العنوان الأساسي بالنسبة الينا في المسودة الأميركية هو تطبيق القرار 1701، ولبنان ملتزم بتنفيذه وهدفنا أن يطبق في جنوب الليطاني كما نص عليه القرار، ولا بد من تحقيق الاستقرار ووقف الدمار وسفك الدماء في جنوب لبنان».
وتابع: «الرئيس نبيه بري يقود المباحثات مع الوسيط الأميركي وأنا على اتصال دائم معه. ولم أسمع عن شرط يتعلق بحرية التحركات العسكرية لإسرائيل في لبنان وهي مجرد تكهنات».
وقال: «ما يهمني هو تعزيز وجود الجيش في الجنوب اللبناني والا يكون هناك سلاح غير سلاح الشرعية». وشدد على «أنه لا بد من انسحاب العدو الإسرائيلي من أي خطوة قام بها داخل الأراضي اللبنانية».
وقال مسؤول لبناني كبير لـ«الأنباء» ان «عدم كبح جماح إسرائيل يعني استمرار الحرب. والرهان على الميدان جنوبا، بمنع الجيش الإسرائيلي من تثبيت نقاط برية له في الداخل اللبناني، ما يعني ارتفاع حدة المواجهات مع مقاتلي الحزب».
ورأى المسؤول «ان الكثير من الأمور مرتبطة بنتائج المعركة البرية، وخصوصا احتفاظ فريق الثنائي بقدرته على إمساك اللعبة السياسية في البلاد، وعدم تمكين معارضيه من التعامل معه كمهزوم».
وتابع المسؤول الرسمي: «طمأن فريق الثنائي جمهوره بإعادة الإعمار فور وضع الحرب أوزارها، وأكد عودة النازحين إلى بلداتهم وقراهم في الجنوب والبقاع، وتأمين بيوت جاهزة للمبيت قرب أملاكهم، قبل المباشرة بإعادة الإعمار. وهذه النقطة الأهم لدى رئيس مجلس النواب نبيه بري، اذ يرى فيها تجنب حدوث هجرة شيعية من البلاد».
على ان مسار وقف إطلاق النار يتحرك بخطوات قد تدفع نحو الاتفاق فيما لم تحسم زيارة هوكشتاين إلى بيروت التي تردد انها كانت مقررة اليوم الثلاثاء، على ان ينتقل منها إلى تل أبيب، وأمكن ملاحظة ان تصريحات ميقاتي لم تشر إلى موعد محدد للزيارة، في حين ذكر موقع «أكسيوس» ان الوسيط الأميركي أبلغ الرئيس نبيه بري بتأجيل زيارته إلى بيروت «إلى حين توضيح موقف لبنان من الاتفاق» الذي صاغه الوسيط الأميركي.
وأضاف الموقع الأميركي «ان الكرة في ملعب الجانب اللبناني ونريد إجابات من لبنان قبل مغادرة هوكشتاين إليها». وأضافت المصادر: «عكف الرئيسان بري وميقاتي على صياغة الرد اللبناني قبل تسليمه إلى الجانب الأميركي، وقد وافقا على الإطار العام منذ البداية على ان تبحث التفاصيل لاحقا، وانتظرا رد (حزب الله) الذي كانت كل المؤشرات تدل على انه ايجابي، نظرا إلى المرونة اللافتة في الموقف الايراني».
وذكرت المصادر «انه كان المطلوب عدم التريث في درس المقترح، لأن الأثمان الغالية التي يدفعها لبنان عن كل يوم تأخير تفوق التصور، خصوصا ان الجيش الاسرائيلي كثف الغارات المدمرة بغية إحداث أكبر ضرر في البنية الاقتصادية والحياتية للسكان، على غرار ما فعله في الاسبوع الأخير من حرب يوليو عام 2006، لإجبار لبنان على تقديم تنازلات كان من الممكن ان يتمسك ببعضها أو يجري نقاشا حولها، لولا الإحساس بأن كل ساعة تأخير لها ثمن كبير».
ميدانيا، واصل الجيش الإسرائيلي محاولات التقدم نحو مدينة بنت جبيل في القطاع الأوسط على محورين وسط مواجهات عنيفة. كما تقدم في القطاع الشرقي نحو بلدة الخيام مجددا. وفي القطاع الغربي الساحلي أدخلت القوات الإسرائيلية بطاريات المدفعية إلى بلدة شمع وتحديدا تلة القلعة والنبي شمعون المشرفة على الساحل. وتحركت أمس في اتجاه تلة البياضة التي تمكنها من السيطرة على كامل الساحل الممتد من الناقورة إلى مدينة صور.الا ان مقاتلي «حزب الله» تمكنوا من صدها.
وقال مصدر عسكري لبناني لـ«الأنباء»: «الوضع على الأرض إلى تصاعد في ظل ما يقوم به الجيش الإسرائيلي، الذي يستبق المفاوضات بمحاولات تكريس مطالبه بالنار، مستخدما أقصى ما يملكه من إمكانات عسكرية متطورة، بميزانية مفتوحة غير محددة بسقف».
توازيا، بدت العاصمة بيروت «مسمومة» قبل ظهر الاثنين بحسب عدد كبير من أبنائها. وأبدى البعض لـ«الأنباء» خشيته من «الانتقال إلى مرحلة ينذرنا فيها أفيخاي أدرعي بإخلاء منازلنا وأحيائنا، علما ان الاستهداف الفجائي الحاصل أشد خطورة على الناس». وكانت الحركة خفيفة في شوارع العاصمة بسبب تعطيل المدارس، ورغبة عدد كبير من المواطنين في ملازمة منازلهم، وعدم مغادرتها الا للضرورة. كذلك امتنع عدد كبير من الموظفين في القطاعين الخاص والرسمي عن التوجه إلى أمكنة عملهم.وحصل سجال في شأن إخلاء نازحين من ست مدارس تتوزع ملكيتها مناصفة بين مؤسسات مسيحية وإسلامية، لجهة اعتراض البعض على نقلهم إلى حرم مدينة كميل شمعون الرياضية في بئر حسن، التابعة عقاريا لبلدية الغبيري.