المصدر: وكالة الأنباء المركزية
الكاتب: جوانا فرحات
الثلاثاء 8 آب 2023 11:59:42
مبدئيا لا صوت يعلو صوت طبول الحرب في المنطقة. فمن جهة هناك ما يشبه انهيار الإتفاق السعودي - الإيراني أو أقله تعطيله وتجميده ، مما أدى إلى رسم مشهدية غليان جديدة. ويتعزز ذلك مع تجميد افتتاح السفارة السعودية في إيران التي استبشر بها الزعماء والسياسيون خيرا لبلادهم لحظة الإعلان عنها، يضاف إليها فرملة الإتجاه الديبلوماسي السعودي نحو سوريا، والحراك العسكري غير البريء لإيران في الكويت وتوتر الوضع في العراق.
كل هذه المؤشرات قد تفسر خلفية البيانات الصادرة عن سفارات كل من المملكة العربية السعودية والكويت والإمارات والبحرين وألمانيا التي تدعو رعاياها إلى عدم السفر إلى لبنان أو مغادرة الأراضي اللبنانية على وجه السرعة . أما من يرغب في البقاء فقد وجهت إليه سفارات الدول رسائل بضرورة أخذ الحيطة والحذر في تنقلاتهم والإبتعاد عن المناطق التي تحصل فيها إشتباكات. ولكن عن أية اشتباكات يتكلمون وما المقصود بالإبتعاد عن المناطق الأكثر سخونة والتبليغ عن أماكن تواجدهم؟
للوهلة الأولى تقول إنها الحرب على الأبواب. فهل يكون ذلك من أرض الواقع أو يمكن وضعه في خانة الضغط السياسي لانتخاب رئيس للجمهورية وفق المواصفات الدولية، وهو ما لم تستجب له القوى اللبنانية حتى الآن، فيما النتيجة العربية تعني أنه في حال عدم الإتفاق على رئيس بهذه المواصفات، فإنه لن تكون معنيّة بالعودة إلى لبنان وتقديم الدعم والمساعدة، أو أقله الإستجابة للبنود المتعلقة بمسألة انتخاب رئيس التي وردت في البيان الختامي للجنة الخماسية في الدوحة.
في ما خص البيانات الديبلوماسية يشير الباحث المتخصص في الشؤون الأمنية أحمد الأيوبي إلى أن الدعوات الموجهة إلى الرعايا العرب والأجانب بمغادرة لبنان على وجه السرعة ليست تهويلية وحسب "فلبنان ليس إلا صندوق بريد لكل الصراعات في المنطقة وتحديدا الرسائل الإيرانية. وهنا لا بد من العودة إلى خطاب أمين عام حزب الله حسن نصرالله الذي يشير فيه إلى وجود أزمة في الإتفاق السعودي- الإيراني وفي خطابه ما قبل الأخير عاد ليهاجم المملكة العربية السعودية بعد طول صمت منذ توقيع الإتفاق، كما هاجم دولة البحرين باتهامه السلطات البحرينية بتهجير سكانها وتجنيس آخرين من جنسيات أجنبية".
نكرر السؤال لماذا البيانات المفاجئة بين ليلة وضحاها علما أن المعارك في مخيم عين الحلوة توقفت وهذا ما أثار ريبة رئيس مجلس النواب نبيه بري والنائب السابق وليد جنبلاط خلال زيارته عين التينة عصر أمس؟.
"ليس الوضع المتوتر إقليميا وراء كل البيانات الديبلوماسية يقول الأيوبي ،إنما لأن لبنان هو الساحة الخصبة التي تستطيع فيها إيران تفجير الموقف سريعا وهذا ما شهدناه في مخيم عين الحلوة حيث كشفت نتائج المعارك أن هناك مجموعة من المسلحين المتطرفين تم دعمها بالسلاح والعتاد مما مكّنها من تشكيل مربع أمني داخل مخيم عين الحلوة ولم تتمكن منظمة "فتح" من حسم المعارك والسيطرة على المجموعات المتطرفة التي استحدثت مواقع لها على أرض المربع الأمني في مواجهة "فتح" وهذا تقدم لحال التطرف في وجه الفصائل الفلسطينية ".
نقطة أخرى يشير إليها الأيوبي وتستحق التوقف عندها. ففي اجتماع القاهرة الأخير صدر بيان نص في أحد بنوده على ضرورة إلغاء مفاعيل اتفاق القاهرة الموقع عام 1968 مما يعني إلغاء فكرة استعمال السلاح داخل المخيمات الفلسطينية المتواجدة على الأراضي اللبنانية. هذا القرار أزعج حتما إيران التي تصر على استعمال واستغلال ورقة المخيمات الفلسطينية فكان الرد في إشعال المعارك في مخيم عين الحلوة".
أن تتجدد الإشتباكات والمعارك في عين الحلوة فهذا أمر مرجح "لأن ما استقرّت عليه الأمور لا يكفي لإعادة الإستقرار ". ويشير الأيوبي إلى " الخطوة التي قامت بها النائبة السابقة بهية الحريري عندما استقبلت أمين عام الهيئة العليا للإغاثة وتم البحث في إمكانية المساعدة والتعويض على اللاجئين الفلسطينيين الذين تضررت منازلهم ومصالحهم التجارية نتيجة معارك مخيم عين الحلوة. هذا الأمرمن مسؤولية المنظمات الفلسطينية التي تملك ملايين الدولارات وليس من واجب السلطات اللبنانية إقحام نفسها والتدخل في مسألة التعويضات خشية أن تتحول المساعدات إلى شكل من أشكال الفساد وتمويل المخيم تماما كما حصل في الشمال حيث تم تحويل المساعدات التي قدمتها الهيئة العليا للإغاثة إلى مادة لتمويل المعارك بين أبناء جبل محسن وباب التبانة.
النار تحت الرماد في مخيم عين الحلوة وهناك إمكانية كبيرة في أن تتجدد المعارك في داخله لكن تمددها دونه عقبات. بالنسبة إلى مخيم نهر البارد هناك استحالة في إشعال الأرض التي يسيطر عليها الجيش اللبناني. وفي مخيم البداوي أيضا الأمر مستبعد في ظل الإجراءات الإحترازية التي تقوم بها منظمة فتح . يبقى الخطر المحتمل في مخيمات بيروت أي صبرا وشاتيلا نظرا إلى الإمتداد الشيعي".
الأكيد أن طبول الحرب تقرع والمؤكد أن النيران الراكدة تحت الرماد في المخيمات هي الأقرب إلى الإشتعال علما أن تجربة نزع السلاح من مخيم نهر البارد بعد انتهاء المعارك فيه وبسط الجيش اللبناني سيطرته على أمنه حوله إلى مخيم نموذجي يمكن أن ينسحب على باقي المخيمات إلا إذا بقي القرار الإيراني عبر حزب الله باستعمال السلاح الفلسطيني داخل المخيمات كورقة ضغط يستعملها في اللحظة التي يفقد فيها أوراقه إقليميا.