المصدر: النهار
الكاتب: مجد بو مجاهد
الأربعاء 13 آب 2025 11:21:31
انتهت فترة التنميق الديبلوماسيّ المرن بين طهران والحكومة اللبنانية، بتوطيد مجلس الوزراء القرار المفصلي والحاسم لحصر السلاح، ما أخرج النظام الإيرانيّ عن طوره مستغنياً عن كلّ أنماط المهادنة المتّبعة من ساسته حيال العهد الرئاسيّ والحكومة اللبنانية في الأشهر الأخيرة. ترفض إيران حالياً نزع سلاح "حزب الله" من دون مواربة، وتتدخل حانقة في مضمون التطورات اللبنانية، بدليل الوقائع الاستفزازية التي واكبت زيارة علي لاريجاني بيروت أمس، فيما كان وزير خارجيتها عباس عراقجي زار بيروت في حزيران المنصرم متّخذاً نبرة سياسية منخفضة الوتيرة على طريقة القول إنّ طهران تدعم سيادة لبنان ومبدأ عدم التدخل في سياسته الداخلية.
انتُهجت المرونة الإيرانية آنذاك خلال فترة ترتيب الملفات التفاوضية الإيرانية بحثاً عن اتفاق مع الولايات المتحدة الأميركية، لكن التشاور تبعثر نتيجة التعنّت الإيرانيّ نووياً أثناء المفاوضات، وهو ما رفضته الإدارة الأميركية، فقرّرت قصف المنشآت النووية الإيرانية.
توعُّد طهران بـ"فشل" قرار نزع سلاح "حزب الله"، يطرح استفهامات حول مدى القدرة الإيرانية التأثيرية في هذه المرحلة على القرارات الإستراتيجية اللبنانية، وسط حكومة لبنانية مثابرة ومتغيرات إقليمية جمة.
المؤكد أنّ رئيس الحكومة نواف سلام استقبل المبعوث الإيراني علي لاريجاني بكثير من الحزم، من دون أن يسمح بمحاولة طهران إبقاء سيطرتها على لبنان. وانطلاقاً من معطيات حكومية رسمية لـ"النهار"، إن سلام متمسك بمقررات مجلس الوزراء بما فيها بند حصر السلاح، وقد صارح لاريجاني بجديّة الحكومة اللبنانية في تنفيذ القرار وطلب منه عدم التدخل في الشؤون الداخلية اللبنانية. كما أنه استمع إلى ما صدر عن لاريجاني.
يقلل رئيس لجنة العمل السياسي في "المعهد الأميركي اللبناني للسياسات" بول الهندي من قدرة طهران على التأثير الإستراتيجي في لبنان حالياً، بقوله لـ"النهار" إن "النظام الإيرانيّ يحاول إعادة تحريض الشيعة في لبنان، لكنهم ليسوا جميعاً خلف "حزب الله" ومن المهم تسليم السلاح. لا تأثير للتشويش الإيرانيّ على لبنان، وليس في مقدروه أن يغيّر شيئاُ لأنّ إيران هُزمت وعليها أن تترك لبنان وشأنه، وهذه رسالة من الإدارة الأميركية".
ويلفت إلى أن "الإيرانيين يحاولون استفزاز الحكومة اللبنانية للضغط بغية تغيير قرار نزع السلاح أو للمماطلة حتى مفاوضة واشنطن. لكن الإدارة الأميركية تعيد تأكيد القرارات الدوليّة وتبحث في أن يضمن الجيش اللبنانيّ وحده سلامة اللبنانيين داخل الأراضي اللبنانية".
ويرى الهندي أن "التأثير الإيراني على لبنان تراجع بعدما كان "حزب الله" الميليشيا الأقوى التابعة للحرس الثوري، وقد تغيّرت الأوضاع بعد استهداف البرنامج النووي الإيراني والأزمة الاقتصادية الإيرانية وقيام الدولة اللبنانية بعملها ورفض التدخل الإيراني غير القانوني في لبنان. ولا يمكن الإيرانيين تحدّي الدستور اللبناني والقرار الوزاري المتخذ، ولا يستطيعون جبه المجتمع الدولي، لكنهم يكتفون بتصريحات وقحة تعني التحدي ومحاولة تحجيم الإدارة اللبنانية. الفترة الحالية ليست لمصلحتهم لأن "حزب الله" تسبّب بتهجير المواطنين الشيعة من قراهم نتيجة الحرب الإسرائيلية، ولقد بدأوا يعبّرون حالياً عن رأيهم بحرية أكثر".
ويسننتج أن "الايرانيين لن يستطيعوا إيقاف قرار سحب السلاح، لكنهم يحاولون أن يطلبوا من "حزب الله" القيام بتدخلات وتحركات استفزازية للشعب اللبناني والنزول إلى الشارع ومحاولة زعزعة الاستقرار وربما الوصول إلى حرب بين اللبنانيين".