"طوفان النازحين" أكبر من خطّة الحكومة والمفوّضية أقوى منها

بعد العاصفة الأخيرة التي رافقت "جلسة النازحين" في البرلمان وانتظار الحكومة تنفيذ الإجراءات المطلوبة بغية تفادي حالة الضياع والأخطاء المتراكمة جراء تعاطي الوزارات والمؤسسات معها بأجنحة متكسّرة وعدم وجود مخطط واضح المعالم، وُلدت كل هذه الارتدادات والمشكلات على الأرض التي لا يظهر أنها ستؤدي إلى حل كل هذه المعضلات اليومية في مختلف المناطق وسط حصول أحداث في أكثر من محلة لا تدعو إلى الاطمئنان.


وكان وزير الشؤون الاجتماعية هكتور حجار أول من قرع جرس الإنذار وحذّر من طوفان النازحين السوريين مع عدم اكتراث مفوضية اللاجئين لكل ما تلقّته من احتجاجات وملاحظات، ولم تتوانَ عن توجيه كتاب كان مضمونه شديد اللهجة إلى وزير الداخلية والبلديات بسام مولوي، وتخطّي المفوضية ألف باء قواعد التخاطب والديبلوماسية والقفز فوق السيادة اللبنانية حيث يتّهمها مسؤول بأنها تعمل على أرض لبنان من دون أي رادع ولا قوانين تضبطها.


ورغم التنافر الحاصل بين أكثر الأفرقاء يدعو حجار اليوم إلى قيام الجهات اللبنانية المعنيّة بالأدوار المطلوبة منها وعدم السماح لأي جهة بالتجاوز سواء كانت مفوضية اللاجئين وغيرها "على أن يقوم كل وزير بالمهمات المطلوبة منه". ويمكن عندها تنفيذ ما جرى الاتفاق عليه. ويؤكد حجار لـ"النهار" مسألة استجابة الوزارات للخطة الموضوعة وتخفيف الضغوط الملقاة عليها وعلى مديرية الأمن العام، وأن التضافر يجب أن يكون السائد بين كل المعنيين من أجل الوقوف في وجه "المخطط الاستبدالي" الذي يقضي بإسكان السوريين بدل أصحاب أهل الأرض الذين يتفرجون على هذه الدوامة المفتوحة، و"أن اللحظة الخطرة تفرض ضرورة التعاون والوقوف في وجه هذه التحديات الناتجة عن النازحين السوريين حيث لا نتعاطى معهم بتضييق أو أي عنصرية".


ويشدد حجار على هذا التعاون لتظهر الحكومة في موقع الجامع "لتشكّل جسماً واحداً لتطبيق خطة حقيقية ونقلها من حيّز الورق والكلام إلى التطبيق" بهدف التصدي لهذا الملف الذي يهدد البلد ومستقبل أهله إذا تُرك على هذا المنوال وفوضى النازحين التي تهدد يوميات اللبنانيين وعجلتهم الاقتصادية المستنزفة في الأصل. ويقف حجار إلى جانب كل مسؤول أو وزير طالته سهام المفوضية. وثمة من يلفت نظر المسؤولين في لبنان إلى الخطأ الذي وقعوا فيه وهو انتظارهم كل هذه السنوات الداتا من المفوضية بدل قيام مؤسسات الدولة بعملية الإحصاء هذه في كل المناطق رغم صعوبتها على غرار ما فعله الأردن. ويؤكد ديبلوماسي أن ما تنفذه المملكة في تعاطيها مع النازحين منذ عام 2011 أنقذها من الكثير من المشكلات التي وقع فيها لبنان حيث لم يعد هو صاحب المبادرة ولا القرار في عودة النازحين إلى ديارهم.


وفي خضم هذه المواجهة، ينتظر لبنان تحقيق الآتي لإطلاق العجلة التي تؤدي إلى تطبيق الخطة المنتظرة وتتمثل في:
- انتظار الأمن العام تسلّم "الداتا" المعدّلة من المفوضية حيث يجري التراخي من طرفها في الرد على ما يطلبه المسؤولون منها إلى أن اضطر الوزير عبد الله بو حبيب إلى إبلاغ ممثل المفوضية إيفو فريسون في بيروت كلاماً قاسياً ودعوته إلى سحب الكتاب الذي وجّهه إلى وزير الداخلية والحصول على كامل الداتا من دون أيّ التفاف أو إخفاء للتفاصيل والحقائق. وأدّت خطوة بو حبيب إلى سحب المفوضية الكتاب وتكرار تأكيدها على التعاون مع الحكومة مع تشديدها على تهيئة الظروف في سوريا لعودة مؤاتية وطوعية بما يعني أن عودة هؤلاء غير متوفّرة اليوم وعلى اللبنانيين انتظار كل هذه الوعود التخديرية.

- العمل على رفع أعداد الذين يُرحّلون إلى بلد ثالث وهم من الذين لا يقدرون على العودة إلى سوريا لأسباب أمنية وسياسية وتنطبق عليهم صفة لاجئين. وثمة 10 آلاف شخص من أصحاب هذه الحالات كل سنة. ويجري العمل على رفع هذا الرقم بالتعاون مع المفوضية.

- تواصل الأجهزة الأمنية منع تجاوزات النازحين في إقامة مؤسسات غير شرعية لا تخضع للأنظمة والقوانين مع الاعتراف بأن أكثرها يتم بتغطية من لبنانيين.

ويبقى اتخاذ مؤسسات الدولة الإجراءات والعمل بتوصية البرلمان رهن تعاون الوزارت المعنية ومع الأجهزة الأمنية لتنظيم أوضاع السوريين في لبنان ولو أن إمكانية عودة أفواج منهم إلى بلدهم لا يظهر أنه سيتحقق في وقت قريب نتيجة جملة من الأعباء في الداخل وعدم التفات المجتمع الدولي لهذا الملف الضاغط كما يجب ومن دون التعويل على مؤتمر النازحين في بروكسيل قبل نهاية الجاري.

ببساطة القرار هنا ليس ملك اللبنانيين!