ظريف تحدّث عن استحالة الإنتصار السعودي فماذا تحضّر إيران للخليج؟!

قد يكون مفهوماً أن ترفض إيران مشاركة جيرانها العرب، وتحديداً السعودية، في أي تفاوُض أو اتّفاق بينها وبين الولايات المتحدة الأميركية، حول ملفّها النووي. ولكن حديث وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف عن أن "السعودية لا تستطيع تحقيق نصر عسكري في اليمن، ولا الحصول عبر المفاوضات على ما فشلت فيه عسكرياً"، ليست بلا أبعاد غير تقليدية.

فإيران تعامل السعودية في الملف اليمني، ومنذ وقت طويل، تماماً كما لو كانت (إيران) تتعاطى مع إسرائيل في الملفَّيْن اللبناني والسوري. وهذا لن يكون محصوراً في نطاق ضيّق أو مضبوط مستقبلاً، خصوصاً إذا فشل المسار التفاوُضي الأميركي - الإيراني، أو تعثّر لمدّة طويلة.

 من يمكنه؟

فالأدلّة على أن الخليج سيكون ربما من أكثر النّقاط الجغرافية السّاخنة، التي ستدفع الأثمان الباهظة، تكمن في ما قاله ظريف نفسه، عن أن "خطأ جيراننا هو أنهم سمحوا لإسرائيل بأن تنقل الصراع إلى أراضيهم، وهي سوف تسلبهم الأمن، ولن تبادر الى الدّفاع عنهم".

فمن يُمكنه أن يسلب أمن جيران إيران العرب مستقبلاً، غير طهران نفسها، بحجّة حماية نفسها من إسرائيل التي نقلت صراعها (مع إيران) الى أراضيهم؟

"بَلّ يَد"!

كلام ظريف "يبشّر" في بعض مضامينه بمرحلة جديدة، غير مُكتمِلَة شروط إطلاقها بَعْد، وهي لن تكتمل إلا إذا تعثّر التفاوُض الأميركي - الإيراني.

فهل يبقى الصّراع محصوراً بـ "بلّ اليد" الإيرانيّة بالسعودية، "حوثياً"، ومن خلال الصواريخ والمسيّرات، أم يتطوّر الى ما هو أبعَد من ذلك؟

حركة جديّة

وضع سفير لبنان السابق في واشنطن رياض طبارة "كلام ظريف في إطار شدّ الحبال الحاصل بين الولايات المتحدة وإيران. فمناوشات ما قبل التفاوُض بدأت، لا سيّما أن الأمور مرهونة بشروط العودة الى المسار التفاوُضي، والمفاوضات".

ولفت في حديث الى وكالة "أخبار اليوم" الى أن "الدّول الكبرى الأخرى، التي تشكّل باقي أطراف "الإتّفاق النووي"، تتوسّط بين واشنطن وطهران حالياً. وإعلان إيران عن محادثات مثمرة مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية خطوة مهمّة، تؤكد استعدادها لتقديم تنازلات. وهو ما يدلّ على أن كلّ المناوشات التفاوُضية مؤخّراً، تشكّل حركة جديّة. ومن المرجّح أن نكون على موعد مع كلام جدّي أكثر قريباً".

"ستاتيكو"

وشدّد طبارة على أن "الأمور تحتاج الى وقت، ولا يجب التسرُّع أبداً. فالإتّفاق النووي استغرق نحو سبعة أعوام قبل توقيعه، والعودة إليه تتطلّب وقتاً ضرورياً. فالأمور في بداياتها، وفي طريق ما قبل المفاوضات تحديداً".

وردّاً على سؤال حول ما إذا كان فشل التفاوُض الأميركي - الإيراني، أو تعثّره لفترات طويلة، يُمكنه أن يؤول الى إشعال ساحات في المنطقة، وفي الخليج تحديداً، أجاب:"إذا لم تنجح المساعي الحالية، سنعود الى "الستاتيكو" الموجود الآن، وهو التوتُّر. وهذا ما ستستغلّه إسرائيل طبعاً".

وقال:"يبدو أن الجهتَيْن تريدان التوصُّل الى شيء ما. فإيران ليست قادرة على تحمُّل العقوبات مدّة طويلة جدّاً بَعْد، فيما واشنطن تجد أن من مصلحتها التوصُّل الى اتّفاق جديد مع طهران".

بداية البداية

وأشار طبارة الى أن "إسرائيل تناور حالياً، وليس من مصلحتها أن تتّفق واشنطن مع طهران، خصوصاً أن الرئيس الأميركي جو بايدن لن يكون مثل سلفه الرئيس السابق دونالد ترامب".

وختم:"لكن في الوقت نفسه، ورغم أن علاقة بايدن بإسرائيل مختلفة عن علاقة ترامب بها، إلا أن هذا لا يعني أنه سيتنازل عن العقوبات، وكأن المشاكل انتهت عند هذا الحدّ فقط. فالأميركيون سيُفاوِضون بنيّة حلّ مشاكل الملفّ الإيراني "بالتي هي أحسن". وهذا يكتمل مع النيّة الإيرانية بالتوصُّل الى اتّفاق كهديّة الى الشعب الإيراني، قبل موعد الإنتخابات الرئاسية الإيرانية، تسجّل الإدارة الإصلاحية الحالية من خلاله بعض النّقاط في مرمى المعسكر المحافظ في طهران. ولكنّنا لا نزال في بداية البداية".