عاصفة متدحرجة للتهديدات بعملية واسعة.. و"ترهيب" بحرب متجددة

بلغت موجة التهديدات والإنذارات الإسرائيلية بعملية كبيرة في لبنان حدوداً قياسية جديدة، استعادت معها تقريباً الأجواء المشحونة التي استبقت انفجار حرب الـ66 يوماً الإسرائيلية على "حزب الله" العام الماضي. وإذ لا يمكن فصل تزامن هذه العاصفة من التهديدات اليومية التصاعدية عن الاقتراب من ذكرى سنة كاملة لسريان اتفاق وقف الأعمال العدائية بين لبنان وإسرائيل في 27 تشرين الثاني، والذي لم يترنّح على شفا انهيار شبه كامل تحت وطأة الانتهاكات الإسرائيلية المنهجية والرفض القاطع لـ"حزب الله" لتسليم سلاحه إلى الجيش اللبناني، بدا لبنان وكأنه يتعرض لـ"ترهيب" بعد عكسي لحرب متجددة إلى درجة تحديد مهلة زمنية سافرة وعلنية هي آخر تشرين الثاني الحالي كموعد للضربة الإسرائيلية. ويثير التركيز على هذه المهلة شكوكاً متعاظمة حيال "اجتهادات" متضاربة لكل من لبنان وإسرائيل والولايات المتحدة حول خطة لبنان لحصرية السلاح. ولم يكن أخطر من اندفاع جماعي للإعلام الإسرائيلي في إبراز إنذارات الجيش الإسرائيلي للبنان، سوى تقاطع هذه التهديدات مع تحديد الموفد الأميركي توم برّاك المهلة إياها أمام الجيش اللبناني، فيما لم يتبلّغ لبنان بعد أي موقف، لا أميركي ولا إسرائيلي، من التأكيدات المتكررة للرئيس جوزف عون حول استعداد لبنان للتفاوض. وخلافاً لبعض الأجواء الإعلامية، بدا أن بيروت لم تتلق أي إشارة بعد حيال موضوع التفاوض بما يبقي باب الشكوك والمخاوف مفتوحاً على كل الاحتمالات وسط اشتداد عاصفة التهويل بضربة إسرائيلية كبيرة.

ومن المتوقع أن تتّسم جلسة مجلس الوزراء التي ستعقد بعد ظهر اليوم في قصر بعبدا بأهمية مزدوجة لجهة البحث في الأجواء الضاغطة هذه من جهة، ومحاولة بت الخلاف الداخلي حول مأزق انتخاب المغتربين من جهة أخرى، علماً أن الأمرين أدرجا في البندين الأول والثاني من جدول أعمال الجلسة. وسيطّلع المجلس على وقائع وتفاصيل المجريات الجارية في الجنوب من قائد الجيش العماد رودولف هيكل الذي سيقدم تقريره الثاني حول مسار خطة حصر السلاح في يد الدولة، وأيضاً من بوابة التهديدات الإسرائيلية وتحديد مهل للتحرك عسكرياً بعدها. ومن ثم سيناقش المجلس الصيغ الثلاث لقانون الانتخاب التي رفعتها إليه اللجنة الوزارية التي كلفت وضع تقاريرها حول الموضوع.

غير أن لبنان الرسمي سارع أمس إلى الرد على المبعوث الأميركي توم برّاك عبر مصدر لبناني مسؤول نفى وجود مهلة أميركية للجيش حتى نهاية تشرين الثاني الحالي لتطبيق خطة حصر السلاح.

وكانت موجة تحديد المهل سابقت التهديدات بعملية كبيرة، ونقلت القناة الإسرائيلية الثالثة عشرة أن المبعوث الأميركي توم برّاك منح الجيش اللبناني مهلة تنتهي في نهاية تشرين الثاني الحالي لإحداث تغيير في الوضع المتعلق بقضية سلاح "حزب الله". وبحسب القناة نفسها أوضح برّاك أنه في حال لم يحدث ذلك، فستتمكن إسرائيل من شن هجمات وستتفهم الولايات المتحدة ذلك. وأضافت القناة بأن الجيش الإسرائيلي يستعد لجولة قتال قد تستمر أياماً عدة ضد "حزب الله". وبدورها، نقلت صحيفة "معاريف" عن الجيش الإسرائيلي قوله، إن أي هجوم من "حزب الله" سيكون الرد عليه قوياً، ولن يكون هناك مفر من شنّ عملية قطع رأس "حزب الله". وأفادت الصحيفة بأن الجيش الإسرائيلي يُنفذ حالياً عملية استنزاف تدريجي لقدرات "حزب الله". ووفقاً لما نقلته عن الجيش الإسرائيلي، فإن الأخير سينفذ عملية واسعة في لبنان إذا تجاوز "حزب الله" خطوط إسرائيل الحمراء، لافتة إلى أنّه في حال وقوع أي هجوم من قبل "حزب الله" سيكون رد الجيش الإسرائيلي في الضاحية والبقاع، ولن يدفع الثمن "حزب الله" وحده بل سيطال كامل قواعده. وأوضحت أنّ الجيش الإسرائيلي سيستهدف كل دفاعات "حزب الله" شمال الليطاني إذا هاجم قواته. كما أن قناة "الحدث" نقلت عن مسؤول إسرائيلي أن "حزب الله يعيد تمركزه في الجنوب ما يهدد بحرب جديدة"، وقال: "نحن لا نسعى إلى حرب معه لكن لن نتردد إذا لزم الأمر". وأوضح المسؤول الإسرائيلي بأن "إسرائيل ترحب بأي مفاوضات مع لبنان لكن من دون شروط مسبقة"، مضيفاً: "حسب الاتفاق لدينا حرية استهداف ما يشكل خطراً على أمننا من دون الرجوع للجنة الدولية".

وفي سياق متصل بالوضع الجنوبي، أعلن رئيس الحكومة نواف سلام خلال استقباله وفد "تجمّع أبناء البلدات الحدودية الجنوبية" الذي أطلعه على أوضاع القرى الحدودية، أنّ إعادة الإعمار تمثّل أولوية وطنية للحكومة برمّتها. وأوضح أنّ الحكومة أنجزت لائحة بمشاريع البنى التحتية والخدمات الأساسية في المناطق الجنوبية، وهي جاهزة للانطلاق فور تأمين التمويل المرتقب، لا سيما من البنك الدولي. كما أعلن أنّه سيقوم بزيارة جديدة إلى الجنوب عند بدء تنفيذ هذه المشاريع، آملاً بأن يكون ذلك في أقرب وقت ممكن. وأضاف أنّ الحكومة لا تنتظر القرض الخارجي فحسب، بل تواصل العمل بجهودها الذاتية من خلال مشاريع تنفّذها الوزارات المعنية.