عامان على الطوفان: حماس تواجه الخطة- الفخ.. وخيار طهران حاسم

سنتان على طوفان الأقصى. العملية التي أدخلت إسرائيل في أطول حروبها. حرب لم تكن تل أبيب اعتادتها نظراً إلى حروبها السابقة مع الجيوش النظامية.

سنتان على المواقف الأميركية والدولية التي بقيت نفسها، ولم تساهم في وقف الحرب، على الرغم من تعاظم الرأي العام الدولي الداعي إلى وقفها.

وهذا ما جعل إسرائيل في موقع المنبوذ دولياً. لكنها تصرّ على مواصلة حربها سعياً إلى ما تسميه: تغيير توازنات وموازين القوى في الشرق الأوسط. وعلى مدى سنتين توالت المواقف الأميركية الداعية إلى وقف الحرب، من دون أي ضغط فعلي على إسرائيل، بغض النظر عن انتماء الإدارة الأميركية سواء كانت للديمقراطيين أم للجمهوريين. فكل المقترحات التي تبنتها الولايات المتحدة الأميركية هي مقترحات إسرائيلية أو بالحد الأدنى وافقت عليها إسرائيل وفق ما يلبي مصالحها ورؤيتها، كما هو الحال بالنسبة إلى خطة ترامب الأخيرة. 

خطة ديرمر وكوشنير

فهذه الخطة كانت نتيجة تنسيق بين رون ديرمر وصهر ترامب جاريد كوشنير صاحب مشروع "صفقة القرن". وقد نجح الإسرائيليون مجدداً في دفع الأميركيين إلى تبني موقفهم، لا سيما أن الخطة خرجت بما يتلاءم مع الأهداف والشروط الإسرائيلية، علماً أن الأميركيين كانوا قد عملوا على تحصيل موافقة عربية عليها، وبعدها تم إدخال تعديلات من جانب نتنياهو وفريقه مع فريق ترامب، وجرى تقديمها بصيغة معدّلة ومختلفة عمّا جرى الاتفاق عليه مع الدول العربية. وهذا ما يظهِّر انطباعاً واضحاً حول مسار العلاقات الأميركية- الإسرائيلية. 

حماس: السلاح خارج البحث 

نتنياهو لا يريد وقف الحرب، بخلاف ما تظهره مواقف ترامب أو غيره من المسؤولين الأميركيين، الذين يشيرون إلى أنه يعمل على وقف كل الحروب في المنطقة.

المفاوضات التي تخاض في مصر، هي مفاوضات شاقة، لا سيما أن الإسرائيليين يريدون من خلالها تحقيق نقطتين: الأولى إطلاق سراح الأسرى. والثانية البحث في سحب سلاح حركة حماس وإخراج قياداتها من القطاع، وهو ما ترفض حماس البحث فيه كلياً، لكنها توافق على إطلاق سراح الأسرى، مقابل ضمانات أميركية بوقف الحرب.

وأما تسليم السلاح فتربطه حماس بحماية الأراضي الفلسطينية ومنع مشروع التهجير وضمان قيام دولة فلسطينية. 

نتنياهو والنموذج اللبناني

يريد نتنياهو تكرار النموذج اللبناني في غزة، أي فرض مسألة سحب السلاح كملف أول لوقف الحرب والضربات.

وهو يسعى إلى وضع حماس بين خيارين: إما الاستسلام الكامل، أي سحب السلاح وخروج قياداتها من القطاع، وإما استمرار الحرب المدمرة وتصعيد وتيرتها، إلى جانب العمل على تغذية الصراعات الفلسطينية- الفلسطينية الداخلية، تماماً كما يحاول أن يفعل في لبنان، علماً أن الإسرائيليين لا يغفلون أهدافهم الحقيقية من هذه الحرب، وهي السيطرة على غزة وتهجير القدر الأكبر من سكانها وأهلها. 

حماس وتجارب إلقاء السلاح 

المؤكد أن حماس لا توافق على سحب السلاح أو نزعه أو تسليمه، لأنه يمثِّل الدفاع عن الأرض بالنسبة إليها. وهي غير مستعدة للبحث في مصيره من دون التفاهم مع الفصائل الأخرى، ومن دون ربط ذلك ببناء دولة فلسطينية.

وهي في ذلك تواجه مساعي نتنياهو إلى توسيع مخطط الاستطيان في الضفة الغربية، ولو أنه لم يلجأ الى إقرار السيادة الإسرائيلية عليها. فما يهمه هو قطع الطريق على أي حديث عن الدولة الفلسطينية، وأهدافه تتجاوز كلياً السيطرة على غزة، أو الانتقام لعملية 7 أكتوبر.

إنه يريد مواصلة الحرب لتغيير التوازنات، وفرض هيمنة اسرائيلية أمنية وعسكرية وسياسية وحتى اقتصادية على مستوى المنطقة ككل. وتستذكر حماس تجارب كثيرة.

فهي إذا ألقت السلاح وسلمته، ستتعرض لحرب أعنف، وستواصل إسرائيل عمليات التهجير. وإذا غادرت القطاع، فهي تخشى من تكرار سيناريو خروج منظمة التحرير من بيروت عام 1982 وتكرار مجزرة صبرا وشاتيلا.

إيران في الميزان

في هذا السياق، كل الأجواء الدولية تفيد بأن لا مصلحة للإسرائيليين في وقف الحرب على غزة، وأن هذه الحرب مفتوحة ومستمرة ولا أفق لكيفية إنهائها. ولا يمتلك نتنياهو أي رؤية في هذا الشأن. وهو خرج، مساء الإثنين، ليعلن عن معطيات لديه مفادها أن إيران تريد العودة إلى طاولة المفاوضات، بينما واشنطن تفرض على طهران شروطاً واضحة، هي وقف تخصيب اليورانيوم، وتسليم الصواريخ البالستية، ووقف دعم حلفائها في المنطقة.

فإذا وافقت طهران على ذلك، يمكن لمسار الحلّ أن يسلك طريقه، وقد يتكفل بوقف الحرب. وأما إذا لم توافق إيران على هذه الشروط، فإنها ربما تعود إلى طاولة المفاوضات، من خلال إعداد العدة لعملية عسكرية مشتركة مع حلفائها، ومن جبهات مختلفة.