عام العواصف السياسية... اغتيالات وحروب وانتصارات وانكسارات

تصدرت منطقة الشرق الأوسط واجهة الأحداث عربيًا وإقليميًا خلال عام 2024، لا سيما ما ارتبط منها بتداعيات العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة.

وكانت الساحة اللبنانية الأكثر سخونة في المنطقة بعد غزة خلال عام 2024، ففي أعقاب نحو 10 شهور من استمرار القصف المتبادل بين إسرائيل وحزب الله، وجهت إسرائيل ضربة قوية للحزب في 17 و 18 سبتمبر/ أيلول 2024، بتفجير متزامن لأجهزة اتصالات لا سكلية من طرازي "بيجر" و"آي كوم"، يحملها عناصر من الحزب في مناطق لبنانية عدة بينها الضاحية الجنوبية لبيروت، ما أسفر عن عشرات الشهداء والجرحى. 

ولأول مرة منذ بدء المواجهة، استهدفت إسرائيل قلب العاصمة بيروت في 30 من الشهر نفسه.
لبنان.. غزو واغتيالات

كما تمكنت من اغتيال عدد من القيادات العسكرية والسياسية والإعلامية للحزب، أبرزهم الأمين العام حسن نصر الله الذي اغتيل في 27 من سبتمبر إثر غارة جوية إسرائيلية استهدفت الضاحية الجنوبية في بيروت.
وبعد ثلاثة أيام من اغتيال نصر الله، أعلن الجيش الإسرائيلي رسميًا بدء عملية توغل بري في لبنان، اشتدت إثرها المعارك بين الطرفين، ونزح خلالها عشرات آلاف اللبنانيين، وارتكب الجيش الإسرائيلي في خضمها مجازر عدة ضد المدنيين.
كما سقط عدد من الجنود الإسرائيليين بين قتيل وجريح، وتمكّن الحزب من ضرب أهداف حيوية في إسرائيل، ووصلت مسيّراته إلى منزل رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو.

وفي 27 نوفمبر/ تشرين الثاني، وعقب وساطات إقليمية ودولية مكثفة، توصل الطرفان إلى اتفاق وقف إطلاق النار.

الحوثيون في قلب الحدث

وفي إطار الحديث عن المواجهة في المنطقة تبرز الساحة اليمنية التي شهدت تصاعدًا في المواجهة مع إسرائيل، حيث نفذت جماعة الحوثي عشرات الهجمات بالصواريخ والمسيّرات على أهداف داخل العمق الإسرائيلي.

ومن أبرز هجمات الحوثي هجوم بصاروخ باليستي سقط في تل أبيب في 21 ديسمبر/ كانون الأول، وأسفر عن إصابة  العشرات، وقبله هجوم أسفر عن مقتل إسرائيلي جراء سقوط مسيرة أطلقت من اليمن وسط تل أبيب في 19 يوليو/تموز الماضي.
وشكّل هجوم يوليو نقطة البداية للتصعيد بين الطرفين، إذ نفذت طائرات مقاتلة إسرائيلية غارة جوية على ميناء الحديدة، وكانت هذه المرة الأولى التي تهاجم فيها إسرائيل اليمن بشكل مباشر، لتعقبها هجمات إسرائيلية أخرى داخل العمق اليمني خصوصًا صنعاء والحديدة.

إضافة إلى قيام القوات الأميركية والبريطانية المنتشرة في عرض البحر الأحمر، بتنفيذ هجمات عدة ضد أهداف للحوثيين في إطار عمليات التحالف الدولي، الذي أعلنت واشنطن تشكيله لمكافحة هجمات الحوثيين ضد السفن في البحر الأحمر.

إيران تقصف للمرة الأولى

وشهد الملف الإيراني تسخينًا غير مسبوق، وبرز إلى الواجهة عبر أحداث مفصلية عدة أهمها: 
تفجيران هزّا مدينة كرمان، تزامنًا مع إحياء ذكرى اغتيال قاسم سليماني في يناير/ كانون الثاني.
ضربات صاروخية إيرانية غير مسبوقة ضد إسرائيل في 13 أبريل/ نيسان الماضي، ردًا على استهداف القنصلية الإيرانية في دمشق.
استهداف إسرائيلي لمدينة أصفهان في 17 أبريل ردًا على الهجمات الإيرانية.
مصرع الرئيس إبراهيم رئيسي ووزير خارجيته وآخرين إثر تحطم مروحيتهم في منطقة الحدود مع أذربيجان في 19 مايو/ أيار.
إعلان فوز مسعود بزشكيان بانتخابات الرئاسة في 6 يوليو/ تموز.
اغتيال رئيس المكتب السياسي لحركة حماس إسماعيل هنية في 31 يوليو.
هجوم واسع ضد إسرائيل في مطلع أكتوبر/ تشرين الأول بأكثر من 250 صاروخًا، ردًا على اغتيال إسماعيل هنية وحسن نصر الله، وردت إسرائيل على الهجوم بضرب مواقع عدة في العاصمة طهران بتاريخ 26 أكتوبر.
فرار رئيس النظام السوري

أما في سوريا فقد شهدت الحدث الدراماتيكي الذي أدهش المنطقة والعالم، ومثل تحولًا جذريًا في تاريخ هذا البلد منذ أكثر من خمسة عقود، وهو سقوط حكم عائلة الأسد.

ففي 27 نوفمبر/ تشرين الثاني شنت فصائل المعارضة المسلحة حملة عسكرية ضد قوات النظام، أطلقت عليها اسم "ردع العدوان" بدءًا من شمال غربي البلاد.
وتمكنت الفصائل من السيطرة على حلب ثم حماة فحمص وسط البلاد، وبعد ذلك درعا والسويداء جنوبًا، وسط انهيار قوات النظام واستسلام عناصرها دون قتال، لتتوّج الحملة العسكرية في 8 ديسمبر/ كانون الأول، بدخول قوات المعارضة إلى العاصمة دمشق، عقب هروب بشار الأسد وتهاوي أركان نظامه.

السودان.. استمرار النزيف 

وفي السودان، حيث بلد عربي آخر مثقل بالجراح، هيمن الاقتتال المحتدم بين قوات الجيش وقوات الدعم السريع، على المشهد هناك، وسط توثيق ارتكاب قوات الدعم السريع مجازر وانتهاكات بحق المدنيين في مناطق عدة أبرزها دارفور.

وفي مطلع عام 2024 ربط قائد الجيش عبد الفتاح البرهان، الدخول في أي عملية سياسية، بهزيمة قوات الدعم السريع، وفي أواخر الشهر نفسه فرضت واشنطن عقوبات جديدة على ثلاث شركات تتبع لطرفي النزاع، في محاولة لوقف تدفق السلاح.
وعلى الصعيد السياسي، اجتمعت قوى سياسية سودانية بالقاهرة في يوليو/ تموز، في محاولة لإحداث اختراق ما دون جدوى.

وعلى وقع احتدام المعارك وانتشار وباء الكوليرا وتدفق الفيضانات التي اجتاحت مناطق عدة في البلاد، دقت منظمات أممية مرات عدة ناقوس الخطر من خطر مجاعة تتفشى قد تطاول ثلثي سكان البلاد.

ليبيا.. تبريد ولا حلول
وخلافًا للأزمة السودانية شهدت الأزمة الليبية نوعًا من الاستقرار دون أي أحداث مفصلية تذكر، ففي منتصف ديسمبر/كانون الأول، احتضنت مدينة بوزنيقة المغربية، اجتماعًا لأعضاء من البرلمان الليبي والمجلس الأعلى للدولة أسفر عن مسودة اتفاق مبدئي، ينص على تشكيل حكومة موحدة، وإنشاء لجان أمنية ومالية واقتصادية للتنسيق بين الأطراف المختلفة.

وليس بعيدًا عن ليبيا، شهدت الجزائر في 7 سبتمبر/ أيلول، انتخابات أسفرت عن فوز الرئيس عبد المجيد تبون بولاية رئاسية ثانية، بعد حصوله على أكثر من أربعة وتسعين في المئة من أصوات الناخبين.
أما في تونس التي شهدت انتخابات رئاسية أيضًا، فقد أعلن في 8 أكتوبر/ تشرين الأول عن فوز الرئيس قيس سعيّد بولاية ثانية، بعد حصوله على 90% من أصوات الناخبين. 

ولم تتجاوز نسبة الاقتراع 29% في الانتخابات التي غابت عنها أي منافسة حقيقية، بسبب منع السلطات ترشح عدد من الشخصيات المعارضة، واقتصار المنافسة على ثلاثة مرشحين بينهم الرئيس سعيّد.