عام دراسي أخير للطلاب السوريين في لبنان؟

وسط تصاعد الضغوط الاقتصادية والاجتماعية على لبنان، يعود ملف النزوح السوري من زاوية التعليم. فقد برز في الآونة الأخيرة طرح يقضي بفتح المدارس الرسمية اللبنانية للطلاب السوريين بعد الظهر، ولكن لعام واحد فقط، في ما يشبه مرحلة انتقالية قبل بدء عودة منظمة لهؤلاء الطلاب إلى بلدهم.

الطرح لا يأتي من فراغ، بل يعكس تحوّلات عميقة في المشهدين اللبناني والسوري، حيث بات من الصعب على لبنان، الذي يرزح تحت أزمات متراكمة، أن يستمرّ في تحمّل أعباء النزوح وحده، في وقت بدأت سوريا تدخل مرحلة جديدة من الاستقرار النسبي، مع مؤشرات سياسية وأمنية واقتصادية توحي بتغيّر جذري في المشهد الداخلي هناك.

وفيما تُسجّل عودة تدريجية لآلاف الطلاب السوريين إلى بلادهم، وفق أرقام رسمية لبنانية، يُطرح السؤال الكبير: هل آن الأوان لبدء التنسيق الجدي بين لبنان وسوريا لوضع خارطة طريق لعودة النازحين؟ وهل يكفي الدعم الدولي المحدود مثل مساهمة اليونيسكو، لمواصلة هذا العبء التربوي، أم أن المقاربة يجب أن تتحوّل من الإغاثة إلى إعادة التمركز التدريجي داخل الأراضي السورية؟

وفي هذا السياق، أكد النائب بلال الحشيمي في حديث لـ "نداء الوطن" أنّ "لبنان تعامل مع ملف النازحين السوريين منذ عام 2011 من منطلق إنساني، لا سيما في مجالي التعليم والدعم الاجتماعي".

ولفت إلى أن "الأمم المتحدة ساهمت بشكل كبير في دعم المدارس وفي تمكين الطلاب السوريين من متابعة تحصيلهم العلمي، وشارك العديد من الأساتذة اللبنانيين في عملية تعليمهم".

إلا أن الحشيمي أشار إلى تغيّر الأوضاع في سوريا، مؤكدًا أن "هناك نظامًا جديدًا بدأ يترسخ في الداخل السوري، ما يفرض على هذا النظام أن يتحمل مسؤولياته تجاه الطلاب السوريين الموجودين في لبنان".

وأضاف أن "وزارة التربية اللبنانية أعلنت قبل نحو ثلاثة أشهر أن حوالى 50 % من الطلاب السوريين قد عادوا إلى بلادهم، ما يُعد خطوة مهمة".

وأوضح الحشيمي أن "التعاون مع السوريين يجب أن يستمر ولكن بطريقة مختلفة، تقوم على تنسيق مباشر بين وزارة التربية اللبنانية ووزارة التربية السورية، لتسهيل عودة الطلاب بشكل تدريجي وآمن إلى المدارس في سوريا".

كما شدّد على أهمية التعاون مع منظمة "اليونيسكو"، التي تقدم حاليًا 200 دولار لكل طالب، وهو مبلغ لا يكفي لتغطية كلفة التعليم السنوية.

وأضاف: "لا يمكن أن نظل مغلقين على سوريا أو متفرجين، فالوضع في سوريا تغيّر، والدول بدأت تدخل إليها من جديد عبر الاستثمارات. نحن في لبنان لا يمكن أن نبقى متحفظين، في وقت بدأت الحركة الاقتصادية والتربوية تعود إلى سوريا، لا بد من الدخول في ملفات عدة مشتركة، خصوصًا في المجالين الزراعي والتربوي".

وأكد أن "هذه المرحلة لن تمتد طويلًا، مشيرًا إلى أن بعض الدول والمنظمات الدولية وضعت جدولًا زمنيًا لإعادة الطلاب السوريين إلى مدارسهم في سوريا بين عامي 2026 و2027".

وختم الحشيمي قائلًا: "لا يجب أن ننتظر حتى عام 2030 لنبدأ خطوات العودة، علينا أن نتحرك كدولة لبنانية ووزارة تربية، ونواكب الجهود الدولية في هذا الاتجاه".