عامٌ على "البيجر": تفاصيل صادمة تُكشفُ للمرّة الأولى...كيف نجا سليم عيّاش؟

ماذا في التحقيقات التي يقوم بها “الحزب” في شأن تفجير أجهزة البيجر”؟ كيف نجا عددٌ من قياديّيه من الاغتيال في الحربِ الأخيرة؟ تفاصيلٌ تُكشفُ للمرّة الأولى عن أسماء عددٍ من قادة “الحزب” كُتِبَت لهم النّجاة من الاغتيال. ومن هم الذين لا تزال إسرائيل تُلاحقهم؟

مرَّ عامٌ على العمليّة الأمنيّة الأقسى التي تعرّضَ لها “الحزبُ” على مرّ تاريخه منذ تأسيسه عام 1982. قبل سنةٍ من اليوم فوجئ “الحزبُ” وربّما العالمُ أيضاً بانفجار أجهزة النّداء “البيجر” بحامليها، وذلكَ يوم 17 أيلول 2024. لم يكَد “الحزبُ” يستوعب صدمة “البيجر” حتّى انفجرَت أجهزة اللاسلكي بحامليها أثناء تشييع الضّحايا الذين قضوا في الانفجار الأوّل.

لم يكُن “الحزبُ” يتصوّر في يومٍ من الأيّام أنّ إسرائيل ستدفعه لشراء أجهزة النّداء، ولا أن تدفعه إلى استخدامها بعد كشفها المُتعمَّد لخرقها شبكة اتّصالاته الأرضيّة. لكنّ الضّربة هذه دفَعت “الحزب” إلى إجراء تحقيقات واسعة في صفوفه، وخصوصاً القطاعات المعنيّة بشراء المعدّات، وتحديداً الأمن الوقائيّ المعنيّ بفحصِ المعدّات والكشفِ عليها قبل استعمالها خشية تفخيخها أو زرع أجهزة تنصّت فيها.

ماذا في التّحقيقات؟

بحسب معلومات “أساس” توصّل “الحزب” في تحقيقاته إلى عدّة ثغرات أمنيّة. وتوصّل إلى استنتاج أنّ بعضَ المسؤولين عن شراء أجهزة “البيجر” و”اللاسلكي” دارت حولهم شُبهات في إمكان تورّطهم بالتّلاعبِ بأسعار الأجهزة من أجل الاستفادة المادّيّة، لكن من دون أن يعلموا أنّهم يشترون الأجهزة من جهاز “الموساد” ولا أنّ الأجهزة مُفخّخة.

تبيّن أيضاً وجود تقصيرٍ في فحصِ الأجهزة من قِبَل الأمن الوقائيّ. مردّ ذلكَ إلى أنّ الشّحنات المُتفجّرة التي كانت مزروعة في أجهزة “اللاسلكي” كان من السّهل اكتشافها لو أنّ هذه الأجهزة خضعت لفحصٍ دقيقٍ بسبب حجم “الشّحنة النّاسفة” المزروعة فيها، على عكس أجهزة “البيجر” التي كانت المُتفجّرات مزروعة في بطّاريّاتها ومخلوطة بمادّة تمنعُ اكتشافها بالمسح الضّوئيّ أو حتّى عبر الكلاب البوليسيّة.

لم تكُن خلطة المُتفجّرات التي زرعها “الموساد” في بطّاريّات “البيجر” لتُكتشف إلّا في حالتَيْن:

الأولى: فصلُ البطاريّة عن الجهاز، وفتحها للكشف عليها عبر فحص عيّناتٍ عشوائيّة من مجموع الأجهزة التي وصلَت.

الثّانية: تعريض الجهاز للحرارة، إذ إنّ الشّحنة النّاسفة المزروعة في “البيجر” لا تنفجر إلّا عند وصول حرارة البطّاريّة إلى درجة مُعيّنة في وقتٍ كافٍ لأن يُمسك الجهازَ حاملُه بكلتا يديه ويُقرّبه من عينيْه.

ما أثارَ الانتباهَ في التّحقيقات أيضاً أنّ المسؤولين الذين ينبغي محاسبتهم على التّقصير، أكانوا في جهاز الأمن الوقائيّ أو في الوحدات المسؤولة عن المُشتريات والشّحن، تعرّضوا جميعاً للاغتيال من قبل الجيش الإسرائيليّ، وتحديداً في الفترة الممتدّة من 23 إلى 28 أيلول 2024.

هل من خرقٍ بشريّ؟

لا يزال “الحزبُ” يبحث بين صفوفه عن خرقٍ بشريّ أدّى لانكشافهِ أمنيّاً، أكانَ على صعيد القادة أو على صعيد تفجير أجهزة “البيجر” واللاسلكي. لكنّ آخر المُعطيات تؤكّد أنّ الخرقَ الأكبر الذي تعرّضَ له كانَ على صعيد “وحدة الأماكن”، وكان “أساس” قد كشف تفاصيله قبل أشهر.

لم يكُن الخرق على مستوى “وحدة الأماكن” كافياً، خصوصاً أنّ إسرائيل حاولت اغتيال بعض مسؤولي “الحزب” بعد اتّخاذهم إجراءات مُحدّدة خلال الحربِ، ومنها استحداث “أمكنة آمنة” جديدة، خصوصاً بعد اغتيال الأمين العامّ السّابق السّيّد هاشم صفيّ الدّين مطلع شهر تشرين الأوّل الماضي، فبعدَ هذا الاغتيال تيقّن “الحزب” وجود خرقٍ لا يُعالج في “وحدة الأماكن”.

من هم المُلاحَقون؟

من هؤلاء الذين نجوا من الاغتيال بعد تغيير أماكنهم كان المسؤول العسكريّ خليل حرب (أبو مصطفى)، الذي تؤكّد معلومات “أساس” أنّ إسرائيل حاولت استهدافه في شقّة آمنة كان يقيم فيها في منطقة النّويري في اليوم الأخير من الحرب، لكنّه نجا من الاغتيال.

في المُقابل استطاعَ قياديّان أن يتواريا عن أنظار إسرائيل، وأن يُضلِّلاها، وهُما محمّد حيدر (أبو علي) وهيثم الطبطبائيّ (أبو علي). جديرٌ بالذّكر أنّ الطّبطبائيّ من أبٍ إيرانيّ وأمٍّ لبنانيّة، وكان من المسؤولين الأساسيّين في “الحزب” عن تدريب وتسليح الحوثيّين في اليمن. وأدارَ بالشّراكة مع “أبي علي حيدر” قيادة غرفة العمليّات العسكريّة في منطقة المنصوري في قضاء صور في جنوب لبنان بعد مقتل قائد الأركان فؤاد شكر وقائد وحدة “الرّضوان” إبراهيم عقيل، وقائد جبهة الجنوب علي كركي.

حاولت تل أبيب أكثر من مرّة استهدافَ حيدر والطّبطبائيّ، لكنّها لم تنجح، وكانَت آخِر مرّة استهداف مقرٍّ احتياطيّ لـ”أبي علي حيدر” في شارع المأمون في منطقة البسطة في بيروت. لكن تبيّن أنّه لم يكُن في الموقع المُستهدَف.

لا تزال إسرائيل تحاول مُلاحقة كلٍّ من: قائد “وحدة الأمن الخارجيّ” طلال حميّة (أبو جعفر)، والقياديّ في الوحدة سلمان سلمان (صموئيل الرّضا)، ومسؤول الوحدة 121 سليم عيّاش المُدان بالمشاركة في اغتيال الرّئيس رفيق الحريري عام 2005، وبعض المُتّهمين بتمويل “الحزبِ” مثل أدهم طباجة وعلي قصير ومحمّد قاسم البزّال.

تضيف معلومات “أساس” أنّ سليم عيّاش نجا أيضاً من الاغتيال مرّتيْن خلال العام الأخير. إذ استهدفته إسرائيل في منطقة “كوثريّة السّياد” جنوب لبنان في منزلٍ كان يقيم فيه، لكنّه نجا في الاستهداف. وفي المرّة الثّانية في منطقة القصير في سوريا، لكنّ المصادر تؤكّد أنّه نجا من الاغتيال على الرّغم من الأنباء التي تحدّثت عن اغتياله.