عدالة متأخرة: الحكم بالسجن لقاتل رولا يعقوب

كتبت جنى الدهيبي في المدن:

بعد 9 سنوات من صكوك البراءة، وتلكؤ القضاء، والتدخل نصرة للقاتل، صدر أخيرًا الحكم القضائي بقضية مقتل رولا يعقوب، وحكم على زوجها كرم البازي بالسجن، رغم كل محاولات هروبه من العدالة، وتنحي بعض القضاة عن الحكم العادل بملف شغل الرأي العام، في بلدٍ يضج بقضايا مقتل النساء وضحايا العنف الأسري.

ملابسات الحكم
أصدرت محكمة التمييز، برئاسة القاضية رندة كفوري، حكمها بسجن المتهم كرم البازي مع الأشغال الشاقة لمدة 5 سنوات بتهمة تسبّبه بقتل زوجته، وألزمته المحكمة بدفع تعويض لوالدتها ليلى خوري وقدره 300 مليون ليرة لبنانية.

وفور صدور الحكم، نشرت منظمة "كفى عنف واستغلال" نصّ الحكم، بعد متابعتها لمسار التحقيقات طيلة السنوات التسع، معتبرةً أن العدالة تحققت لرولا يعقوب، التي قتلت في 7 تموز 2013 بعد تعنيفها من قبل زوجها، وكانت ابنة 33 ربيعًا وأمًا لخمس بنات.

ورغم أن كثيرين اعتبروا أن الحكم الصادر بحق البازي مخفف، تشير المحامية ليلى عواضة من منظمة "كفى" لـ"المدن"، إلى أن المتهم حكم بالمادة 550 عقوبات، وهي مرتبطة بجرائم التسبب بالقتل وليس بجرائم القتل العمدي أو القصدي. وهذا الجرم، لا تزيد عقوبته عن 7 سنوات كحدٍ أقصى.

وقالت عواضة: "الأهم أن هذه العدالة كان يمكن أن تتحقق منذ مقتل رولا، لكنها تحققت متأخرة"، في واحدة من أكثر قضايا مقتل النساء التي استغرقت وقتًا في المحاكم. وبالنسبة لمتهم أخذ البراءة بمحكمة الجنايات، و"عدد من القضاة تنحو عن الملف نتيجة الضغوط والتدخلات، فإن هذه العدالة ترضينا نوعًا ما، وإن كان يمكن سجنه 7 سنوات".

الجريمة المروعة
وتختزل قصة رولا يعقوب، المتحدرة من بلدة حلبا في عكار، قضايا عشرات النساء المقتولات في لبنان، وهروب القاتلين بشتى الطرق من العدالة، في ظل غياب قوانين رادعة تحدّ من جرائم العنف الأسري في لبنان.

وجسدت والدة رولا، السيدة ليلى يعقوب، أيقونة الأم المناضلة بانتزاع حق ابنتها المقتولة، وإحقاق العدالة لها، ولو بعد حين. وهكذا، لم تستسلم الأم ليلى لا للتقدم بالعمر ولا للتعب ولا للدموع ولا لكل محاولات الإحباط بالتحايل على القضاء وتزوير شهدات الطب الشرعي.

وهذه الأم المفجوعة، لم تستسلم أيضًا لأحكام البراءة التي منحها القضاء للزوج عبر محكمة الجنايات في لبنان الشمالي عامي 2014 وثم عام 2018، على قاعدة عدم كفاية الأدلة بتسببه بمقتلها جراء تعنيفها.

وعليه، صدر الحكم النهائي من محكمة التمييز وهو غير قابل للطعن، وذلك بعد أول جلسة استماع عقدتها في العام 2019.

ويعد هذا الحكم ليس انصافًا لرولا فحسب، بل أيضًا لبناتها الخمسة، ولوالدتها، وللنساء اللبنانيات والزوجات المعنفات، وكل من واكب قضيتها. والتحدي يبقى، هو بالمضي في تصحيح مسار القضاء بجرائم قتل النساء، والتحرر من كل أشكال الضغوطات السياسية والاجتماعية والعائلية، علها تكون السبيل للحد من ارتفاع حصيلة مقتل النساء والعنف الأسري.