المصدر: النهار
الكاتب: منال شعيا
الخميس 11 تموز 2024 08:12:47
ليس جديداً الحديث عن إدخال لاجئين سوريين الى لبنان، بطريقة غير شرعية أو " تهريبة". فهذا الملف لا يزال يشكل الخاصرة الرخوة في الجسم اللبناني، وإن كانت بعض التدابير الأخيرة أسهمت، الى حد ما، في التخفيف من كرة النار هذه.
لكن اللافت كان توقيف الجيش اللبناني، الأحد الفائت، ما يقارب مئة لاجئ سوري جديد، كانوا قد قدموا من سوريا لقاء مقابل مالي.
فأي عصابة تنمو في هذا الملف؟ والأهم، هل الأجهزة الأمنية، ومن ورائها السلطة الرسمية، تعلم فتتحرك لتتصدى لهذه الظاهرة؟
لا شك في أن هناك عصابات تتولى تهريب السوريين الى لبنان، وهذه الظاهرة نمت منذ أعوام، وما أسهم في تعزيز هذه الظاهرة عدم السيطرة على الحدود والمعابر.
تكشف مصادر أمنية مواكبة لـ"النهار" أن "هذه العصابات تسعى الى اختراع وسائل لتأمين إدخال اللاجئين الى لبنان، وكان آخرها ما تم عبر إيقاف نحو 90 لاجئاً مقابل 300 دولار يدفعها كل واحد منهم".
وفي هذا المسار "غير الشرعي" نجح الجيش في توقيف هؤلاء، من ضمن خطة "ضبط الحدود".
من عمليات التهريب.
ووفق معلومات "النهار" فإن "ثمة جهوداً مشتركة بين قيادة الجيش والأمن العام والأمن الداخلي والجمارك في بذل كل ما أمكن لوقف عمل هذه العصابات، وبالتالي فإن جهداً عسكرياً – أمنياً يكبر تدريجياً في وقف هذا العمل".
وهنا، تروى الكثير من القصص التي تتم عبر الحدود اللبنانية – السورية و"السيناريوات المعدة من أفراد هذه العصابات عبر ابتكارهم أساليب لإدخال اللاجئين، إن كان عبر شاحنات تبدو في الخارج على أنها تحوي بعض مواد البناء، فيما تكون، في الحقيقة، تخفي ناساً ولاجئين. وغالباً ما تنشط هذه الطرق عبر معابر التهريب، ويكون جميع المهربين سوريين، وتتم هذه العملية وفق مبالغ مالية.
وغالباً أيضاً، ما ينشر الجيش بعض البيانات الصحافية التي تشير الى إيقاف هؤلاء وإعادتهم الى الداخل السوري عبر المعبر الرسمي، مما يشير الى علم لبنان بما يحصل.
تاريخ الحدود... وفلتانها
تاريخ الحدود اللبنانية – السورية طويل ومعقد، مليء بالقصص والروايات التي تخبر عن الفلتان وعدم الضبط. في المقابل، يسجّل على قيادة الجيش، محاولاتها المستمرة في السيطرة على الحدود، ولا سيما مع استمرار الأحداث داخل سوريا، وترك معضلة اللاجئين السوريين داخل لبنان، بلا حل نهائي.
لكن التدابير الأخيرة التي اتخذت على صعيد الحكومة، ومنها عبر الوزرات، مروراً بالبلديات أسهمت في التخفيف من بعض الارتدادات السلبية لكرة اللاجئين، إن كان داخل بعض البلدات والمناطق، وإن كان على الحدود.
كذلك، دخل الأمن العام اللبناني على خط المعالجة والتدابير الصارمة، إن كان عبر بعض الآليات العملية التي يُفترض أن يباشر بها، على صعيد داتا اللاجئين وتصدّيه لأي "داتا منقوصة" في هذا المجال.
وفي إطار الجهد الذي يبذل على صعيد الحدود، تشير أوساط عسكرية لـ"النهار" الى أن "الجيش سيطر على قرابة 80 في المئة من الحدود مع سوريا".
دولياً، نص قرار مجلس الأمن الشهير رقم 1701 الذي صدر عام 2006 على ضرورة أن "تضبط الدولة اللبنانية حدودها وتمنع إدخال الأسلحة بلا موافقتها".
لكن عملياً، لا تزال الثغرات على الحدود موجودة، على الرغم من الجهد العسكري – الأمني، وما يعزز ذلك "ضخامة الحدود وطولها مما يتطلب عدداً إضافياً من العسكريين"، و"قدرة المهربين على التحرك عبر عصابات ومافيات تنشط لتهريب مواد وبشر في آن واحد"، والدليل، بيانات الجيش التي تصدر بين الحين والآخر، وتتحدث عن "إحباط بعض عمليات التسلل".
لا شك أيضاً، في أن هناك بعض الأفراد، أو بالأحرى بعض العائلات التي تعمل في "نشاط التهريب"، ويساعدها في ذلك تساهل الجانب السوري في هذه العمليات، بالتواطؤ مع لبنانيين، أفراداً كانوا أو أحزاباً!
حتى الساعة، لا يزال الجيش يسعى الى التصدي "للعمل العصابي" هذا، ولا سيما أن عدداً من اللاجئين يدخلون من خلال عصابات موالية للنظام السوري من جهة سوريا، وبتسهيل من بعض الأحزاب من الجانب اللبناني، وهذه العصابات تقبض أموالاً، الى جانب نيلها حصة من السوريين الذين يحصلون على أموال من الأمم المتحدة.
أما ما يدعو الى الريبة فهو السؤال المشروع الآتي: "إن كان هذا "اللاجئ" يستطيع دفع الأموال، وبالدولار، فلمَ يحتاج الى العمل في لبنان؟!".
كثيرة هي المناطق التي ينشط عبرها هذا العمل، من سهل اللبوة ورأس بعلبك والقاع، ووادي خالد وغيرها الكثير الكثير من المناطق، مقابل جهود من الجيش اللبناني بالتعاون مع المخابرات في ملاحقة المهربين، تارة عبر أعمال المطاردة وطوراً عبر إقامة حواجز مفاجئة.
باختصار، ستبقى الحدود بوابة لعصابات إدخال السوريين الى لبنان، ولن تكفي جهود الجيش والأجهزة الأمنية الأخرى في "كبح" هذه الظاهرة، ما لم يترافق ذلك مع قرار رسمي موحد وتدابير عملانية أكثر تشدداً... وتبدأ أولى حلقاتها بإقفال المعابر غير الشرعية التي ستبقى باباً للمرتكبين وعملاً لجهات حزبية لا تنصاع لأوامر الدولة!