عقار "تايلينول" والتوحد... ماذا يجب على المرأة الحامل ‏معرفته؟

أفاد خبراء بأن مجموعة الأبحاث التي تستكشف العلاقة بين ‏التوحد واستخدام ‏الأسيتامينوفين أثناء الحمل ليست قاطعة، ‏وهناك أبحاث أقل تدرس ‏انتشار التوحد عند استخدام ‏الأسيتامينوفين خلال مرحلة الرضاعة أو ‏الطفولة المبكرة.‏

ورغم أن الإفراط في استخدام الأسيتامينوفين يتضمن مخاطر ‏جسيمة ‏تؤثر على الرضع والأطفال، إلا أن المخاطر المحددة ‏تتعلق بتلف الكبد ‏وليس التوحد. لذا يجب على الآباء مراجعة ‏إرشادات الجرعات بعناية ‏واستشارة طبيب الأطفال قبل ‏الاستخدام.‏

وبحسب الخبراء فإنّه لا ينبغي على النساء الحوامل الامتناع ‏عن استخدام دواء "تايلينول"، ورفضوا ادعاءات إدارة الرئيس ‏الأميركي دونالد ترامب غير المثبتة بأنّه قد يُسبِّب التوحد.‏

كرّر ترامب في مؤتمر ٍصحافي، تحذيرا عاما قائلاً: "إذا كنتِ ‏حاملاً، فلا تستخدمي دواء تايلينول. وبعد ولادة طفلك، لا ‏تعطيه العقار قط إلا للضرورة القصوى".‏


لكن دفعت سنوات من الأبحاث المنظمات الطبية الكبرى في ‏الولايات المتحدة إلى دعم استخدام الأسيتامينوفين، المعروف ‏بـ"تايلينول"، لعلاج الألم والحمى أثناء الحمل، وتعكس ‏التوصيات أنّ فوائده تفوق أي مخاطر محتملة.‏


أكّدت رئيسة الأكاديمية الأميركية لطب الأطفال الدكتورة ‏سوزان كريسلي، في بيان: "كان حَدَث البيت الأبيض المتعلق ‏بالتوحد مليئًا بادعاءات خطيرة ومعلومات مضللة تُرسل ‏رسالة مُربكة للآباء المستقبليين، وتُسيء إلى المصابين ‏بالتوحد".‏


يُعتبر الأسيتامينوفين من بين أفضل الخيارات وأكثرها أمانًا ‏لعلاج الألم والحمى أثناء الحمل على نطاقٍ واسع حتّى الآن.‏


من جهتها، ذكرت الكلية الأميركية لأطباء التوليد وأمراض ‏النساء أن الأسيتامينوفين آمن للاستخدام أثناء الحمل، وتوصي ‏به كعلاج أولي، وأكدت الكلية الأميركية الإثنين أنّها لا تنوي ‏تغيير هذه الإرشادات.‏


بينما قامت جمعية طب الأم والجنين بإعادة تأكيد إرشاداتها ‏التي تنص أنّ الأسيتامينوفين "دواء مناسب لعلاج الألم ‏والحمى أثناء الحمل".‏

 المخاطر مقابل الفوائد
وقال ترامب الإثنين إنّه "لا يوجد أي ضرر" لعدم استخدام ‏دواء "تايلينول" أثناء الحمل، لكن من المفهوم على نطاق ‏واسع أن ترك الألم أو الحمى دون علاج أثناء الحمل ينطوي ‏أيضًا على مخاطر جِديّة.‏

ووجدت مراجعة بحثية نُشرت في مجلة "‏Pediatrics‏" أنّ ‏المعاناة من الحمى خلال الأشهر الثلاثة الأولى من الحمل قد ‏تكون خطيرة بشكلٍ خاص، كونها تزيد من خطر الإصابة ‏بعيوب القلب الخلقية، وعيوب الأنبوب العصبي، والشقوق ‏الفموية بما يصل إلى ثلاثة أضعاف.‏


كما يمكن أن تؤثر الإصابة بالحمى أثناء الحمل، وخاصةً ‏الحمى الشديدة، على نمو دماغ الجنين، وقد حدّدت بعض ‏الدراسات الحمى نفسها كعامل خطر لاضطرابات النمو ‏العصبي مثل التوحد.‏


ورأى الخبراء أنّ هناك حاجة لإجراء المزيد من الأبحاث ‏حول هذا الموضوع، وتوجد أدلة على أنّ استخدام أدوية ‏خفض الحرارة قد تتمتع بأثر وقائي.‏

 

تحيّزات خطيرة
أعلن مسؤولو الصحة خلال مؤتمر صحفي الإثنين، أنّ إدارة ‏الغذاء والدواء الأميركية "‏FDA‏" ستصدر إشعارا للأطباء ‏‏"حول خطر استخدام الأسيتامينوفين أثناء الحمل" وستعمل ‏على تغيير ملصق السلامة على منتجات من بينها "تايلينول".‏


وصرّح وزير الصحة والخدمات الإنسانية الأميركي روبرت ‏إف. كينيدي الابن، بأنّ الوزارة ستنصح الأطباء "بوصف أقل ‏جرعة فعالة لأقصر مدة ضرورية وعند الحاجة للعلاج فقط".‏


يتماشى هذا بشكلٍ عام مع الإرشادات الحالية الصادرة عن ‏المنظمات الطبية.‏


أظهرت مراجعة حديثة للدراسات أن عقودًا من الأبحاث، ‏المستمدة من دراسات واسعة النطاق، وجدت أنّ ‏الأسيتامينوفين "آمن بشكلٍ عام" عند استخدامه وفقًا للتوصيات ‏الخاصة بفترة الحمل.‏


لكن رأى الباحثون أنّ الأبحاث الحديثة التي ركزت على ‏الروابط المحتملة بين استخدام الأسيتامينوفين أثناء الحمل ‏والنتائج النمائية العصبية، بما في ذلك التوحد، "تتضمن ‏تحيزات خطيرة".‏


التواصل هو الأساس
وقالت أخصائية علم النفس السريري بجامعة "كولومبيا" ‏بأميركا الدكتورة إليزابيث فيرنر إنه من الشائع أن تشعر ‏الحوامل بضغط كبير للقيام بالأمور على أكمل وجه، وقد ‏يكون هذا الضغط شديدًا.‏


وأضافت فيرنر، المتخصصة في العمل مع النساء أثناء الحمل ‏ومرحلة ما بعد الولادة: "أوصي الأشخاص بشدّة بالحديث مع ‏طبيبهم وتحليل المعلومات مع طبيب على دراية بتفاصيل ‏حياتهم ووضعهم حتى يتمكنوا من اتخاذ قرار مدروس بشأن ‏أفضل السبل للمضي قدماً في أمر مثل العلاج الطبي الذي قد ‏يحتاجون إليه".‏