المصدر: النهار
الأربعاء 24 أيلول 2025 08:53:56
أفاد خبراء بأن مجموعة الأبحاث التي تستكشف العلاقة بين التوحد واستخدام الأسيتامينوفين أثناء الحمل ليست قاطعة، وهناك أبحاث أقل تدرس انتشار التوحد عند استخدام الأسيتامينوفين خلال مرحلة الرضاعة أو الطفولة المبكرة.
ورغم أن الإفراط في استخدام الأسيتامينوفين يتضمن مخاطر جسيمة تؤثر على الرضع والأطفال، إلا أن المخاطر المحددة تتعلق بتلف الكبد وليس التوحد. لذا يجب على الآباء مراجعة إرشادات الجرعات بعناية واستشارة طبيب الأطفال قبل الاستخدام.
وبحسب الخبراء فإنّه لا ينبغي على النساء الحوامل الامتناع عن استخدام دواء "تايلينول"، ورفضوا ادعاءات إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب غير المثبتة بأنّه قد يُسبِّب التوحد.
كرّر ترامب في مؤتمر ٍصحافي، تحذيرا عاما قائلاً: "إذا كنتِ حاملاً، فلا تستخدمي دواء تايلينول. وبعد ولادة طفلك، لا تعطيه العقار قط إلا للضرورة القصوى".
لكن دفعت سنوات من الأبحاث المنظمات الطبية الكبرى في الولايات المتحدة إلى دعم استخدام الأسيتامينوفين، المعروف بـ"تايلينول"، لعلاج الألم والحمى أثناء الحمل، وتعكس التوصيات أنّ فوائده تفوق أي مخاطر محتملة.
أكّدت رئيسة الأكاديمية الأميركية لطب الأطفال الدكتورة سوزان كريسلي، في بيان: "كان حَدَث البيت الأبيض المتعلق بالتوحد مليئًا بادعاءات خطيرة ومعلومات مضللة تُرسل رسالة مُربكة للآباء المستقبليين، وتُسيء إلى المصابين بالتوحد".
يُعتبر الأسيتامينوفين من بين أفضل الخيارات وأكثرها أمانًا لعلاج الألم والحمى أثناء الحمل على نطاقٍ واسع حتّى الآن.
من جهتها، ذكرت الكلية الأميركية لأطباء التوليد وأمراض النساء أن الأسيتامينوفين آمن للاستخدام أثناء الحمل، وتوصي به كعلاج أولي، وأكدت الكلية الأميركية الإثنين أنّها لا تنوي تغيير هذه الإرشادات.
بينما قامت جمعية طب الأم والجنين بإعادة تأكيد إرشاداتها التي تنص أنّ الأسيتامينوفين "دواء مناسب لعلاج الألم والحمى أثناء الحمل".
المخاطر مقابل الفوائد
وقال ترامب الإثنين إنّه "لا يوجد أي ضرر" لعدم استخدام دواء "تايلينول" أثناء الحمل، لكن من المفهوم على نطاق واسع أن ترك الألم أو الحمى دون علاج أثناء الحمل ينطوي أيضًا على مخاطر جِديّة.
ووجدت مراجعة بحثية نُشرت في مجلة "Pediatrics" أنّ المعاناة من الحمى خلال الأشهر الثلاثة الأولى من الحمل قد تكون خطيرة بشكلٍ خاص، كونها تزيد من خطر الإصابة بعيوب القلب الخلقية، وعيوب الأنبوب العصبي، والشقوق الفموية بما يصل إلى ثلاثة أضعاف.
كما يمكن أن تؤثر الإصابة بالحمى أثناء الحمل، وخاصةً الحمى الشديدة، على نمو دماغ الجنين، وقد حدّدت بعض الدراسات الحمى نفسها كعامل خطر لاضطرابات النمو العصبي مثل التوحد.
ورأى الخبراء أنّ هناك حاجة لإجراء المزيد من الأبحاث حول هذا الموضوع، وتوجد أدلة على أنّ استخدام أدوية خفض الحرارة قد تتمتع بأثر وقائي.
تحيّزات خطيرة
أعلن مسؤولو الصحة خلال مؤتمر صحفي الإثنين، أنّ إدارة الغذاء والدواء الأميركية "FDA" ستصدر إشعارا للأطباء "حول خطر استخدام الأسيتامينوفين أثناء الحمل" وستعمل على تغيير ملصق السلامة على منتجات من بينها "تايلينول".
وصرّح وزير الصحة والخدمات الإنسانية الأميركي روبرت إف. كينيدي الابن، بأنّ الوزارة ستنصح الأطباء "بوصف أقل جرعة فعالة لأقصر مدة ضرورية وعند الحاجة للعلاج فقط".
يتماشى هذا بشكلٍ عام مع الإرشادات الحالية الصادرة عن المنظمات الطبية.
أظهرت مراجعة حديثة للدراسات أن عقودًا من الأبحاث، المستمدة من دراسات واسعة النطاق، وجدت أنّ الأسيتامينوفين "آمن بشكلٍ عام" عند استخدامه وفقًا للتوصيات الخاصة بفترة الحمل.
لكن رأى الباحثون أنّ الأبحاث الحديثة التي ركزت على الروابط المحتملة بين استخدام الأسيتامينوفين أثناء الحمل والنتائج النمائية العصبية، بما في ذلك التوحد، "تتضمن تحيزات خطيرة".
التواصل هو الأساس
وقالت أخصائية علم النفس السريري بجامعة "كولومبيا" بأميركا الدكتورة إليزابيث فيرنر إنه من الشائع أن تشعر الحوامل بضغط كبير للقيام بالأمور على أكمل وجه، وقد يكون هذا الضغط شديدًا.
وأضافت فيرنر، المتخصصة في العمل مع النساء أثناء الحمل ومرحلة ما بعد الولادة: "أوصي الأشخاص بشدّة بالحديث مع طبيبهم وتحليل المعلومات مع طبيب على دراية بتفاصيل حياتهم ووضعهم حتى يتمكنوا من اتخاذ قرار مدروس بشأن أفضل السبل للمضي قدماً في أمر مثل العلاج الطبي الذي قد يحتاجون إليه".