عقدة شيعية بين "أمل" والحزب تؤخّر التفرغ.. الحلبي لا يستطيع حذف أي اسم شيعي!

تنتهي المهلة التي قطعها وزير التربية عباس الحلبي للجنة الرسمية للأساتذة المتعاقدين في الجامعة اللبنانية لرفع ملف التفرغ اليوم.

وما زال الملف عالقاً في الإشكاليات السياسية والطائفية عينها، رغم أن الخطوات لتعديل الملف ليصبح قابلاً للإقرار في مجلس الوزراء تسارعت في الأيام الفائتة. لكن اللجنة التي ستجتمع مساء اليوم لوضع خطوات تصعيدية في سبيل اقرار ملف التفرغ ورفع اجر الساعة ودفع بدلات إنتاجية، "لن تلجأ إلى خطوات كبرى مثل الإضراب احتراماً لبادرة حسن النية التي يتعامل فيها الحلبي مع الملف"، كما قالت مصادر اللجنة لـ"المدن". فقد "لمسوا في اجتماعهم مع الوزير تعاطيه بجدية تامة لإقرار الملف". لكن بعيداً من "اللجنة الرسمية" بدأ أساتذة متعاقدون، معارضون لـ"اللجنة"، التداول بالدعوة إلى إضراب مفتوح، يشمل عدم مراقبة الامتحانات وتصحيح المسابقات أو عدم تسليمها إلى الوحدات، للذين أجروا الامتحانات مؤخراً.

عقدة شيعية-شيعية
كل القوى السياسية التي راجعت الوزير الحلبي نقلت عنه أنه لن يرفع أي ملف إلى الأمانة العامة لمجلس الوزراء إذا لم يكن متوازناً. فقد تسلّم ملفاً متفجراً طائفياً ومنتفخاً بالعدد لا يمكن أن يقر في مجلس الوزراء. لكن العقدة الأساسية لجعل الملف متوازناً تصطدم بعدد الأساتذة من الطائفة الشيعية، بمعزل عما إذا كانوا مستحقين أكاديمياً للتفرغ أم لا.

ووفق مصادر مطلعة، شطب أسماء أساتذة من الطائفة الشيعية لمجرد تخفيض العدد دونه عقبات ليست أكاديمية فحسب، بل سياسية أيضاً. والحلبي لا يستطيع حذف أي اسم شيعي قد يؤدي إلى خلافات شيعية-شيعية تضاف إلى الإشكاليات الحالية التي أدت إلى تأخر الملف في مكتب الحلبي لنحو شهر، وتحول دون رفعه إلى مجلس الوزراء. والإشكالية الشيعية قائمة بين حركة أمل وحزب الله. ففي الجامعة اللبنانية لا يمكن الحديث عن ثنائي لأن كل طرف يريد المقربين منه. ومعضلة حزب الله أن تأثير حركة أمل في إدارات الدولة أكبر من حزب الله، وتظهر في الجامعة اللبنانية بشكل جلي. فمن بين 14 مديراً من الطائفة الشيعية هناك نحو 8 مدراء لحركة أمل وأربعة مقربين منها أو "راضية" عنهم، فيما لحزب الله مديران فقط. وهذا انعكس بأن نسبة المتعاقدين الموالين أو المقربين من "أمل" أعلى من الموالين أو المقربين من الحزب. وحذف أي اسم شيعي من الملف يؤدي إلى خلافات بين الحزب و"أمل". ما يعني أن الحلبي يسير بين النقاط في هذا الشأن.

إعادة دراسة الملف
وترجح المصادر أن يطول أمد الانتهاء من تعديل الملف في مكتب الوزير. وثمة نقاشات تجري حول العدد الممكن لجعل الملف متوازناً بين المسلمين والمسيحيين والسنة والشيعة، لكنها تتطلب إعادة دراسة الملف من جديد. فبحسب الأعداد الحالية لكيفية توزع الأساتذة بين الطوائف يتبين أن أي ملف قابل للحياة على مستوى التوازن لا يمكن أن يزيد عن ألف أستاذ، وهذا على قاعدة أن المسيحيين سيقبلون بتوازن بنحو 45 بالمئة لصالح الطوائف المسيحية مقابل 55 بالمئة للطوائف الإسلامية. وهذا يفرض وضع أولوية لشطب جميع أسماء الأساتذة المسافرين وتأجيل تفريغهم لنحو خمس سنوات وإعطاء الأولوية لمن هم في لبنان. ليس هذا فحسب، بل يفترض أن يكون هناك أولوية ثانية لمن هم في لبنان أيضاً تقوم على تفريغ الأساتذة الذين تعاقدوا مع الجامعة قبل العام 2019. ففي السنوات الأربعة اللاحقة (سنوات الأزمة المالية) وبسبب كثرة طلبات الاستيداع (إجازات) وهجرة أساتذة في الملاك وفي التعاقد، وتخفيض الأساتذة من الجانبين نصابهم، جرى التعاقد مع أساتذة جدد. ومُنح هؤلاء أنصبة تفوق 300 ساعة، فيما زملاء لهم من الاختصاص عينه بقوا لسنوات بأنصبة تقل عن مئتي ساعة.

أوضاع المتعاقدين المزرية
في الأثناء، تعيش فئة من الأساتذة المتعاقدين ظروفاً مزرية. صحيح أن جزءاً كبيراً من المتعاقدين إما يعلّمون في جامعات خاصة أو يعملون كمحامين ومهندسين وأطباء وفي مهن حرة، إلا أن هناك متعاقدين، ولا سيما في الاختصاصات الأدبية، يعتمدون في معيشتهم على الجامعة اللبنانية. وقد مضى ثلاث سنوات على عدم تلقيهم بدل اتعابهم وباتت عقودهم بلا أي قيمة. ويقول متعاقدون يدرّسون حصصاً في جامعات خاصة أنه لا يجوز أن يصرفوا على الجامعة اللبنانية من جيبهم لقاء العيش على وعد إقرار ملف التفرغ منذ أربع سنوات. وعملهم في جامعات أو مهن خاصة لا يجب أن يؤخذ ذريعة لعدم دفع بدلات إنتاجية بالدولار أو رفع أجر ساعاتهم. فسلفة بدلات الإنتاجية، التي حصلت عليها وزارة التربية بقيمة 15 ألف مليار ليرة، كانت مخصصة للهيئات التعليمية في المدارس والجامعة. لكن رئيس الجامعة حرم المتعاقدين من الإنتاجية ومنحها للموظفين في الجامعة بحجة أن إضراب الموظفين يعطل الجامعة. والأسوأ من ذلك أن رئيس الجامعة خصص بدلات إنتاجية لأساتذة الملاك بقيمة 650 دولاراً في الشهر، فيما كان بإمكانه تخفيض هذا المبلغ ومنح المتعاقدين بدلات إنتاجية.

ويضيف الأساتذة أن رئيس الجامعة يردد أمام المسؤولين الذين راجعوه بخصوص منح المتعاقدين بدلات إنتاجية (يومية أو على الساعة) أنه لا يمانع دفع بدلات إنتاجية لكنه بحاجة لتغطية مالية غير متوفرة. ويعتبرون أن هذا الأمر مجرد تهرب من المسؤولية. فحالياً حصلت الجامعة اللبنانية على موازنة بنحو 62 مليون دولار، في الموازنة الجديدة التي أقرها المجلس النيابي. ما يعني أنه يستطيع دفع بدلات الإنتاجية. لكنه ينطلق من فكرة أن لا تأثير للمتعاقدين على عمل الجامعة لأنهم منقسمون ويخافون من اللجوء إلى الإضراب تحت طائلة عدم تفرغ المتمردين منهم. وقد منح أساتذة الملاك بدلات إنتاجية لعدم لجوئهم إلى الإضراب وبات أساتذة الجامعة لا يشكلون كتلة ضغط موحّدة.