عقوبات بحرية صارمة... واشنطن وبكين تنقلان المواجهة إلى أحواض السفن

فرضت الصين عقوبات على 5 شركات أمريكية تابعة لشركة "هانوا أوشن" الكورية الجنوبية، في ردٍّ مباشر على تحقيق أمريكي حول "هيمنة الصين في صناعة السفن".

وفيما تكشف الخطوة الصينية عمق التصعيد التجاري بين بكين وواشنطن، فإن تحرك الصين يُعتبر رسالة مزدوجة: تحدٍّ للرئيس الأمريكي دونالد ترامب، وإشارة إلى أن حرب الصناعات الثقيلة دخلت مرحلة جديدة أكثر خطورة.
عقوبات تضرب الحلفاء
بدورها، أعلنت وزارة التجارة الصينية كذلك، أنها حظرت على الشركات الصينية التعامل مع 5 شركات فرعية لـ"هانوا أوشن"، بينها Hanwha Philly Shipyard Inc، وHanwha Shipping LLC.

وقالت الوزارة إن القرار جاء بسبب "مشاركة تلك الكيانات في التحقيق الأمريكي"، معتبرةً أن هذا التحقيق يهدد الأمن القومي الصيني ويستهدف "مكانة الصين في الشحن العالمي".

من جهته، وصف الخبير الاقتصادي كون كاو هذه الخطوة بوضوح قائلًا: "قامت الصين بتسليح صناعة السفن، وهي رسالةٌ واضحة: من يتعاون مع واشنطن سيدفع الثمن".

جبهة بحرية جديدة
ويرى الخبراء أن التحقيق الأمريكي الذي فجر الأزمة أُطلق في أبريل 2024 بموجب المادة 301، وخلُص إلى أن الصين تُضر بالمصالح الصناعية الأمريكية من خلال دعمها الضخم لقطاع بناء السفن، وردَّ ترامب لاحقًا مهدّدًا بفرض رسوم جمركية بنسبة 100% على الواردات الصينية، في حين فرضت بكين رسوم موانئ مقابلة على السفن الأمريكية؛ ما حوّل الموانئ والمرافئ إلى ساحات مواجهة جديدة في الحرب الاقتصادية الممتدة بين القوتين.
شريك واشنطن تحت الضغط
ويعتقد مراقبون أن الخطوة الصينية تضع سيول في موقف صعب، خصوصًا أن "هانوا أوشن" تمثل حجر زاوية في التعاون الصناعي بين الولايات المتحدة وكوريا الجنوبية؛ فالشركة استحوذت العام الماضي على حوض "فيلادلفيا" الأمريكي مقابل 100 مليون دولار، وتخطط لاستثمار 5 مليارات دولار لتعزيز قدرات الولايات المتحدة في بناء السفن، لكن مع العقوبات الصينية، انهار سهم الشركة بأكثر من 8% في بورصة سيول، في إشارةٍ إلى أن "الضرر التجاري وصل فورًا".
ويحذر الخبراء من أن هذا التصعيد يهدد بإفشال القمة المرتقبة بين ترامب والرئيس الصيني شي جين بينغ أواخر الشهر الجاري، رغم إعلان الطرفين استمرار الاتصالات.

وفي خلفية المشهد، يظهر رهان ترامب على إحياء الصناعات الثقيلة الأمريكية كعنوان لسياساته، بينما تستخدم الصين تفوقها في سلاسل التوريد للرد على كل محاولة لإضعافها، ولذلك فإن العقوبات الصينية ضد فروع "هانوا أوشن" ليست مجرد رد تجاري، بل إنها ضربة سياسية تستهدف قلب مشروع ترامب لإعادة بناء الصناعة الأمريكية، ورسالة تحذير للدول الحليفة لواشنطن بأن الحياد لم يعد خيارًا في حرب اقتصادية تتسع من الرقائق إلى أحواض السفن.