علماء فلك يرصدون أبعد مجرة اكتُشفت على الإطلاق

رصد علماء فلك أبعد مجرة تُكتشف على الإطلاق، وتبعد 13,5 مليار سنة ضوئية عن الأرض، على ما ذكرت دراسة نُشرت أمس، ويتعيّن تأكيد نتائجها من خلال عمليات رصد أكثر تقدّماً.

وبعد أكثر من 1200 ساعة من مراقبة السماء عبر أربعة تلسكوبات، رُصد «HD1»، وهو جسم شديد السطوع «يتطابق لونه الأحمر مع خصائص مجرّة تبعد 13,5 مليار سنة ضوئية»، بحسب ما يوضح مكتشف المجرّة، يويتشي هاريكانه، في بيان نشره على هامش الدراسة الجمعية الفلكية الملكية.

وأكّدت بيانات إضافية جمعها مرصد «ألما» في تشيلي، نتائج الدراسة الجديدة، إذ تبعد مجرّة «HD1» أكثر مما تبعد مجرّة «GN-z11» التي كانت حتى اكتشاف «HD1» أبعد مجرّة على الإطلاق.

وتكون مجرّة «HD1» بالتالي قد تشكّلت بعد 300 مليون سنة من الانفجار العظيم، وهو تاريخ نشأة الكون، واستغرق الضوء الذي ينبعث منها 13,5 مليار سنة ليصل إلى الأرض.

وبهدف تحديد عمر المجرّة، قاس العلماء الانزياح الأحمر الخاص بضوئها الأصليّ. ومع تمدد الكون، تتّسع المسافة بين الأجسام. وكلما عدنا بالزمن إلى الوراء، ازدادت المسافة بين الأجسام وامتدّ ضوءها أكثر، متحوّلاً إلى أطوال موجية تصبح حمراء بشكل متزايد.

لكن مشكلة واحدة تبرز في ظل هذا الاكتشاف، إذ رصد العلماء كذلك كثافة قوية بشكل غير اعتياديّ للإشعاع فوق البنفسجي في المجرّة، ما يمثّل علامة على نشاط لم تتطرّق إليه النماذج النظرية الخاصة بتشكيل المجرّات.

وطرح معدّو الدراسة بالتالي فرضيّتَين، تشير الأولى إلى أن المجرّة كانت ستشكّل أرضاً خصبة لتكوّن النجوم بشكل خاص وتشكيل نحو مئة منها سنوياً، وهو معدّل أعلى بعشر مرات من المتوقّع.

ويمكن أن تمثّل هذه النجوم «جمهرة النجوم الثالثة» التي لم يتمكن علماء الفلك من رصدها بعد.

ويوضح مُعدّ الدراسة الرئيسي، فابيو باكوتشي: من مركز «هارفارد» للفيزياء الفلكية في الولايات المتحدة، أنّ هذه الأجيال الأولى من النجوم هي «أكبر وأكثر إشراقاً وسخونة من النجوم الحديثة».

أما الفرضية الثانية، فتتمثّل في وجود ثقب أسود هائل في وسط المجرة، والذي من خلال ابتلاع كميات هائلة من الغاز يصدر إشعاعاً فوق بنفسجي قوياً.

لكن لحدوث هذه الظاهرة، ينبغي أن يكون الثقب الأسود يعادل بالحجم مئة مليون من كتلة الشمس. وفي هذا الإطار، تقول عالمة الفيزياء الفلكية، فرانسواز كومبس، من مرصد «Paris-PSL»، والتي لم تشارك في إعداد الدراسة، إن «الوصول إلى حجم مماثل في وقت قصير جداً احتمال بعيد».

ولإزالة الالتباسات، أصبحت مجرّة «HD1» هدفاً لتلسكوب «جيمس ويب» الفضائي الذي يتمتع بقدرة لا مثيل لها على رؤية الكون البعيد جداً.