على خطى لبنان: مصارف مصر تقيّد عمليّات المودعين

فرضت خمسة مصارف مصريّة على الأقل قيوداً جديدة على عمليّات السحب التي يقوم بها عملاؤها، في دلالة جديدة على عمق أزمة السيولة التي يمر بها النظام المالي المحلّي.

مع الإشارة إلى أنّ الحكومة المصريّة تكافح في الوقت الراهن لبدء برنامج إصلاحي شامل مدعوم من صندوق النقد الدولي، بما يشمل إجراءات قاسية مثل بيع بعض الأصول الحكوميّة وزيادة مرونة سعر الصرف الرسمي. ومن المتوقّع حسب العديد الخبراء أن تجري مصر تخفيضًا إضافيًّا على قيمة الجنيه المصري، خلال الربع الأوّل من العام الحالي، ما سيمثّل التخفيض الرابع منذ العام 2022.

وكان بنك البركة والبنك المصري الخليجي قد قرّرا إلغاء "عمليّات السحب النقدي من الخارج" كلياً، وفقًا بيانات رسميّة نشرها المصرفان على الإنترنت. وسيحظر هذا الإجراء استعمال البطاقات المصرفيّة خارج مصر لإجراء السحوبات أو الشراء في المتاجر، ما يشابه من الناحية العمليّة والماليّة الحظر على التحويلات الخارجيّة. في المقابل، قررت مصارف أخرى مثل بنك أبوظبي الإسلامي وبنك أبوظبي الأوّل مصر، تخفيض سقف هذا النوع من السحوبات لغاية 50 دولاراً أميركياً شهرياً، وفقًا لبيانات تم نشرها على الإنترنت.

وبينما تؤشّر هذه البيانات إلى وجود أزمات في إدارة السيولة المتوفّرة لدى هذه المصارف، يخشى العديد من الخبراء من تسبب هذه الإجراءات بالمزيد من الشح في تدفّق العملات الأجنبيّة إلى النظام المالي المصري، بفعل حذر العملاء من القيود على ودائعهم. ومن المعلوم أنّ النظام المالي المصري كان يعتمد، قبل حصول الأزمة، على تدفّق سيولة المودعين المقيمين في الخارج، وخصوصًا دول الخليج، بينما ساهمت الأزمة الراهنة بتقلّص حجم هذه التحويلات واتجاهها نحو السوق السوداء المصريّة.

وكان صندوق النقد قد أعلن منذ أيّام أن المفاوضات مع مصر ستستمر خلال الأسابيع المقبلة، في إشارة إلى المراجعة التي ستفضي إلى صرف الشريحة المقبلة من القرض المتفق عليه مع مصر. وتحاول مصر خلال الوقت الراهن إجراء زيادة كبيرة في قيمة التمويل المتفق عليه مع الصندوق، بعد أن أصابت اقتصادها المحلّي تداعيات الحرب في منطقة الشرق، ومنها تقلّص حجم واردات قناة السويس خلال الفترة الماضية.

وتجدر الإشارة إلى أنّ سعر صرف الجنيه كان قد استقرّ رسميًا عند حدود 30.9 جنيهاً للدولار، غير أن تداوله في السوق الموازية يجري عند مستويات تناهز 56 جنيهًا مقابل الدولار. ورغم أن صندوق النقد يطالب مصر باعتماد سعر صرف عائم على المدى البعيد، أو على الأقل سعر صرف رسمي أكثر واقعيّة على المدى القصير، يخشى المسؤولون المصريون من تداعيات أي من الخطوتين على مستوى تضخّم أسعار السوق.