المصدر: وكالة أخبار اليوم
السبت 25 تموز 2020 17:18:55
قد يكون ضرورياً توثيق بعض ما قاله وزير الخارجية الفرنسي جان إيف لودريان خلال زيارته لبنان، لأنه يوفّر الكثير من السّجالات الداخلية.
فمن وزارة الخارجية اللّبنانية، دعا لودريان الى عدم التوهُّم بأنّ ثمة بدائل تسمح للبنان بالخروج من أزمته سوى التفاوُض مع "صندوق النّقد الدولي"، وهذا أبلغ جواب دولي على كلّ الدّاعين الى خيارات بديلة من إدخال لبنان في المنظومة الدولية، عبر الإصلاحات، وذلك من خلال أفكار وطروحات لا تصلُح إلا لمن يريد هدر المزيد من الوقت، من حساب مصلحة الشّعب اللّبناني.
الإصلاح الأوّل
عدم حيويّة "عين التينة" تجاه زيارة لودريان، في شكل عام، هي أكثر من دليل على أن الضّيف الفرنسي لم يُجامل أحداً، وعلى أنه تحدّث بلا قفّازات، بما لا يُمكن معاكسته بأي وجهة نظر أخرى، ولا سيّما في إطار ضرورة تحييد لبنان عن صراعات المنطقة.
في هذا الإطار، قد يكون الإختبار الإصلاحي الأوّل للدولة اللّبنانية، والذي ستراقبه فرنسا والعالم بعد مغادرة لودريان، هو مسار ردّ "حزب الله" بعد الهجمات المتكرّرة على سوريا، والتي كان آخرها ليل أمس. فهل يُعقَل أن يأتي الردّ عليها من الأراضي اللّبنانية، رغم أن قتال "الحزب" في سوريا لا يتعلّق بلبنان، بل بمشروع إقليمي، لا يخصّه (لبنان) في شكل أساسي؟ وهل من الممكن أن يمرّ هذا الردّ بلا عقوبات على الدولة اللّبنانية، بموازاة التشديد الدولي على تحييد لبنان عن صراعات المنطقة؟
حرب؟
لودريان قال أمس أيضاً إن الحياد الإيجابي يعني النأي بلبنان وبسيادته وبسلامة أراضيه عن الصراعات الإقليمية، وتأكيد قوّته وهويته وسلامة أراضيه.
فهل يُعيد التاريخ نفسه بحصول مواجهة بعد مغادرة وزير الخارجية الفرنسي، تُشبه ما حصل في نيسان عام 1996، بعد خمسة أيام من انتهاء زيارة الرئيس الفرنسي الراحل جاك شيراك لبنان، عندما اندلعت حرب "عناقيد الغضب"، وذلك رغم أن الظروف والعوامل مختلفة كلياً اليوم؟
متسارعة
رأى مصدر مُطّلِع أن "حتى الأمس القريب، كانت الصراعات والهجمات الإقليمية تحصل بحسب قواعد معروفة بعض الشيء. ولكن الأمر الجديد مؤخّراً هو أنّها أصبحت بوتيرة متسارعة، في شكل يتخطى أي قواعد للّعبة".
وأشار في حديث الى وكالة "أخبار اليوم" الى أن "إسرائيل تعتدي على رموز وقياديّين من "حزب الله" في سوريا، وهذا الأمر يخرّب قاعدة اعتماد الموقع الجغرافي للإعتداء، لتحديد موقع الردّ عليه، ويجعل لبنان ضمن دائرة الأمكنة المُحتَمَلة لأي ردّ".
قواعد نسبيّة
وشدّد المصدر على أن "قواعد العمل العسكري في الشرق الأوسط انزلقت خلال أيام لتُصبح نسبيّة وظرفيّة وغامضة جدّاً. وصحيح أنه لا يمكن الإتّكال على أنها ستظلّ على تلك الحالة، ولكن يمكنها أن تجنح الى ما هو خطير جدّاً".
وردّاً على سؤال حول تداعيات إمكانيّة صدور موقف لبناني رسمي، يُدين اعتراض الطائرة الإيرانية فوق سوريا، بسبب وجود لبنانيّين على متنها، أجاب:"لا أعتقد أن ذلك سيحصل، والدولة اللّبنانية لن تذهب الى هذا الحدّ. فهذا غير مطروح الآن، بحسب آخر المعلومات والمعطيات المتوفّرة".
تخطي التبريرات
وأكد المصدر أن "تردّي الأوضاع الأمنية يذهب باتّجاه تخطي تقديم التبريرات لذلك، والإعتماد عليها للتّصعيد، من قِبَل الأطراف المتصارعة في المنطقة".
وقال:"إسرائيل تقوم بهجمات متنوّعة الأهداف في سوريا، تستهدف القوات الإيرانية والسورية وعناصر "حزب الله"، وهي تارة تبرّر ذلك بالإشارة الى وجود أسلحة تهدّد أمنها هناك، وطوراً لا تقدّم أي تبرير واضح. وهو ما يؤكّد أن أي عمل حربي جدّي لن ينتظر تأمين الحجّة والمبرّر لاندلاعه".
وختم:"تنزلق الأمور الى اتّجاهات خطيرة جدّاً، يزيد طينها بلّة إستخراج إسرائيل النفط من البلوك رقم 9، والذي يُمكنه أن يشكّل مسرح احتكاك كبير".