عن خطة المجذوب التربوية: "..وكيف نصل إلى المدرسة؟"

رمى وزير التربية وعوده للأساتذة وأهالي الطلاب، ورفع المسؤولية عن كاهل وزارته. أمّن ما يستطيع تأمينه، بحدود صلاحيات وزارته، كما قال، وأبقى مطالب الأساتذة والأهل، رهن الحكومة والمنظمات الدولية. 

قلّص الوزير أسابيع التعليم من 27 إلى 18 أسبوعاً، وحصر أيام التدريس بأربعة حضورياً واليوم الخامس من بعد. وقلص المناهج بما يتناسب مع الظروف الاستثنائية التي يمر بها لبنان، وأمن اللقاحات المجانية وفحوص كورونا، لضمان عودة آمنة صحياً، وأمن قرطاسية للحلقتين الأولى والثانية في التعليم الرسمي، ومستلزمات أخرى للمدارس. لكنه ترك مطالب الأهل بتأمين المواصلات والمحروقات المدعومة، ومطالب الأساتذة بتأمين مادة البنزين أو رفع بدلات النقل لتتماشى مع غلاء سعر المحروقات، ورفع الأجور والرواتب لتتماشى مع غلاء المعيشة.. رهن الوعود، أو رهن استجداء الحكومة والمنظمات الدولية. 
رفض للخطة
لم تلق خطة المجذوب رضى كل مكونات العائلة التربوية ورُفضت قبل أن يبدأ التنفيذ. عملياً، الكل قال له: مسعاك مشكور لكن لا تكفي النوايا الحسنة. الكل يريد أفعالاً لا وعوداً، خبروها طوال السنوات الفائتة. ولسان حال الجميع: كيف لنا أن نصل إلى المدارس يا معالي الوزير؟ 

رئيس رابطة التعليم الأساسي، حسين جواد، أكد لـ"المدن" أن هيئة التنسيق، التي تضم رابطته وروابط التعليم الثانوي والمهني، ماضية في قرارها السابق بوقف كل الأعمال التربوية والإدارية. وقال: علّمنا السنة الفائتة باللحم الحي وارتضينا الذل. لكننا نتأسف هذه المرة. الخطة التي عرضها لا ترضينا ولم يحل الوزير أي شيء متعلق بالأزمة التي نعيشها. 

وأضاف: نشهد انهياراً تاماً لرواتبنا، وجل ما بدر عن الوزير قوله إنه سيسعى لدى الحكومة والجهات المانحة. لذا سننتظر أن يحقق المطالب كي نعود إلى الصفوف. 

وسأل: بدل النقل الذي رفعوه لـ24 ألف ليرة لليوم الواحد لا يكفي لشراء صفيحتي بنزين بالشهر، وقد تخدمنا لأسبوع، فكيف نعلم باقي أيام الشهر؟ الوزير شخصياً قال إن راتبنا يكفي ليومين، فكيف لنا أن نعيش باقي أيام الشهر؟ 

حسناً، لقد قلص الوزير المناهج وأسابيع التعليم، وحصر التدريس بأربعة أيام، لكن هذا لا يعني شيئاً. فهل سأل الوزير نفسه كيف لنا أن نعلم اليوم الخامس من بعد، طالما لا يوجد كهرباء؟ كيف ننير الصفوف ونسيّر أعمال المدارس طالما لا يوجد محروقات؟ سأل جواد مؤكداً أنهم ما زلوا عند موقفهم بوقف كل أعمال التعليم والأعمال الإدارية، إلى حين تصحيح الأجور وتأمين بدل انتقال وعدم المشاركة في أعمال تسجيل الطلاب. 
لا جديد
بدوره اعتبر نقيب المعلمين في التعليم الخاص رودولف عبود أن الخطة لم تأت بأي جديد. وقال: ما زلنا في مكاننا. ولم يطرح الوزير أي شيء جديد يتعلق بمطالبنا. لذا لن نستطيع العودة إلى الصفوف الشهر المقبل. فكل ما قاله مجرد وعود، وتخص المعلمين في القطاع الرسمي. لذا علينا أن نسأل: كيف لنا أن نذهب إلى المدرسة طالما لا يوجد محروقات؟ وكيف نذهب إلى المدرسة طالما رواتبنا لا تكفي لسد رمقنا؟ 

وأوضح أن بعض المدارس الخاصة قد تفتح أبوابها في مطلع شهر أيلول، لكن بشكل عام لن يكون لبنان على موعد مع بدء العام الدراسي. 
في مواجهة الأساتذة
على ضفة الأساتذة المعارضين اعتبر النقابي في لقاء النقابيين الثانويين، حسين مظلوم، أن وزير التربية وفريقه، الذي وضع هذه الخطة، قرروا أن يضعوا أنفسهم في مواجهة مباشرة مع الأساتذة. 

وقال: "صدقاً لا نعلم أين يعيش الوزير. هل نكرر مطالبنا؟ أم نكتفي ونقول إننا ندفع من جيوبنا لتعليم طلابنا؟ هل بدّل الوزير عجلات سيارته؟ هل أصلح المكابح؟ هل يحصل على صفيحة بنزين من دون الوقوف لساعات في طوابير الذل؟". 

وأضاف مظلوم: "لن نرد على خطته، فهو مصر على إغداق الوعود من كيس الدول المانحة. لكن هل من دولة واحدة تسأل عن الوزارة، أو تكن لها الاحترام؟ أقولها بالفم الملآن: سنرفض الذهاب إلى الصفوف، بل لن نحترم القرارات التي ستصدر. لم يبق لدينا إلا الثياب الداخلية التي تسترنا، فليأتِ وينتزعها". 

وأكد أن الأساتذة مدعوون لمواجهة العقلية المتخلفة المتحكمة في العمل التربوي، والمطالبة بتصحيح الرواتب لتحاكي التضخم الحالي، والتي يجب أن ترفع لنحو ثلاثين مليون ليرة شهرياً كي يتمكن الأستاذ من القيام بواجبه. 
تمنيات وتحميل مسؤولية
أما رئيسة اتحاد لجان الأهل وأولياء الأمور في المدارس الخاصة، لما الطويل، فتمنت أن تنجح الخطة والعبرة في تحقيق الوعود. وأكدت أنهم مصرون على حق التلميذ بالتعليم والتعلم الحضوري أيضاً. وسبق أن قدموا طروحات عدة للمعنيين لإنقاذ العام الدراسي المقبل، مبدين كل الاستعداد لوضع خطة مشتركة مع إدارات المدارس. ولكن الاتحاد يصر على الشفافية المالية والتدقيق في الموازنات، والتي يجب أن تكون تقشفية في هذه الظروف الاستثنائية التي يمر بها البلد، ويصر على محاسبة الوزارة المدارس المخالفة للقانون. 

وجددت الطويل رفض الاتحاد أي زيادة غير مبررة على الأقساط وبدلات النقل، مؤكدة أنه في حال لم يتم تأمين مستلزمات التعليم الحضوري ودعم الدولة والدول المانحة للقطاع التربوي، من الصعب جداً بدء عام دراسي، محملة الدولة مسؤولية انهيار القطاع التربوي.  
لا عودة إلى الصفوف
وكانت رابطة اساتذة التعليم المهني والتقني الرسمي أكدت أنها مستمرة في موقفها السابق في مقاطعة الأعمال التحضيرية للعام الدراسي المقبل. وطالبت برفع قيمة الرواتب والأجور، أسوة برفع الدعم عن السلع والدواء والمحروقات. وسألت إذا كان أصحاب القرار يعمدون إلى جعل الاستاذ يذهب إلى مركز عمله سيراً على الأقدام. وإذا كان الوزير يعلم أن الحصول على رغيف الخبز والدواء والبنزين دونها طوابير من الذل، وإذا كان هو ينتقل إلى وزارته في سيارة تعمل على الطاقة الشمسية!
وكذلك رفض حراك المتعاقدين في التعليم الثانوي الرسمي، والمتعاقدون في التعليم الأساسي الرسمي في لبنان، ولجنة المستعان بهم في الدوام الصباحي والمسائي قرار العودة إلى المدارس والثانويات الرسمية في أواخر شهر أيلول. وطالبوا بضرورة تحسين وضعهم وشملهم بالبطاقة التمويلية، وتعديل أجر الساعة وبدل نقل يومي وتقديمات صحية وطبابة، ولوحوا بأن عدم معالجة هذه النقاط قبل انطلاق العام الدراسي، سيدفعهم إلى تنفيذ خطوات تصعيدية، قد تصل إلى مرحلة العصيان المدني.