المصدر: وكالة الأنباء المركزية
الكاتب: نجوى ابي حيدر
الخميس 12 كانون الاول 2024 16:07:34
لا تقتصر فرحة السوريين كما معظم الشعب اللبناني بإطاحة نظام الاسد على الاحتفالات والتهليل على أمل ان تحمل سوريا الجديدة الواعدة، إن صدقت الوعود، الحرية بعد سنوات عجاف من الظلم والاستبداد. فالملفات العالقة بين البلدين او التي علّقها بشار الاسد وقبله والده على مدى عقود اكثر من أن تُعّد، وحلّها بات ممكنا على الارجح، فور اعادة تنظيم الدولة وترتيب اولوياتها وفتح القنوات الدبلوماسية مع الدول ولبنان في الطليعة بفعل الترابط الجغرافي والتاريخي .
محاولات كثيرة بذلها لبنان لفك أسر ملفات لطالما اشتكى منها اللبنانيون اصطدمت كلها بالمماطلة والمراوغة اللتين اتقنهما النظام السوري وتفنن في تذويب عمل لجان متابعة تشكلت بين البلدين لفض الاشكالات على رغم الاصرار اللبناني وقد اصطدم في معظم الحالات بالتصلب واللامبالاة من جانب النظام السوري.
معاهدة "الاخوة والتعاون والتنسيق" المبرمة إبان عهد الاحتلال السوري للبنان في العام 1991 تكاد تكون ابرز واهم الملفات نسبة للغبن الذي لحق لبنان جراءها واضفى شرعية على الوجود العسكري السوري فيه. وقد نصت على أن لبنان لن يشكل تهديدًا لأمن سوريا وأن سوريا مسؤولة عن حماية لبنان من التهديدات الخارجية. اصوات المعارضة علت تكرارا مطالبة بتعديل الاتفاقية ثم بالغائها لا سيما لجهة البنود الامنية الواردة فيها و"الطابشة" بقوة لمصلحة دمشق.والامل مع اطاحة النظام ان تُطاح المعاهدة هذه برمتها بعدما بقيت عالقة حتى يومنا هذا .
حصة لبنان من الانهر وكيفية توزيعها ملف شائك ايضا يوجب التغيير السوري اعادة النظر فيه، ووقف تنفيذ جميع اتفاقيات "الاذعان" مع سوريا، اذ يستفيد لبنان بموجب اتفاق موقع من مياه النهر الكبير الجنوبي، فقط بـ 40% من مياهه، عدا عن وجود "فضائح" في اتفاق سد نهر العاصي، علما ان توقيع اتفاق تقاسم مياه النهر الكبير الجنوبي، منح سورية 60% ولبنان 40% "دون أي مبرر.
واذا كان ملف المعتقلين اللبنانيين في السجون السورية شق طريقه الى الحل مع اطلاق المعارضة السورية جميع المعتقلين من سجون وأقبية النظام البائد ، في انتظار تكشف مصير جميع هؤلاء بين من هو حي وقد عادت قلة قليلة منهم الى لبنان حتى الساعة ومن يرجح انهم يقبعون في المستشفيات الى حين تحسن احوالهم لمعرفة هوياتهم، ومن لم يعد على قيد الحياة بفعل ارتكابات وحشية مارسها "بلطجية" النظام بحقهم او لنقص في التغذية او بالاعدام ، فإن ترسيم الحدود بين الدولتين لا بدّ ان تتم تسويته اثر جلاء ملابسات التغيير السوري ومعرفة كيفية تطور العلاقات بين الدولتين وسط خشية من ان يؤثر ما تردد عن دخول بعض رموز النظام الاسدي الى لبنان واختبائهم لدى احزاب مؤيدة ومناصرة على هذه العلاقات. وللتذكير فإن الرئيس ميشال سليمان حينما زار دمشق في العام 2008 محاولا نقل علاقة لبنان بسوريا، اثر انسحاب جيشها من مصاف الهيمنة الى الدبلوماسية الراقية تماما كما تفرض العلاقات بين اي دولتين، تمكن من تحقيق بعض ما رمى اليه وارسى علاقات دبلوماسية رسمية الا ان الاسد تملص من تطبيق سائر ما اتفق عليه لا سيما لجهة الاعتراف في الامم المتحدة بلبنانية مزارع شبعا وقد اقر بذلك علنا ، فلا منح لبنان وثيقة اقرار بذلك ولا ارسلها الى الامم المتحدة ولاقت لجان المتابعة في شأن سائر بنود الاتفاق مصير كل سابقاتها من التمييع والاطباق على مهامها.
اما ملف النازحين السوريين فتبقى اشكاليته عالقة بفعل عودة جزء منهم ينتمي الى المعارضة ،ولكن ليس بالنسب المطلوبة ، مقابل دخول اعداد كبيرة من السوريين المنتمين الى الطائفتين الشيعية والعلوية ممن يناصرون النظام الساقط ، في انتظار ما ستتكشف عنه طبيعة المرحلة سياسيا في سورياً وامكان ان يزيل تغيير النظام قنبلة النزوح السوري عن لبنان وعبء ثلاثة عشر عاما من تحمله.
ملفات لن يكون حلها بالسرعة التي يتوقعها البعض لكنها حتما ستُحل، وقد يلتحق بها ايضا ملف الاغتيالات التي نفذها النظام او ادواته المؤتمرين بأوامره في لبنان، وذكرى اغتيال النائب السابق والصحافي جبران تويني اليوم أبشع وأقذع دليل ، ومثله قادة كثر من ثورة الارز.