المصدر: الشرق الأوسط
الكاتب: محمد شقير
السبت 8 تموز 2023 07:31:09
يعود الحراك الرئاسي إلى الواجهة مع استعداد السفيرة الفرنسية لدى لبنان آن غريو للقيام بجولة على رؤساء الكتل النيابية، تحضيراً لعودة الموفد الرئاسي الفرنسي وزير الخارجية السابق جان إيف لودريان إلى بيروت، لتسهيل الحوار اللبناني، لعله يفتح الباب أمام إخراج انتخاب رئيس للجمهورية من التأزّم، في محاولة لتفعيل المبادرة الفرنسية، وإنما بنسخة سياسية منقّحة.
وعلمت «الشرق الأوسط» من مصادر نيابية بارزة، بأن السفيرة غريو تتطلع من خلال لقاءاتها برؤساء الكتل النيابية، إلى رصد المواقف تمهيداً لإعداد أجندة هي كناية عن رسم الإطار العام للحوار الذي يحضّر له لودريان، وما إذا كان سينعقد قبل انتخاب رئيس للجمهورية أو بعده.
ولفتت المصادر النيابية إلى أن غريو تفضّل الاستماع إلى أجوبة رؤساء الكتل النيابية عن الأسئلة التي ستطرحها عليهم، سواء فيما يتعلق بمكان انعقاد الحوار في بيروت أو خارج لبنان، ومن يرعاه ويترأس طاولة الحوار، في ضوء إعلان رئيس المجلس النيابي نبيه بري أنه أصبح طرفاً منذ أن أعلن تأييده لترشيح فرنجية.
ورأت المصادر نفسها أن غريو ستحاول إعادة خلط الأوراق لاعتقادها أن الكتل النيابية منقسمة على نفسها بين فريق تتزعّمه المعارضة التي تعطي الأولوية لانتخاب الرئيس قبل الدخول في الحوار، على أن يرعاه الرئيس المنتخب، وذلك تطبيقاً لما ورد في الدستور اللبناني بالإبقاء على جلسات الانتخاب مفتوحة إلى حين انتخابه، وبين فريق يقوده محور الممانعة الذي يرفض وضع شروط على الحوار الذي يتمحور حول ضرورة انتخاب الرئيس، ما يعني أنه ليس في وارد التخلي عن دعمه لفرنجية كشرط لانطلاق الحوار.
ويقف بين هذين الفريقين «اللقاء الديمقراطي» برئاسة تيمور وليد جنبلاط الذي لا يضع شروطاً على الحوار ضد المساس باتفاق الطائف، وصولاً إلى التوافق على رئيس لا يشكل تحدّياً لأي فريق، إضافة إلى أنه ليس في وارد التخلي عن دعم ترشيحه للوزير السابق جهاد أزعور، وهو يلتقي في هذا السياق مع فريق المعارضة الذي تؤكد مصادره أن لا صحة لكل ما يشاع عن عزوف أزعور عن الترشح.
وفي هذا السياق، أكدت المصادر أن «التيار الوطني الحر» لا يزال يتقاطع مع المعارضة و«اللقاء الديمقراطي» في عدم تخليه عن دعم ترشيح أزعور ويؤيد الحوار شرط التوافق على بديل لفرنجية، وقالت إن الحوار لن يشمل إدخال تعديلات على النظام الذي أنتجه الطائف، وهذا ما يشكل نقطة التلاقي بين جميع الكتل النيابية.
وكشفت أن رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي استمزج رأي عدد من النواب بتعيين أزعور حاكماً لمصرف لبنان خلفاً لرياض سلامة، وقالت إنهم تجنّبوا البحث في اقتراحه، لأن الأمر يتعلق بأزعور المستمر في ترشيحه، طالما أن من أيده لم يتخلّ عنه، وأن لا صحة لكل ما يشاع حتى إشعار آخر حول عزوفه عن خوض المعركة الرئاسية.
لكن التحضير لمعاودة تحريك الملف الرئاسي لا يحجب الأنظار عن الاتصالات الرامية إلى ملء الشغور في المجلس العسكري، وتأتي في هذا السياق اللقاءات المتنقلة التي يعقدها الرئيسان بري وميقاتي مع وزير الدفاع العميد المتقاعد موريس سليم وقائد الجيش العماد جوزيف عون.
وتوقفت المصادر النيابية أمام قول بري إن الضرورات تبيح المحظورات، ورأت أن هناك ضرورة لتحييد المؤسسة العسكرية عن التجاذبات السياسية، وبالتالي لا يمانع في ملء الشغور في المجلس العسكري ومجلس قيادة قوى الأمن الداخلي.
وكشفت أن «اللقاء الديمقراطي» ممثلاً بالنائب وائل أبو فاعور تحرك بعيداً عن الأضواء بين قائد الجيش ووزير الدفاع واستمع إلى ما لديهما من شكاوى متبادلة، في محاولة لتنقية الأجواء بينهما، وقالت إن الاتصالات كادت تؤدي لرأب الصدع بينهما لتبديد ما يعترض ملء الشغور في المجلس العسكري، لكن المفاجأة جاءت من «حزب الله» الذي لم يعد متحمساً لهذه الخطوة مراعاة منه لحليفه «التيار الوطني» الذي يعطي الأولوية لانتخاب رئيس للجمهورية.
وأكدت أن مسؤول الارتباط والتنسيق في الحزب وفيق صفا أبلغ المعنيين بملء الشغور في المؤسسة العسكرية بأنه لا يغطي انعقاد مجلس الوزراء لإصدار التعيينات التي تحتاج لإصدارها اقتراحاً يتقدم به وزير الدفاع المحسوب على «التيار الوطني»، ورأت أن تذرعه بموقف حليفه يعني أنه لا يريد أن يكسره، لأنه لا يزال يراهن على استعادته إلى حاضنة التحالف، رغم أنهما على خلاف في مقاربة الملف الرئاسي.
ولفتت إلى أن «التيار الوطني» لا يزال يراهن على أن إحالة العماد جوزيف عون على التقاعد في 10 يناير (كانون الثاني) المقبل، وبغياب رئيس للجمهورية تتيح له تكليف العضو المتفرغ في المجلس العسكري اللواء بيار صعب بتسيير أمور المؤسسة العسكرية بموجب مذكرة تصدر عن وزير الدفاع، مستفيداً من الشغور في رئاسة الأركان التي يفترض أن تنوب عن قائد الجيش في تدبير شؤونها.
لكن تكليف صعب يشكل مخالفة لقانون الدفاع الذي ينص على أن ينوب رئيس الأركان عن قائد الجيش طوال فترة غيابه، ولا يمكن تعديله بمذكرة تصدر عن وزير الدفاع بذريعة أنه الأعلى والأقدم رتبة، إضافة إلى أن اللواء صعب يواجه مشكلة تتعلق بأنه يتبع مؤسسة المجلس العسكري ولا يمكن تعيينه ما لم يتم فصله إلى مؤسسة الجيش، وهذا لن يتحقق ما دام تكليفه يقوم على مخالفة قانونية.