المصدر: نداء الوطن
الكاتب: جو رحال
السبت 8 آذار 2025 07:35:51
لطالما كان لبنان جزءاً لا يتجزأ من النسيج العربي، لكنه في السنوات الأخيرة شهد تراجعاً في حضوره الإقليمي نتيجة الأزمات السياسية والاقتصادية الداخلية، والتحديات الجيوسياسية في المنطقة. غير أن خطاب فخامة الرئيس جوزاف عون في القمة العربية غير العادية شكَّل نقطة تحول ورسالة واضحة بأن لبنان عازم على استعادة موقعه ودوره في العالم العربي.
«لبنان وفلسطين: التزام ثابت بالقضية العادلة» استهل الرئيس جوزاف عون خطابه بالتأكيد على أن فلسطين ليست مجرد قضية سياسية أو نزاع إقليمي، بل هي «قضية حق» تتطلب دعماً مستمراً وقوة متعددة الأبعاد: «قوة المنطق، قوة الموقف، وقوة التأثير في الرأي العام العالمي». كما شدد على أن فلسطين ليست مجرد ملف فلسطيني، بل هي «قضية عربية وإنسانية عالمية»، ما يستوجب الحفاظ على هذا البعد الشامل وعدم تقزيمها إلى صراعات سلطوية أو مصالح فئوية.
«البعد العربي والتكامل الإقليمي» أكد الرئيس عون أن «قوة القضية الفلسطينية تكمن في قوة الدول العربية ذاتها»، فحينما تعاني العواصم العربية من الحروب والانقسامات، يتراجع الزخم الداعم لفلسطين. من هنا، دعا إلى «استقرار الدول العربية وازدهارها كسبيل أساسي لدعم القضية الفلسطينية»، مؤكداً أن قوة أي دولة عربية تنعكس إيجابياً على جيرانها وعلى الأمن القومي العربي ككل. كما أشار إلى أن التفاعل بين الدول العربية ليس نزاعاً بين هويات وطنية وقومية، بل هو «تكامل طبيعي»، حيث يمكن للبنان أن يكون «لبنانياً مئة بالمئة وعربياً مئة بالمئة» في الوقت نفسه، من دون تعارض بين الإثنين.
«لبنان يستعيد دوره العربي» من أبرز محاور خطاب الرئيس جوزاف عون تأكيده أن «لبنان يعود إلى موقعه الطبيعي ضمن المنظومة العربية»، بعد فترة من الغياب النسبي. فبعد استعادة لبنان شرعيته الميثاقية داخلياً، يسعى الآن إلى «استعادة شرعيته العربية عبر التعاون مع الدول الشقيقة»، تمهيداً لعودته الكاملة إلى الشرعية الدولية. هذه العودة ليست مجرد مسألة دبلوماسية، بل هي «خيار استراتيجي» لحماية لبنان من التدخلات الخارجية وتعزيز استقراره. كما شدد الرئيس على أن لبنان، تماماً كفلسطين، لديه «أراضٍ محتلة من قبل إسرائيل، وأسرى ما زالوا في سجونها»، ولا يمكن الحديث عن سلام من دون تحرير هذه الأراضي وضمان الحقوق المشروعة للشعبين اللبناني والفلسطيني. فلبنان لن يتخلى عن «أي شبر واحد من أراضيه»، وسيواصل العمل بكل السبل المشروعة لتحرير أرضه واستعادة أسراه، وهو موقف ثابت لا يقبل المساومة. ومن هنا، أعاد تأكيد «التزام لبنان بالمبادرات العربية»، بدءاً من «مبادرة بيروت للسلام عام 2002» وصولاً إلى «إعلان الرياض الأخير».
«لبنان الجديد: حياد إيجابي وانفتاح على العالم» لم يكن خطاب الرئيس جوزاف عون مجرد إعادة تأكيد للمواقف التقليدية، بل كان «بمثابة إعلان لنهج جديد للبنان» يقوم على «الحياد الإيجابي والانفتاح على العالم». فقد شدد على أن «لبنان لن يكون ساحة لصراعات النفوذ الخارجية، ولن يسمح بأن يكون منطلقاً لأي اعتداء على الدول الشقيقة أو الصديقة». في الوقت ذاته، أكد أن «مصلحة لبنان الوجودية تكمن في محيطه العربي»، بينما «مصالحه الاقتصادية والتنموية تعتمد على انفتاحه على المجتمع الدولي». ومن هنا، شدد على أن لبنان يجب أن يكون «وطن لقاء» وليس «ساحة صراع»، وهو ما ينسجم مع تاريخه كدولة قائمة على التعددية والتفاعل الثقافي.
«ختاماً: لبنان ينتظر عودة العرب إليه» أنهى الرئيس جوزاف عون خطابه «بدعوة صريحة إلى الدول العربية للعودة إلى لبنان كما عاد هو إليهم»، مؤكداً أن لبنان يحمل «رسالة إنسانية وحضارية» لا تزال فاعلة رغم الأزمات. فرسالة لبنان ليست مجرد مقاومة، بل أيضاً «حرية، حداثة، وإبداع»، وهي القيم التي يمكن أن تساهم في بناء مستقبل عربي أكثر استقراراً وازدهاراً. بذلك، يكون لبنان قد «فتح صفحة جديدة في علاقاته العربية»، مستنداً إلى «تاريخ من الشراكة والتفاعل»، ومصمماً على «تجاوز التحديات» ليبقى كما كان دائماً: «دولة عربية أصيلة وحلقة وصل بين الشرق والغرب».