عوده للنواب الجدد: لا تسكروا بالسلطة بل كونوا صوت من انتخبكم

 ترأس متروبوليت بيروت وتوابعها للروم الأرثوذكس المطران الياس عوده، خدمة القداس في كاتدرائية القديس جاورجيوس.
 
بعد قراءة الإنجيل، ألقى عظة قال فيها: " معظم الزعماء يتسابقون على الخطابات والوعود وعلى الصراخ أيضا الذي لا يجدي نفعا بل يظهر حالة الضعف عند المتكلم، أما الجوهر الذي هو خدمة الشعب فمفقود. حتى النواب الذين انتخبهم الشعب يتسابقون إلى العد والتنافس، متناسين أن النائب المنتخب يمثل الشعب كله، لا فئة محددة منه فقط، مثلما لم يتجسد المسيح لخلاص فئة محددة من الناس بل كل الخليقة. وكما أن خلاص المسيح هو للجميع، كذلك يكون النائب المسيحي أو غير المسيحي للجميع. أملنا ألا يتلهى المسؤولون بالمظاهر والقشور، فيما يجب افتداء الوقت والعمل على الإنقاذ الفوري لبلد يحتضر. نتمنى أن يكونوا يدا واحدة تعمل بجهد وبخطى سديدة من أجل الخروج من الظلمة إلى النور، ومن التعثر إلى النهوض. يقول الرب على لسان الرسول بولس: "تنافسوا في المواهب الفضلى وأنا أريكم طريقا أفضل" (1كو 13: 31). كذلك يقول الرسول بولس لتلميذه تيطس: "أما المباحثات الغبية والأنساب والخصومات والمنازعات الناموسية فاجتنبها لأنها غير نافعة وباطلة" (3: 9). ونحن، قبل أن نبدأ القداس الإلهي، نقول: "ها وقت يعمل فيه للرب".
 
وتابع: "أما في لبنان، وقد حصلت الانتخابات وقال الشعب كلمته، ومع أننا كنا نتمنى أن تكون الحماسة للانتخابات بمستوى الكارثة التي ألمت باللبنانيين، ويكون الإقبال على التعبير عن الرأي بحجم الغضب واليأس، فينبغي أن يعمل الجميع بحسب قلب الله، أن يعملوا للرب من خلال شعبه، إخوته هؤلاء الصغار، الذين أوكلوا مهمة رعايتهم أربع سنين. أملنا ألا يضيعوا الوقت ويشحنوا النفوس بذبذبات الكره والحقد، بل أن يتخطوا أنانيتهم ويحاولوا إرساء مفاهيم المحبة المسيحية، وأن يتقبلوا الرب فاعلا فيهم ومن خلالهم، مثلما حدث مع المرأة السامرية التي، بعد أن تعرفت على الحق في شخص الرب يسوع تركت جرتها وانطلقت تبشر أهل مدينتها".
 
وقال: "فيا أيها النواب، أملنا أن تعملوا وفق الدستور على بناء دولة ديموقراطية عادلة تحترم جميع الحقوق وتلزم الجميع بالواجبات، وعلى فصل السلطات وتحصين القضاء ليكون مستقلا وفاعلا، وعلى التصدي لتعطيل المؤسسات، وعلى معالجة النزف الاقتصادي والاهتمام بوجع الناس وآلامهم، وعلى كشف حقيقة تفجير بيروت بعيدا من المساومات والتسويات وطمس الحقائق. لا تسكروا بالسلطة ولا تدعوا مرض التسلط يصيبكم. كونوا صوت من انتخبكم ويعلق عليكم الآمال".
 
أضاف: "نصلي لجميع من اختارهم الشعب ممثلين له في الندوة البرلمانية، ونصلي من أجل أن يكونوا واعين مقدار المسؤولية الملقاة على عاتقهم. العمل يجب أن يكون حثيثا، من دون أي تضييع للوقت في خطابات رنانة فارغة من النتائج العملية. أنظار الشعب اللبناني، والعالم أجمع، شاخصة نحوكم ونحو طريقة عملكم، فلا تخذلوا من انتخبوكم. شعبنا عبر إن بصمته أو بصوته، فاسمعوا الإثنين وكونوا على مستوى المسؤولية، من أجل بلدكم لبنان، لا من أجل حزبكم أو تياركم أو حركتكم، أو طائفتكم لأن الشعبية تخفت أو تزداد، لكن الوطن هو الذي يبقى ملجأ لجميع أبنائه".