المصدر: المدن
الأربعاء 12 حزيران 2024 19:52:25
قررت المدعية العامة في جبل لبنان، القاضية غادة عون، خوض معركتها القضائية حتى الرمق الأخير. إذ تتجهز لتقديم طعنٍ أمام مجلس شورى الدولة، اعتراضًا على قرار المدعي العام التمييزي، القاضي جمال الحجار، الذي قضى بتجريدها من صلاحياتها ومنع كافة الأجهزة الأمنية من التواصل معها .
اختلاف الآراء
داخل أروقة قصر عدل بيروت، يتصدر الصراع القضائي بين عون والحجار واجهة النقاشات بين القضاة، إلا أن غالبية الآراء تصب في مجرى واحد. إذ تعتبر السلطة القضائية أن الحجار "اتخذ الإجراءات المناسبة بحق عون لمنعها من مخالفة القانون".
وحسب مصادر قضائية رفيعة لـ"المدن"، فإن عون "تعاملت مع ملفات المصارف باستنسابية، وحاولت ابتزاز أصحاب المصارف وتخييرهم بين الدفع للمودع أو الادعاء عليهم"، و"استعانت بمجموعة معينة من المحامين المعروفين بتقربهم من التيار الوطني الحر والذين داروا في فلكها طيلة الفترات الماضية".
في المقلب الآخر، وبمنظور عون والتيار الوطني الحر، فإن السلطة القضائية انقضت عليها بعدما توصلّت إلى معطيات مهمة جدًا متعلقة بملف "أوبتيموم" (وهي الشركة التي تبيّن أنها شقيقة شركة "فوري" الوهمية، والمتورطة بمجموعة من العمليات المشبوهة مع مصرف لبنان، والتي ورد اسمها في التدقيق الجنائي الخاص بحسابات مصرف لبنان، حين ذكر عمولات لشركتي "فوري" و"أوبتيموم").
داخل أروقة العدلية، ثمة معطيات تشير إلى أن التيار الوطني الحر يحاول التدخل لتخفيف من حدة الإجراءات العقابية التي اتخذت بحق عون. إلا أن معلومات "المدن" تؤكد أن السلطة السياسية رحبت بقرار الحجار، وخصوصًا بعدما طلب رئيس الحكومة نجيب ميقاتي من الأجهزة الأمنية التقيد بقرار الحجار وتنفيذه.
موقف ضبابيّ؟
ميدانيًا، تبدو الصورة مختلفة، ويتضح أن عون تخوض صراعها القضائي وحيدة، ويبدو أن الغطاء "البرتقالي" بات شبه ممزق. وثمة علامات استفهام كثيرة حول موقف وزير العدل القاضي هنري الخوري، الذي اكتفى بالتعليق بعد مرور أربعة أيام من صدور قرار الحجار، بأنه سيعمل على حل الخلاف بين التمييزية والنيابة العامة الاستئنافية، وسيقدم بدوره وضمن صلاحياته على حل كل خلاف يؤثر على سير العمل القضائي.
والواضح أن الخوري أصرّ على موقف الحياد، إذ لم يبد تضامنه مع القاضية عون، التي استنجدت به مرات عديدة عبر تطبيق "X" للتدخل في هذه القضية. ولكن، المعلومات تشير إلى أن الخوري كان على علم مسبق بقرار الحجار. فقد أشارت مصادر متابعة لـ"المدن" أن الحجار قد اجتمع برئيس الحكومة نجيب ميقاتي، وبرئيس مجلس القضاء الأعلى، القاضي سهيل عبود، وبوزير العدل، القاضي هنري الخوري، قبل يومين من اتخاذه هذه الإجراءات. ما يعني، أن الخوري قد كان على علمٍ مسبق بما قرره الحجار.
وتضامنًا مع عون، نظّم بعض مناصري التيار الوطني الحر وقفة احتجاجية في ساحة 7 آب عند دوار العدلية. وعلى عكس المتوقع لم يتجاوز عدد المشاركين المئتي شخص، حملوا شعارات تضامنية مع عون، ومنها: "أنا غادة عون، غادة عون تمثلني..". ما يدل على أن التيار الوطني الحر غير متحمس كثيراً للدفاع عن القاضية المفضلة في عهد الرئيس ميشال عون.
وتعليقًا على هذه الوقفة، أكدت عون في حديث لـ"المدن" عدم تراجعها عن خوض هذه المعركة، فهي بصدد تقديم طعن أمام مجلس الشورى بهدف إبطال قرار الحجار والمطالبة بوقف تنفيذه، التي وصفته بالقرار "المخالف للقانون"، وطالبت وزير العدل الخوري بتطبيق القانون وفقًا لصلاحياته، مؤكدةً أن تحقيقات شركة "أوبتيموم" هي التي دفعت المنظومة إلى محاربتها.
ولكن -حسب مصادر قضائية رفيعة لـ"المدن"- الملفات التي طلب الحجار الاطلاع عليها لم تتضمن ملف "أوبتيموم"، إنما هي ملفات متعلقة بالمصارف، وهو الأمر الذي رفضته عون.
الذي بات مؤكدًا حتى الساعة أن تمرّد عون على رأس النيابات العامة والسلطة القضائية، وإحالتها إلى المجلس التأديبي، كان السبب الأول الذي أدى إلى فصلها من الجسم القضائي، وتحويلها إلى قاضية مجردة من صلاحياتها.
ولكن، يبقى التساؤل الأساسي، هل سيتراجع الحجار عن قراراته لسبب ما؟ وهل سينجح الخوري في حل هذا النزاع؟ أم تستسلم عون أخيراً؟