عين الحلوة... معارك بين الحروب؟

جاء في الراي الكويتية: تقاسمت ذكرى انفجار المرفأ المشهدَ اللبناني مع عنوانيْن بارزين، أمني ومالي - سياسي.

فالمعاينةُ بقيت لصيقةً للوضع في مخيم عين الحلوة للاجئين الفلسطينيين الذي يُخشى أن يكون دخل مرحلةً على طريقة «معارك بين الحروب» تنطبع بفتراتِ هدوء نهاراً ثم انهيار لوقف إطلاق النار تحت جنح الظلام، على غرار ما حصل ليل الأربعاء –- الخميس حين انفجرتْ مواجهات ضارية تَضارَبَتْ المعلومات حول ملابساتها بين إعلان قائد الأمن الوطني الفلسطيني اللواء صبحي أبو عرب أن«ما حصل هو هجوم من عصابات «جند الشام» المسلّحة باتجاه مراكز «فتح» وأنه يتم التصدي لها بالشكل المناسب»، وإصدار«عصبة الأنصار» بياناً اتّهم «عناصر متفلتة من فتح بأنها بدأت بالهجوم على مراكزها ومساجدها في حي الطوارئ وحي الصفصاف، رغم التزامها عدم الرد وتصريحها بعدم الدخول في الاشتباكات العبثية».

وفيما عاش المخيم نهار أمس أجواء من الهدوء الحذر، لم تسترح السيناريواتُ التي تحاول التقصّي عن خفايا«تحريك الصفيح الساخن»في عين الحلوة، وسط تقارير عن عودة قادة إسلاميين إليه في الفترة الأخيرة ودخول مسلحين وإرهابيين من سورية إليه في سياقِ محاولاتٍ لإغراق حركة «فتح» في وقائع ميدانية أشبه بـ «ترسيم نفوذ» جديد على حساب حضورها ومن خلفها السلطة الفلسطينية، وذلك بخلفيةٍ تتصل بتوسيع رقعة السيطرة على القرار الفلسطيني والإمساك بمفاتيحه من قوى إقليمية تحت سقف «وحدة الساحات».

وإذ لم تَسقط من القراءات اعتباراتٌ ترتبط بنياتٍ لتوريطِ الجيش اللبناني في «ملعب نارٍ» حارق، هو الذي يتم استهداف مراكز له في محيط المخيم، واستطراداً لجرّ مجمل الوضع اللبناني إلى منزلق أمني في توقيت سياسي تتحّكم به الأزمة الرئاسية ومحاولات خرق الانسداد الكامل الذي يطبعها، فإن «أسراراً» كثيرة تنطوي عليها ملابسات تفجير عين الحلوة وهل كانت نتيجة تلقائية لمحاولة اغتيال المطلوب «أبو قتادة» (يوم السبت وهو من الإسلاميين) ما أدى لمقتل شاب كان برفقته (عبد فرهود)، أم أن هذا التطور وما أعقبه من اغتيالٍ لرأس الهرم الأمني في المخيم القيادي الفتحاوي أبوأشرف العرموشي خلال محاولته إنجاز التسوية لتسليم مطلق النار على أبو قتادة، هو «رأس جبلِ جليدِ» مخطط متعدد البُعد و... اللاعبين.

وكان بارزاً أمس، دخول طهران على خط هذا الملف، إذ عبّر الناطق باسم وزارة الخارجية ناصر كنعاني عن قلق إيران «من وقوع واستمرار الاشتباكات المسلحة في عين الحلوة»، مؤكداً «ضرورة الوقف الكامل للاشتباكات والتزام كل الأطراف بوقف إطلاق النار»، ومذكّراً «بأن الساحة الفلسطينية اليوم بحاجة إلى وحدة وانسجام الأطراف الفلسطينية أكثر من أي وقت». وشدد على «أن على الفلسطينيين ان يهيئوا الارضية لإزالة الاحتلال بشكل كامل وعودة جميع اللاجئين إلى الوطن، وإقامة دولة فلسطين المستقلة والموحدة على كل الأرض الفلسطينية وعاصمتها القدس».

بالتوازي، كان رئيس المكتب السياسي لحركة «حماس» إسماعيل هنيّة يُجري اتصالات لافتة في الشكل بكل من رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي ورئيس البرلمان نبيه بري وسفير فلسطين في بيروت أشرف دبور.

وأكد هنية «حرص الحركة على الأمن والاستقرار في المخيّم والجوار»، متمنياً «بذل المزيد من الجهد لتثبيت وقف إطلاق النار الذي تم التوصل إليه مجدداً (الأربعاء) وإعادة الأمور إلى ما كانت عليه»، ومؤكّداً «حرص الحركة على الأمن والاستقرار في المخيّم والجوار، وأن تبقى المخيّمات عناوين عودة إلى فلسطين وأن يبقى السلاح الفلسطيني موجّهاً فقط ضد العدو الصهيوني»، ولافتاً إلى«ضرورة أن يتم احترام القرارات التي اتّخذتها المرجعيّات الفلسطينية خصوصاً هيئة العمل الفلسطيني المشترك، وبالتنسيق التام مع المرجعيات اللبنانية الرسمية المعنية، لجهة عدم الاحتكام للسلاح، والوقف النهائي لإطلاق النار، وسحب المسلّحين من الشوارع، وإعطاء فرصة للجنة التحقيق لتقوم بدورها في التحقيق في الجرائم التي حصلت بالتنسيق مع السلطات المعنية في الدولة».

وفي رسالة في الإطار نفسه وجّهها للأمين العام لـ«حزب الله» السيد حسن نصرالله، تمنّى هنية من الأخير «بذل جهد لوقف الاشتباكات الدائرة في المخيم، وإعادة الأمور إلى ما كانت عليه».

في المقابل، كان ميقاتي يتابع الوضع في عين الحلوة عبر اتصال أجراه مع الرئيس الفلسطيني محمود عباس وعضو اللجنة التنفيذية في منظمة التحرير الفلسطينية عزام الأحمد وسفير فلسطين.

وجدد رئيس الحكومة «مطالبة القيادات الفلسطينية بوقف الاقتتال الذي يشكل انتهاكاً صارخاً للسيادة اللبنانية خصوصاً أن اللبنانيين الذين ناصروا على الدوام القضية الفلسطينية، هالهم هذا الاقتتال الذي يدور على أرضهم، والذين دفعوا في السابق أثماناً غالية بسببه».

وقال: «من غير المسموح ولا المقبول أن تعتبر التنظيمات الفلسطينية الأرض اللبنانية سائبة فتلجأ الى هذا الاقتتال الدموي وتروّع اللبنانيين لا سيما أبناء الجنوب الذين يحتضنون الفلسطينيين منذ أعوام طويلة».

وشدد على «أن الجيش، كما سائر القوى الأمنية اللبنانية سيقومون بالدور المطلوب في سبيل ضبط الأمن ووقف الاقتتال».