غارة كفركلا فريدة من نوعها منذ بدء الاعتداءات: صواريخ ارتجاجية ثقيلة خارقة للتحصينات

كتب عباس الصباغ في النهار:

للمرة الأولى منذ بدء الاعتداءات الإسرائيلية على لبنان، هزت غارة كفركلا مساء الإثنين الفائت أرجاء منطقة جغرافية واسعة. فما الصواريخ التي استخدمها الجيش الاسرائيلي في تلك الغارة؟

قرابة العاشرة من مساء الإثنين، ظن كثر من سكان الجنوب أن هزة أرضية تضرب لبنان مجددا بعد هزة الليلة السابقة. وسرعان ما تبين أن غارة إسرائيلية نفذتها الطائرات الحربية استهدفت بلدة كفركلا الحدودية .

تلك الغارة غير المسبوقة بحسب خبراء عسكريين، استخدمت صواريخ ارتجاجية أو ما يعرف بالقنابل الزلزالية، وهي خارقة للتحصينات.

قبل نحو خمس سنوات زعمت تل أبيب أن هناك أنفاقاً استحدثها حزب الله في الجنوب، ودعت الأمم المتحدة إلى الكشف عنها وتدميرها. تلك المزاعم كانت مطلع عام 2019، وحينها أكد المدير العام السابق للأمن العام اللواء عباس إبرهيم أن لا جود لأنفاق جديدة، وأن ما يتم الحديث عنه ليس سوى أنفاق قديمة، وأن إثارة تل أبيب الأمر هدفها تحقيق انتصارات وهمية.

عند هذا الحد تراجع الحديث عن الأنفاق. حزب الله لم يعلق على تلك المزاعم، وهي أصلاً لا تتحدث في الأمور العسكرية التي تفيد العدو.

لكن ذلك ظل يؤرق سكان المستوطنات الإسرائيلية ولا سيما تلك المحاذية للبنان، ومنها المطلة وكريات شمونة ومسكافعام وغيرها.

غارة غير مسبوقة

لم يسبق أن شهد سكان المنطقة الحدودية وما خلفها غارة مثل التي نفذها الجيش الاسرائيلي على كفركلا الحدودية، علماً أن البلدة تتعرض منذ 313 يوماً لغارات وقصف مدفعي في شكل يومي، وأحياناً يصل عدد الغارات إلى خمس يومياً على البلدة المحاذية لمستوطنة المطلة.

وهذه المرة الأولى تستخدم أنواع مماثلة من القنابل على الجبهة اللبنانية، وهي من النوع الارتجاجي الثقيل.

وبحسب وسائل إعلام عبرية، فإن الغارة "تعدّ أقوى هجوم منذ بداية الحرب، وهو هجوم على أهداف تحت الأرض".

وذكرت تلك الوسائل أن "سلاح الجو استخدم قنابل خارقة للتحصينات للمرة الأولى منذ بداية الحرب، هي قنابل MK-84 المزودة مجموعة GBU-31 JDAM ، تم إسقاطها من طائرة F-35 ".

في هذا السياق، يؤكد الخبير العسكري والاستراتيجي عمر معربوني لـ"النهار" أن "تل ابيب تمتلك تشكيلة واسعة من القنابل الثقيلة التي يمكن أن نسميها أيضاً القنابل المؤثرة والخارقة للتحصينات، من بينها القنبلة MK-84 التي يبلغ وزنها 900 كيلوغرام، وهناك أيضاً قنابل أخرى من سلسلة مارك 80 وهي MK-88 تزن تقريباً 226 و500 كيلوغرام".

إضافة إلى ذلك، لدى جيش الاحتلال قنابل GPU، ومنها قنبلة يزن رأسها المتفجر نحو 900 كيلوغرم، وهي شديدة الانفجار ويمكن أن تكون حارقة.

ويلفت معربوني الى أن "زنة القنبلة يمكن أن يؤدي إلى عملية خرق تصل الى ما بين 10 إلى 20 متراً، وبالتالي قد نطلق على هذه القنابل تسمية القنبلة الارتجاجية، وهدفها التأثير على الأنفاق المتوسطة العمق في شكل مباشر وسطحي العمق. ما تم إطلاقه على كفركلا، على الأرجح قنابل GPU، لكن هناك استهدافا لبنية تحتية نفقية بهدف التأثير عليها في شكل أو آخر".

تلك القنابل تعتمد على التوجيه الراداري والأشعة تحت الحمراء، والليزر، ويمكن أن تخرق ما يوازي مترين ونصف متر من الخرسانة المسلحة.

من جهته، يوضح العميد الركن المتقاعد بهاء حلال لـ"النهار" أن "العدو الإسرائيلي استهدف منزلين في كفركلا بقنابل زلزالية وارتجاحية وصل صدى صوت انفجارها حتى مدينة صيدا، وأعتقد أنها من نوع GBU-39 أو GBU- 28، وهي ذخيرة عالية الدقة، ومصممة لمهاجمة أهداف ذات أهمية استراتيجية".

إنها قنابل من صنع شركة "بوينغ". وهي ذخيرة عالية الدقة بحسب حلال وتزن نحو 250 رطلاً، بينها 37 رطلا من المتفجرات، ويتم إطلاقها من الطائرات الحربية، ويبلغ مداها 40 ميلاً على الأقل. توجّه بواسطة نظام GPS وتعدّ أسلحة دقيقة للغاية يمكنها ضرب غرف داخل المباني أيضا، وتستعمل كذلك لضرب الأنفاق على عمق معين.

ويعتقد حلال أن غارة كفركلا هي بداية لمرحلة جديدة من التصعيد من تل أبيب التي تنتظر الرد من مختلف الساحات في محور المقاومة، ردا على جرائم عملياتها التي جارت مبدأ الحرب السرية في الاغتيالات التي اقترفها.

وفي المحصلة، فإن الجيش الاسرائيلي وجه رسائل بالنار، ولم تكن هذه الرسالة الأولى من خلال سلسلة اعتداءات متواصلة يتخللها خرق حاجز الصوت على نحو شبه يومي فوق مناطق لبنانية عدة، وصولاً إلى العاصمة وضاحيتها الجنوبية، في محاولة لزرع الرعب في نفوس اللبنانيين.

تبقى غارة كفركلا تحولاً في مسار الاعتداءات المتواصلة منذ أكثر من 300 يوم، وفي المقابل لدى المقاومة ما تخفيه من أسلحة لن تظهر على ما يبدو إلا حين تقع الحرب الأوسع.