المصدر: المدن
الخميس 29 شباط 2024 20:08:02
كتب بول قطان في المدن:
مصادفةٌ غريبة. قبل أيّام، أنهى "تلفزيون لبنان" عرضاً مُعاداً لواحدٍ من إنتاجاته اللافتة. مسلسل "الفصل الأخير". اقتباسٌ للراحل مروان نجار، تصدّره اسما الكبيرين وحيد جلال والراحل جوزف نانو. وبين جمهرةٍ من الممثلين المشاركين فيه، يقع المُشاهد على شابّ وسيم، ذي عينين زرقاوين، اسمُه فادي ابراهيم.
هل قُيّض للنجم الأشقر أن يشاهد بعضاً من هذا العمل، فيعاودَ اكتشاف نفسه، حينما كان بالكاد يضع قدمه على الدرجة الأولى من سلّم الاحتراف والشهرة؟ هل أتيح له أن يشرّع نافذة الحنين، قبل أن تسافر به الغيبوبة إلى المطرح الأخير؟
من مزايا فادي ابراهيم أنّه بدأ من الصفر، ولم يهبط بالمظلّة. عاصَر الكبار وتعلّم منهم، ولم يبخَل بما نهَلَه على من سأله النصيحة من الجُدُد، فصحّت فيه صفة المخضرم النجيب. من خصاله أيضاً أنّه لم يكتفِ ببهاء طلعته جوازاً له إلى الشاشة، بل اشتغل على برعُم موهبته، وسقاه من تفانيه ومثابرته، حتى غدا وردةً سخيّة، نثرت أريجها على العيون والقلوب. من امتيازاته كذلك أنّه لم يخشَ مصادقة اللغة الفصحى، بل أتقنها وأجاد، ووثَب بفضلها إلى خارج حدود الدراما المحليّة. لقد أدرَك منذ بداياته، أهميّة القبض على هذه القيمة المضافة، على نقيض كُثُر لم يأبهوا لها، وسرعان ما رسبوا في امتحان النطق بها.
لا نذيعُ سرّاً إذا قلنا إنّ مسلسل "العاصفة تهبّ مرتين" كان المنصّة التي أطلقت ابراهيم إلى الأعلى. والمفارقة أنّه كان أيضاً الرافعة التي اتكأ عليها التلفزيون الرسمي، لاستعادة قسطٍ من مجده الغابر في دنيا الدراما. يقال إنّ ما خطّط له الكاتب شكري فاخوري من الأساس، كان عملاً لا يتجاوز عمره بضع حلقات. ويقال إنّ النجاح غير المتوقّع الذي أصابه المسلسل، دفع القيّمين على التلفزيون إلى خوض مغامرة غير مسبوقة عبر الطلب من فاخوري إطالة القصة، فلبّى ونجح في الرهان، ربما نكايةً بالمطوّلات المكسيكية التي تسيّدت الشاشة الصغيرة حينها.
أُسدِلت الستارة على "العاصفة" الأولى، لتُفتح على الثانية. هبّت رياح النجاح مجدداً، ولفَحَت فادي ابراهيم، كما سواه من أسرة "نساء في العاصفة". الكاتب هو نفسُه، لكنّ الفرق أنّه عكف هذه المرّة على سيناريو طويل من سطره الأوّل.
وقَفَ فادي ابراهيم في نعومة أظفاره التمثيلية أمام وحيد جلال في "الفصل الأخير". وقف أيضاً أمام كبار آخرين، رفعوا مجد الدراما اللبنانيّة على أكتافهم، ولوّنوا الأبيض والأسود بموهبتهم وحضورهم. اختار ابراهيم أن يسلك على غرارهم درب الصعوبة، لينتزع نجوميّته عن استحقاق، فبات وارثَهم الشرعيّ من دون منازع".