المصدر: النهار
الاثنين 20 كانون الثاني 2025 19:35:06
في إنجاز يكتب بماء الذهب، أضاف أسطورة كرة السلة اللبنانية فادي الخطيب صفحة مشرقة جديدة إلى تاريخه الرياضي الحافل، بدخوله إلى قاعة مشاهير الاتحاد الدولي لكرة السلة (FIBA Hall of Fame).
هذا التكريم يُعتبر محطة فارقة ليس فقط في مسيرة الخطيب بل في تاريخ الرياضة اللبنانية، حيث أصبح اسم لبنان حاضراً بين عظماء اللعبة على المستوى العالمي.
"أهم حدث في مسيرتي الرياضية"
عبّر فادي الخطيب، الملقب بـ"التايغر"، عن شعوره الغامر بالفخر والاعتزاز بهذا الإنجاز، مؤكّداً أنه يمثّل تتويجاً لمسيرة طويلة من العطاء والتفاني في خدمة اللعبة ووطنه. وفي حديثه عن هذه اللحظة التاريخية، قال لـ"النهار": "هذا التكريم لا يقتصر على شخصي فقط، بل هو تكريم للبنان بأسره. إنه اعتراف عالمي بمسيرتي التي لم تكن سهلة، وبما قدّمته كرة السلة اللبنانية على الساحة الدولية. اليوم، اسم لبنان موجود في قاعة مشاهير الاتحاد الدولي، وهذا ما يجعلني أشعر بفخر لا يوصف".
وأضاف: "طوال مسيرتي، كنت أعلم جيداً ما يمكنني تحقيقه، لكن هذا التكريم له طابع خاص. إنه اعتراف عالمي من أرفع مستوى في كرة السلة، ويمنحني شعوراً بأنّ كل الجهد، والتضحيات، والتحديات التي مررت بها لم تذهب سدى".
مسيرة من التحديات والمجد
لم تكن رحلة فادي الخطيب سهلة، بل كانت مليئة بالتحديات التي واجهها بشجاعة وثبات. فهو لم يكن فقط لاعباً موهوباً، بل كان نموذجاً للإصرار والعزيمة. وتطرّق إلى هذه التحديات، قائلاً: "التحديات التي واجهتها كانت السبب الرئيسي في دفعي إلى الأمام. لقد واجهت الكثير من الشكوك، ولكنني شخص يحبّ التحدّي، وكنت مصمماً على إثبات نفسي. الأشخاص الذين وقفوا في طريقي أو شككوا في قدراتي هم من دفعوني لتحقيق هذا الإنجاز الكبير".
كذلك، أكد الخطيب أنّ دعمه لم يقتصر فقط على جهوده الشخصية، بل جاء أيضاً من الجمهور اللبناني، الذي ظلّ خلفه طوال مسيرته، ومن عائلته التي كانت السند الدائم له، بالإضافة إلى الاتحادات المحلية والدولية التي آمنت بموهبته.
من الملاعب إلى الأدوار القيادية
بعد اعتزاله اللعب، استمر الخطيب في خدمة كرة السلة من موقع مختلف، حيث تم تعيينه أخيراً سفيراً رياضياً لدبي من قبل مجلس دبي الرياضي. وفي حديثه عن هذا الدور الجديد، لفت إلى أنّ "مسؤوليتي الآن هي العمل على تطوير كرة السلة في المنطقة. أعمل بالتعاون مع الاتحاد الإماراتي ومجلس دبي الرياضي لوضع هيكلية جديدة للنهوض بالرياضة في الإمارات. الهدف هو أن نرتقي بمستوى كرة السلة هنا، بما يتناسب مع طموحات دبي، التي أعتبرها واحدة من أجمل مدن العالم".
وشدّد على أنّ هذا الدور يتطلب الكثير من الجهد والعمل، لكنه يرى فيه فرصة لتقديم خبراته الرياضية والإدارية، مؤكداً أنّ مشروعه الجديد سيرى النور قريباً بالتعاون مع الجهات المعنية.
غياب مباراة الاعتزال: قرار فرضته الظروف
رغم مسيرته الاستثنائية، لم تُنظم حتى الآن مباراة اعتزالية تليق بإنجازات فادي الخطيب، وهو أمر أثار تساؤلات جمهوره. عن هذا الموضوع، علّق الخطيب: "منذ اعتزالي في 2019، لم تكن الظروف في لبنان مناسبة لتنظيم مباراة اعتزالية. البلد كان يمرّ بظروف اقتصادية وأمنية صعبة، والجمهور كانت لديه أولويات أهم من حضور مباراة اعتزالية. بالإضافة إلى ذلك، تنظيم مثل هذا الحدث يتطلب دعوة شخصيات رياضية عالمية، وهو ما لم يكن ممكناً بسبب الوضع الأمني".
لكنه أبدى تفاؤله بأن يتم تنظيم هذه المباراة مستقبلاً، بالتعاون مع الاتحادين اللبناني والآسيوي، مؤكداً أنّ هذه الخطوة تحتاج إلى تحضيرات دقيقة وظروف ملائمة.
وزارة الشباب والرياضة: شرف مؤجل
ترددت في الفترة الأخيرة أنباء عن إمكانية تولّي فادي الخطيب حقيبة وزارة الشباب والرياضة في الحكومة اللبنانية الجديدة. وحول هذا الأمر، قال: "أكنّ كل الاحترام لرئيس الجمهورية ورئيس الحكومة الجديدين، وهناك علاقة قريبة جداً تجمعني بهما. بالفعل، جرت بعض المحادثات غير الرسمية حول هذا الموضوع، لكنني أعتقد أنّ الوقت الحالي غير مناسب بالنسبة إليّ لتولّي هذا المنصب".
وأوضح أنّ لبنان يواجه تحديات أكبر تحتاج إلى حلول جذرية، مثل الأزمات الاقتصادية، والبنية التحتية، وإصلاح القضاء. وأضاف: "الرياضة مهمة، لكن هناك أولويات أكبر تحتاج إلى تركيز وجهود مكثفة لإعادة بناء البلد. في المستقبل، قد يكون هناك مجال للرياضة لتأخذ مكانها في الأولويات، وعندها سأكون جاهزاً لدعم هذا القطاع بكل إمكانياتي".
رسالة أمل
واختتم فادي الخطيب حديثه برسالة أمل للبنان وشعبه، مؤكداً أنّ الرياضة يمكن أن تكون وسيلة لإعادة إحياء روح البلد. وصرّح: "أنا فخور بكل ما حققته خلال مسيرتي، وفخور بأنني حملت اسم لبنان طوال هذه السنوات. أتمنى أن يعود لبنان إلى مكانته الطبيعية، وأن يكون دائماً مصدر فخر لكل أبنائه. الرياضة كانت وستظلّ أداة قوية لجمع الناس ونشر الأمل، وأتمنى أن أرى العالم العربي يعود إلى لبنان كما كان في الماضي".
إنّ دخول فادي الخطيب قاعة مشاهير الاتحاد الدولي لكرة السلة هو لحظة تاريخية تعكس رحلة مليئة بالإنجازات، لكنه أيضاً نقطة انطلاق نحو مسؤوليات جديدة على عاتق أسطورة لبنانية تعهد دائماً بأن يبقى سفيراً لوطنه في كل المحافل، في داخل الملعب وخارجه.