المصدر: Sky News
الأحد 13 شباط 2022 20:50:55
تفتقد بيروت للون الأحمر الذي كان يلون شوارعها في مثل هذه الأيام "موسم فالنتاين" ويغيب مشهد الدببة الحمراء المعلقة على مداخل وواجهات المكتبات ومحال بيع الهدايا إلا القليل منها.
فالأزمات المتتالية فرضت ألوانها المثقلة بالهموم، فغلب الرمادي على المشهد، لا دببة حمراء "معلقة" في الشوارع، ولا الورد الأحمر وجد طريقه إلى الأرصفة، ويمكن القول إن الحفلات نادرة والمطاعم لم تحتضن العشاق في عيدهم.
لا شيء يحلّ مكان الحب، تقول هالة لموقع سكاي نيوز عربية، مضيفة: " لكنّ رسائل الحب مثل الورد تسعّر اليوم بالدولار، فبعدما كنّا نشتري الوردة بألف ليرة لبنانية في السابق، نجدها اليوم بدولارين، كأنّ الحبّ صار حرام علينا في هذا البلد".
ويقول منير (28سنة) الذي يجلس في أحد مقاهي بيروت ويتحضر لأول عيد عشاق يجمعه بحبيبته هذا العام: "راتبي الحالي يبلغ حوالي مليون ونصف المليون من الليرات اللبنانية، وهو ما يساوي قبل الأزمة 1000 دولار، أردت اختيار هدية رمزية يدوية الصنع بلغت كلفتها 400 ألف ليرة وباقة ورد صغيرة بـ 300 ألف ليرة، وهذه الذكرى ستكلفني حاليا نصف راتبي ".
يا ورد مين يشتريك؟
ويقول عبد الرحمن طقوش صاحب محل ورود وأزهار في بيروت لموقع سكاي نيوز عربية: "الأسعار هذا العام مرتفعة من مصدر الورود، وسعر وردة الجوري الحمراء مثلا يبلغ 30 ألف ليرة (دولار ونصف حاليا) قبل 3 أيام من موعد "فالنتاين"، وقد يصل الى أكثر من ذلك يوم " الفالنتاين" إذا ما سار السوق كما العادة بلعبة الاحتكار والاستغلال يوم العيد، حيث يعمد التجار للإيحاء بانقطاع الورد كي يرفعوا سعره."
ويضيف: " القيمة الشرائية للرواتب تراجعت بشكل كبير جدا، والموسم في تراجع جراء الأزمة الاقتصادية عاما بعد عام ".
ويضيف عن الأسعار: " يبلغ سعر باقة الورد ما بين 300 و400 ألف ليرة، حسب حاجتها للاكسسوارات النباتية وغيرها من وزينة، أما الدزينة (12 وردة) فيرتفع سعرها الى 600 ألف ليرة، لقد أصبح شراء الورود اليوم من الكماليات وللفئة الميسورة من الزبائن".
ويوضح قائلا: "في فبراير نستورد الورد من السوق الهندي والإكوادوري والكيني لأن الموسم في لبنان لم يبدأ بعد وموعده مع نهاية شهر مارس مع الاحتفال بعيد الأم"، متوقعا هبوط الأسعار حينها بشكل واضح .
ويردف: "كل شيء تأثر بالدولار بدءا من الفيتامين الذي يغذي الورود والنايلون للتغليف والتزيين، وكلها مواد مستوردة من الخارج."
ويعزو إقفال عدد لا بأس به من متاجر بيع الورود في لبنان إلى الأزمة وارتفاع إيجارات المحال التي باتت تدفع بالدولار، وقد تصل الى 1500 دولار وما فوق شهريا.
وفي مكان آخر، تزدحم مطبعة محمد بالهدايا الموضبة للتوزيع على الزبائن حسب الطلب والنقش على الهدايا وطباعة الأسماء على التذكارات، وهذا المتجر بتقنياته الإلكترونية الذكية يُتوقع أن يشهد الإقبال لأن أسعاره قريبة من متناول فئة الشباب.
الحب ضرورة ملحة
وتوضح المتخصصة في علم النفس الاجتماعي، الدكتورة وديعة نبال أميوني، في حديثها مع سكاي نيوز عربية: "عيد الحب يختصر كل الأعياد وتصفه بعيد الإنسانية وتوضح" الإنسان ابن بيئته، ويتأثر بالمتغيرات من حوله، وحين يروج أي نظام رأسمالي لسلعة مادية تصير السلعة مطلبا أساسيا لا بل ضرورة ملحة، والإنسان بطبيعته يتأثر بما يحدث من حوله ".
وتضيف: "من المؤسف رفع أسعار الورود للمناسبة واستغلال عادة تبادل الورود تعبيرا عن هذا الشعور الإنساني الجميل، وهذا الاستغلال دفع المحبين الى التأقلم مع المتغيرات، وبدلا من إهداء باقة من الورود صار المحب يشتري لحبيبته وردة واحدة فقط، وللضرورة أحكام ".
وتختم الأميوني بالقول: "مفهوم المحبة تغير وصارت المحبة ظرفية سريعة ومادية في ظل تحول الحياة الاجتماعية من واقعية إلى افتراضية وسيطرت المادة، ولا بد من الإشارة إلى أن هذا العيد له آثار إيجابية على الصعيد الاجتماعي من خلال التواصل الإنساني الراقي الذي فقدناه اليوم نتيجة التحول الرقمي والظروف الاقتصادية الصعبة والفساد السياسي والاقتصادي ".