فتح المدارس ودقيقة صمت حداداً: لِمَ انتقاد وزير التربية؟

بين منتقد ومرحب لقرار وزير التربية عباس الحلبي بالوقوف صباح اليوم الإثنين دقيقة صمت حداداً على أرواح الطالبات الشهيدات، فتحت جميع المدارس أبوابها. وتفاوت التفاعل مع الحدث بين من اكتفى بدقيقة صمت على أرواح الطالبات الثلاث، وبين من خصص وقتاً لشرح وإدانة القصف الإسرائيلي، والغارة الإسرائيلية الوحشية في منطقة عيناثا، جنوب لبنان، التي راح ضحيتها الطالبات الثلاث من آل شور، ريماس (14 سنة) وتالين (12 سنة) وليان (10 سنوات)، وجدتهن سميرة أيوب، فيما نجت والدتهن هدى حجازي، التي أصيبت بجروح خطرة.

وكان وزير التربية دان الغارة الهمجية في بيان قال فيه: "مرة جديدة يستبيح العدو الاسرائيلي كل القيم والقواعد التي تحكم الحرب والسلم، باستهدافه المدنيين الأبرياء وسقوط أربع شهيدات بينهن ثلاث تلميذات في عمر الطفولة وجرح آخرين". وأكد "إنها جريمة لا تستطيع الكلمات وصف شناعتها، وهي واحدة في سلسلة الجرائم التي يرتكبها الاحتلال يومياً ضد الآمنين". ودعا "جميع المسؤولين عن إدارة المدارس والثانويات والمهنيات الرسمية والخاصة إلى الوقوف صباح غد الإثنين دقيقة صمت حداداً على أرواح الشهداء".

مطالبة الحلبي بإقفال المدارس
قبل إصدار البيان وبعده تعرض الحلبي لشتى أنواع الضغوط من الطلاب والأهالي والناشطين على وسائل التواصل الاجتماعي لإعلان إقفال المدارس والحداد الوطني. وتفاوتت الآراء في لجان الأهل في المدارس الخاصة، التي تشكل أكثر من سبعين بالمئة من طلاب لبنان، بين من يريد الحداد والإقفال، ومن يريد فتح المدارس وعدم الاكتفاء بدقيقة صمت، بل تخصيص ساعتين لشرح وحشية المجازر التي ترتكبها إسرائيل وخرقها لحقوق الطفل والإنسان.
تلقى الحلبي انتقادات كثيرة وكبيرة ولاذعة وصلت حد وصفه بعدم المبالي بهول الجريمة. لكن الحلبي لم يرضخ للضغوط، وأقفل هاتفه مساءً، وأصر على قراره بفتح المدارس والوقوف دقيقة صمت على أرواح الشهداء.

أهمية الوقوف دقيقة صمت
التزمت المدارس بفتح أبوابها وتخصيص دقيقة صمت وصدرت مواقف عن مختلف مكونات الأسرة التربوية. فرابطة التعليم الأساسي دعت لِإعلان الحداد والوقوف دقيقة صمت، والتوقف عن التدريس في الحصَّة الأخيرة، لِفضح إجرام العدوّ. بدورها دعت رابِطة التعليم الثانوي لِإعلان الحداد وتخصيص ساعة من الوقت لفضح غطرسة العدو الصهيوني. أما نقابَة المُعلِّمين في المدارس الخاصة فدعت لِإعلان الحداد مَع إِقامة أنشطة رمزية يعبّر فيها الطلاب عن إدانتهم للجريمة التي ارتكبتها إسرائيل.

رئيسة لجان الأهل وأولياء الأمور في المدارس الخاصة، لما الطويل، لفتت في حديث لـ"المدن" إلى أن غالبية لجان الأهل في المدارس أقدمت على طباعة صور الشهيدات الثلاث، وتم تنظيم وقفات في باحات المدارس لشرح أسباب موتهن، وهمجية القصف الذي تقوم به إسرائيل ضد المدنيين. وأقدم العديد من مسؤولي لجان الأهل على مرافقة الطلاب إلى الصفوف لشرح الوحشية الإسرائيلية في قتل الأطفال والمدنيين.
واعتبرت الطويل أن قرار الوقوف دقيقة صمت أبلغ تعبيراً من إقفال المدارس، بمعزل عن الانتقادات الكثيرة التي تلقاها الحلبي ذات اليمين وذات اليسار. فدور المدرسة نقل الوعي للأطفال حول المأساة التي نعيشها، وشرح السبب الذي أدى إلى مقتل الطفلات ريماس وتالين وليان. ودورها توعية الطلاب على ما يحصل في غزة التي تشهد إبادة جماعية للشعب الفلسطيني.

إقفال المدارس لا يكفي
ووفق الطويل، قد تلجأ إسرائيل إلى قتل المزيد من الأطفال والمدنيين في لبنان كما فعلت سابقاً. وإقفال المدارس في هذه الحالة لا يفيد بفضح جرائم العدو الإسرائيلي. فلو بقي الأولاد في بيوتهم لربما لا تتسنى لهم الفرصة لمعرفة سبب إقفال مدرستهم أبوابها حتى.

ومن هذا المنطلق توجه اتحاد لجان الأهل إلى وزارة التربية لتخصيص الوقت اللازم في المدارس للطلاب لشرح بشاعة الجريمة التي ارتكبتها إسرائيل والجرائم التي ترتكب في فلسطين، وخرقها للاتفاقيات الدولية والقانون الدولي الإنساني وحماية الأطفال خلال الحروب، وتقديم الدعم النفسي للطلاب وشرح مساوئ ومآسي الحروب.