فرنسا تحضّر "مراطبين الضّغط" وإيران "نايمة مرتاحة"... الخلّ والملح من طهران!؟

نجح وينجح الفريق المُعارِض لاتّباع برنامج مع "صندوق النّقد الدولي" بفرض خياراته السياسية والإقتصادية والأمنيّة في البلد، رغم الكوارث المعيشية الزّاحفة على اللبنانيين. ونجاحه الأكبر يكمُن في تحويره أنظار الجميع عن الأسباب الحقيقية لما نحن فيه من "تعتير". فمنذ أشهر، أوقع هذا الفريق الجميع في مستنقع حكومي، يدورون فيه مثل من يبحث عن عقله، فيما يجلس هو بعيداً، "يتشمّس"، ويتفرّج على الجميع "يُبلعِطُون". 

نعرفهم

في هذا الإطار، أعلن وزير الخارجية الفرنسي جان إيف لودريان خلال مؤتمر صحافي مع نظيره الأميركي أنتوني بلينكن أمس، أن باريس وواشنطن ستتحرّكان معاً للضّغط على المسؤولين عن الأزمة التي يغرق فيها لبنان منذ أشهر. وقال:"نحن نعرف من هم".

وانتقد وزير الخارجية الفرنسي القادة السياسيين اللبنانيين، وعجزهم عن مواجهة أدنى تحدٍّ، وعن الشروع في أدنى عمل لإنهاض البلد. 

مسرحيّة

فَعَن أي ضغط يتحدّث لودريان، حتى الساعة، رغم أن لا أحد يهتمّ لمبادرة فرنسيّة، تحوّلت الى عمل مسرحي طويل جدّاً.

أوضح الخبير الاستراتيجي الدكتور سامي نادر أسباب عَدَم ترجمة الضّغط الفرنسي على الطبقة السياسية اللبنانية، فأشار الى أن "الأمور بدأت بتفويض أميركي محدود لفرنسا في لبنان، انطلق من أن باريس كانت تحاور طهران، فيما الولايات المتحدة ما كانت تريد الحوار مع إيران في المدّة الأخيرة من ولاية الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب".

ولفت في حديث الى وكالة "أخبار اليوم" الى "أننا دخلنا كنف المبادرة الفرنسية آنذاك، وحاولت واشنطن من خلالها فصل الملف اللبناني عن الملفات الإقليمية. ولكن بعدما رأى الأميركيون الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون يحاور "حزب الله"، عاجلوه بعقوبات على الوزيرَيْن السابقَيْن علي حسن خليل، ويوسف فنيانوس". 

تنام عليها

وأوضح نادر:"التناغم بين فرنسا والولايات المتحدة بات أكبر من السابق حالياً، لأن أميركا - بايدن تريد الحوار مع الإيرانيين، والعودة الى الإتفاق النووي. ولكن الموقف الأميركي بات أكثر تفهُّماً للحلول الديبلوماسية في لبنان، بينما يتّجه الموقف الفرنسي لأن يُصبح أكثر تصلُّباً في الملف اللبناني، انطلاقاً من أن الفرنسيين جرّبوا الطبقة السياسية اللبنانية خلال الأشهر العشرة السابقة، دون نتيجة".

وأضاف:"لا يُترجَم الضغط الفرنسي على المسؤولين اللبنانيين حتى الساعة، لسبب أساسي، وهو أن إيران لا تُمسِك بالورقة اللبنانية فقط، بل هي تنام عليها. فضلاً عن أن الملف اللبناني ليس أولوية، لا في مفاوضات فيينا، ولا على طاولة التفاوُض الإيراني مع السعودية.

وتابع:"طهران لن تقوم عن الورقة اللبنانية إلا إذا أرادت أن تقدّم مبادرة حسن نيّة، كما حدث عندما تمّ تشكيل حكومة الرئيس تمام سلام في عام 2014. ولن نصل الى التفاوُض حول لبنان إلا بعد الانتهاء من مناقشة كلّ الملفات الخلافية، مثل الصواريخ الباليستيّة، والملف النووي، وحرب اليمن، والتمدُّد الإيراني في سوريا والمنطقة، وانتهاكات حقوق الإنسان في إيران". 

لا يُمكن

وعن إعلان السفارة الإيرانية وصول ناقلات نفط إيرانية الى بيروت، وتوضيح المديرية العامة للنفط أنها لم تتسلّم أي طلب إجازة من أي جهة، رسمية أو خاصة، لاستيراد النفط من إيران، أكد نادر أنه "لا يمكن لإيران أن تُرسل نفطها الى لبنان أصلاً. وأي باخرة تحاول نقله، سيكون مصيرها مثل تلك التي حاولت طهران إيصالها الى فنزويلا سابقاً".

وقال:"إيران دولة، ومن المُفتَرَض أنها تتعامل مع الدولة اللبنانية. وبالتالي، إذا كانت تتعاطى مع لبنان نفطياً، فإنها تعرّضه للعقوبات، لأن النّفط الإيراني من المواد الخاضعة للعقوبات. وأي موقف آخر، يقع في إطار الكلام السياسي الشعبوي، الذي لا يُمكنه أن يُترجَم عملياً. فالصين نفسها غير قادرة على استيراد النفط الإيراني، بسبب العقوبات". 

عالم مُختلِف

وعن سبب إصرار الفريق "المُمَانِع" في لبنان على خيار الشرق، رغم الموانع الكثيرة، أجاب نادر:"بموازاة التصاعُد الصيني في العالم، والصّراع الأميركي - الصيني، فإن إيران وغيرها من الدّول، تُعيد هندَسَة علاقاتها مع بكين".

وختم:"الديبلوماسيّون الصينيون في أوروبا باتوا يصرّحون، ويكتبون مقالات، وينشرون الفكر الصيني. وبالتالي، نحن أمام نظام عالمي مُتغيِّر، وأمام بكين مختلفة عن تلك التي كان العالم يعرفها في السابق".