فرنسا توقف دعم الأقساط المدرسية وتتشدد بدعم وزارة التربية

لن يتلقى أهالي الطلاب في مدارس التوأمة الفرنسية مساعدات لدعم الأقساط المدرسية، كما حصل في السنوات السابقة. بل ثمة مقاربات جديدة لدى السفارة الفرنسية ووكالة التنمية الفرنسية والمركز الفرنسي في لبنان، لكيفية تقديم دعم فعّال، ليس التعليم الفرنسي فحسب، بل لقطاع التربية بشكل عام.
هذا ما كشف عنه مسؤولون في هذه الجهات في لقاء مع الصحافيين عقد في المركز الفرنسي اليوم الأربعاء في 10 تموز.

الإنفاق الفرنسي على التربية
خصص هذا اللقاء التربوي لعرض المشاريع التي قامت بها فرنسا في لبنان، والتي هي بصدد تنفيذها للعام الدراسي المقبل، لدعم قطاع التربية الرسمي والخاص، وللإجابة على استفسارات الصحافيين حولها. واستعرض المسؤولون عن المشاريع المتعلقة بقطاع التربية الدعم التي قدمته فرنسا سابقاً، والذي أتى استجابة للأزمة الاقتصادية التي ضربت لبنان بداية، وانفجار مرفأ بيروت لاحقاً. وتبين أن فرنسا ساهمت بنحو خمسين مليون يورو كنوع من استجابة للحاجات الملحة والطارئة بعد الانهيار الاقتصادي، تتمثل بدفع نحو 6.4 مليون يورو لتحسين شروط استقبال المدارس الرسمية الطلاب، وضمان وصول العلم للفئات المهمشة والضعيفة، إضافة إلى ترميم 32 مدرسة بقيمة 9 مليون دولار بعد انفجار المرفأ، وتقديم مساعدات غذائية للطلاب بقيمة 9.2 مليون يورو في نحو 172  مدرسة رسمية، وتقديم مساعدات بقيمة 25 مليون يورو لسداد الأقساط في القطاع الخاص، استفاد منها نحو 130 ألف طالب.

إلى المساعدات الآنفة الذكر، ساهمت الدولة الفرنسية في دعم الإصلاحات في قطاع التربية من ضمنها دعم بقيمة 14 مليون يورو من خلال الصندوق الائتماني للتربية، لدعم المدارس الرسمية، إضافة إلى دعم بنحو 11.5 مليون يورو لتجهيز مدارس خاصة ورسمية بالطاقة الشمسية، وتدريب الأساتذة والمعلمين، ودعم التعليم المهني والتقني.

أكبر شبكة تعليم فرنسي بالعالم
يحتل التعليم الفرنسي حيزاً أساسياً بالنسبة للفرنسيين، ووفق الأرقام التي عرضها المسؤولون، دعمت الدولة الفرنسية الأقساط المدرسية لنحو 122 ألف طالب يدرسون في مدارس التوأمة الفرنسية ومدارس أخرى لديها اعتماد فرنسي، بما يشكل نحو 12 بالمئة من مجمل الطلاب اللبنانيين. فأهمية التعليم الفرنسي تكمن بأن في لبنان يوجد أكبر شبكة لمدارس التوأمة في العالم. ويصل عدد مدارس التوأمة إلى 64 مدرسة تضم 62 ألف طالب يتعلمون المنهج الفرنسي. وهو رقم أعلى حتى من الشبكة المدرسية في الجزائر، التي تأتي بعد لبنان. وإلى هذا الدعم للفرنكوفونية، ثمة تشديد على التعدد اللغوي في لبنان (نظام تعليم الفرنسي ونظام تعليم الانكليزي)، والاستفادة التي تحصل عليها الفرنكوفونية تأتي من خلال ما يعرف بـ"الاعتماد الفرنسي" (منح شهادات تضمن "جودة مستوى اللغة الفرنسية"): فثمة 60 مؤسسة تربوية لديها الاعتماد الفرنسي CELF و49 مؤسسة لديها الاعتماد الفرنسي LEF. وهي موزعة في كل المناطق اللبنانية.

تغيير مقاربة دعم الأقساط
وحول وقف دعم أقساط الطلاب (أبناء الموظفين في القطاع العام بشكل أساسي وأهالي الطلاب غير المقتدرين) في مدارس التوأمة، أكد المسؤولون لـ"المدن" أن الأزمة الاقتصادية وانهيار قيمة الرواتب في لبنان دفعت الدولة الفرنسية إلى دعم فئات عدة من العائلات، من خلال تسديد الأقساط للحفاظ على التعليم الفرنسي. لكن بعد تغير الأوضاع في لبنان، وبسبب الإشكاليات التي حصلت في كيفية دعم الأقساط، أعيد تقييم هذا الأمر. وبالتالي، هناك مقاربة مختلفة لكيفية دعم التعليم الفرنسي، من خلال حث هذه المدارس على تغيير النموذج الاقتصادي المتبع فيها مثل الاستثمار بالطاقة الشمسية، وغيرها من المشاريع. فتخفيف كلفة الطاقة والمصاريف التشغيلية يمكّن هذه المدارس من تحويل الوفر المالي المتأتي إلى دعم الأقساط المدرسية ورفع أجور ورواتب المعلمين والموظفين.
هذا فضلاً عن تمكين المدارس في كيفية تخفيض كلفة الأعباء الإدارية والمصاريف التشغيلية من خلال طرق فعالة في تلقي المساهمات.

الصندوق الائتماني
وحول سوء استخدام المدارس المساعدات الفرنسية لدعم الأقساط سابقاً، وفرض مدارس التوأمة أقساط مرتفعة وعشوائية على الطلاب هذا العام، أكد المسؤولون أن الأمر قيد المتابعة. فقد تم تجهيز المدارس بالطاقة الشمسية. ويفترض أن تنخفض كلفة المصاريف التشغيلية في تلك المدارس للعام المقبل.
ستواصل وكالة التنمية الفرنسية دعم القطاع التربوي الرسمي من خلال الصندوق الائتماني للتربية كما حصل العام الفائت. فقد تأسس هذا الصندوق برعاية منظمة اليونيسف لوقف الدعم المالي المباشر لوزارة التربية. وكانت وزارة التربية أساءت استخدام الدعم الدولي في تنفيذ المشاريع، وباتت الأموال المخصصة للتربية تمر من خلال هذا الصندوق، لضمان الحوكمة والشفافية.

وأكد المسؤولون الفرنسيون أن الدعم لقطاع التربية سيتواصل من خلال الطرق المعتمدة ومن خلال الإصلاحات التي ستحصل على مستوى ترشيد الإنفاق في المدارس الرسمية. فحيال سوء استخدام إدارات المدارس للتمويل سابقاً، فرضت أسس جديدة تتمثل في مراقبة كيفية تسجيل الطلاب وعدد الأساتذة لضمان عدم وجود أي تلاعب، هذا فضلاً عن وضع أسس لمراقبة الموازنات المدرسية لدعم المدارس الأكثر إنتاجية، بغية ضمان فعالية الإنفاق الدولي على قطاع التعليم الرسمي.