فرنسا لـ"المساعدة ونزع السلاح معاً" وتعبئة لتنفيذ لبنان إصلاحاته

فرنسا حاضرة لبنانياً بمنهاج سياسيّ أعمق من متابعة اليوميات اللبنانية العاجلة والملفّات الأكثر حساسية، ذلك أنّ أروقة الديبلوماسية الفرنسية تأخذ في الاعتبار الملفّات الكبرى الآجلة أيضا، ومن بينها ملفّ "اليونيفيل" التي سترحل نهاية العام المقبل من منطقة جنوب الليطاني.

وإذ لم تتّضح حتى الآن نسبة خفض التمويل التقشفية التي ستشمل حفظة السلام أثناء فترة ولايتهم الأخيرة في لبنان، تخشى فرنسا تأثيراً سلبيا في حال مراوحة أيّ خفض في الميزانية حول 25%، ما يعني الاضطرار إلى الاستغناء عن 4 آلاف شخص ربيع العام المقبل، وتاليا إمكان أن يشمل الاستغناء خفض حضور قوة "اليونيفيل" والجهود التي تبذلها والتقديمات الاقتصادية والاجتماعية التي تعنى بها في كثير من المشاريع المدنية والعسكرية في لبنان.

تبقي فرنسا على متابعتها أعمال اللجنة الخماسية المشرفة على تنفيذ اتفاق وقف النار، معتبرة أن تلك اللجنة تضطلع بدور مهمّ وتقوم بأمور غير ظاهرة بهدف إنهاء أيّ مواجهات بين اللبنانيين والإسرائيليين. ورغم أنّ اللجنة لا يمكنها اتخاذ القرار السياسي، ثمة استفهامات فرنسية عن الاضطلاع بدور في نزع سلاح "حزب الله" الذي يشكّل هدفاً فرنسياً أيضا.

وبحسب معطيات "النهار"، تكثر مساعي الديبلوماسية الفرنسية للتعبئة حتى ينفّذ لبنان الإصلاحات، انطلاقا من الاعتبار القائل إن هذه الفترة مهمة للبنان لتنفيذ الإصلاحات، ثم سيقترن ذلك بما سيحصل في الانتخابات النيابية. وتنذر فرنسا السلطات اللبنانية بأنه لا يمكن إغفال الإصلاحات، ولا ينبغي الوقوع في فخّ أنّ المسألة الوحيدة هي نزع سلاح "حزب الله". وتعتبر باريس أنه في حال انتظار نزع سلاح "حزب الله" للقيام بالإصلاحات، لا أحد سيعرف كيف ستحصل، والواقع أنّ لبنان يحتاج إلى التقدّم خصوصاً في الاستجابة المصرفية والاستجابة القضائية.

وتقلّل باريس من نظرية أنه يمكن القيام بإصلاحات على الطريقة اللبنانية من دون حاجة صندوق النقد الدولي، ولا تزال تتمسّك بأولوية أن يعقد لبنان اتفاقاً مع صندوق النقد الضروري لدعم الاقتصاد اللبناني، ذلك أنّ مال صندوق النقد سيسمح بحثّ المستثمرين. وبحسب ما يتّضح فرنسياً، هناك مجتمعات جاهزة للعودة والاستثمار في لبنان، لكنها ترى أن من الجيد الاتفاق مع المنظمات الدولية الكبرى أوّلاً.

ديبلوماسيّاً، حصلت مشاورات فرنسية - سعودية حديثة. وبحسب المعطيات المستنتجة فرنسياً، فإنّ تأثّر السعوديين جيّد بالقرارات الحكومية المتخذة في لبنان، وثمة تعويل على أنه يمكن تلك القرارات أن تبلور تطوّراً في الموقف السعودي، بهدف مساعدة الحكومة اللبنانية للتقدّم بقوّة أكبر، على أن يشكّل مؤتمر دعم البرامج اللبنانية نتيجة للرغبة السعودية في العودة. لكن ما حصل في منطقة الروشة أبقى السعوديين على نظرية أنّ "حزب الله" لا يزال موجوداً، من دون أن يلغي ذلك اهتمامهم بالأوضاع اللبنانية.

في الإستراتيجية الفرنسية بالمقارنة مع استراتيجية الولايات المتحدة الأميركية والمملكة العربية السعودية، هناك فكرة تحاول الديبلوماسية الفرنسية توطيدها، مؤداها أنه يجب إعطاء الحكومة اللبنانية الإمكانات حتى تظهر للبيئة الشيعية في جنوب لبنان أنّ هناك اكتراثاً بها. ويتضح للفرنسيين أن واشنطن والرياض مع منطق أنه يجب نزع سلاح "حزب الله" بادئ ذي بدء، ثم البحث في المراحل اللاحقة.

توازياً، يبقى منطق فرنسا أنه يجب نزع السلاح، ومع التأكيد أنه يجب مساعدة البيئة الشيعية وأن على الحكومة أن تظهر أنها حكومة جميع اللبنانيين. وتقترح باريس هذه الفكرة لأنها مع نزع سلاح "حزب الله" ومع نزع سرديّته أيضاً.