فضيحة "الحقوق" تكبر: تزوير تواقيع أساتذة واستبدال المسابقات

قضية التلاعب بعلامات الطلاب وتزوير المسابقات تتوالى فصولاً في الفرع الأول لكلية الحقوق والعلوم السياسية. وفي جديد الملف استدعى جهاز أمن الدولة نحو 16 أستاذاً من الكلية للتأكد من مسابقاتهم. أتى ذلك بعد استدعاء مدير الفرع وأمين السر وموظفين وأجراء. ووفق معلومات "المدن" كشف أمن الدولة عن تلاعب بنحو عشرين مسابقة تعود لأربعة طلاب. والأخطر في الموضوع أنه تبيّن أن تواقيع الأساتذة على السابقات كانت مزورة. 

مافيا محترفة بالتزوير

لم يكتف الفاعلون بتزوير العلامات بل تبيّن أن بعض المسابقات لم يتبق منها سوى المغلف الخارجي. فقد جرى نزع دبّاسة الأوراق وتغيير كل الأوراق التي يجيب فيها الطلاب على الأسئلة واستبدالها بأخرى (كراس المسابقة يحتوي على مغلف خارجي يكتب الطالب اسمه ورقمه ويلصق عليه مغلف لإبقائهما سريين، والأوراق الداخلية المخصصة للأسئلة). ثم قام الجناة بتغيير العلامة على المغلف بطريقة احترافية. واكتشف أمن الدولة هذا الأمر من خلال مراجعة توقيع الأستاذ المشرف على الامتحان، حيث تبين أن التواقيع كلها مزورة (بعد تسليم الطالب المسابقة يوقّع الأستاذ المشرف على آخر ورقة ويختمها ويشطب باللون الأحمر الصفحات البيضاء تجنباً لأي إضافات قد تحصل قبل وضع المسابقات في مغلف خاص لتسليمها إلى المصححين). 

تزوير أكثر من عشرين مسابقة بهذه الطريقة يدل على وجود "مافيا" تعمل في هذا المجال، إذ لا يمكن لموظف أو أجير أن يرتكب هكذا أفعال بمفرده، لا سيما أن طريقة تسلم وتسليم المسابقات تمر بعدّة مراحل، وفي حال كان الفاعل شخصاً من دون متواطئين يكتشف أمره بسهولة. 

تحرك أمن الدولة

ووفق معلومات "المدن" تبيّن أن تحرك الوحدة الخاصة في أمن الدولة لم يأت عبر وشاية من مخبر رفع تقريره إلى المسؤول الأرفع منه في السلك. والأهم، لم يأت نتيجة صراع أو تضارب مصالح ضباط في السلك كما كان يحصل في عهد الحكومة السابقة. 

وتبين أن المعلومات وصلت إلى المدير العامّ لأمن الدولة إدكار لاوندس مباشرة عن وجود التزوير، وكلف فرقة خاصة بمتابعة القضية. وقد فاجأت هذه الوحدة  ليس مدير الفرع مجتبى مرتضى فحسب، بل رئيس الجامعة بسام بدران أيضاً. وتشير المصادر إلى أن مرتضى عندما أبلغ بدران بحضور الوحدة الخاصة لم يطلب منه التعاون معها بشكل فوري. بل غاب نحو نصف ساعة أجرى خلالها اتصالات، ثم طلب منه التعاون مع الضابط المسؤول. 

وتكشف المصادر أن تحرك أمن الدولة أتى بعد ورود معلومات عن محاولة لفلفة الموضوع في الكلية، لأن عملية تزوير بهذا الحجم ليست أمراً عرضياً وبمثابة فضيحة كبرى بكل ما للكلمة من معنى. 

عدم جدية تحرك بدران

وقائع وتفاصيل هذه القضية مثيرة للغاية والمستغرب فيها أن مرتضى اكتشف التزوير منذ نحو أسبوعين وأبلغ بدران بكل التفاصيل واكتفى بالطلب منه متابعة تحقيقاته. وتعلّق مصادر أكاديمية مطلعة على خبايا الجامعة، بأن بدران لم يبد جدية في التعامل مع موضوع بهذا الحجم منذ البداية. فعندما تبلغ من مدير الفرع منذ أكثر من أسبوعين بالوقائع كان عليه أخذ زمام المبادرة شخصياً وإبعاد مدير الفرع وأمين السر أو أي أستاذ من الفرع عن إجراء أي تحقيق، والمسارعة إلى تشكيل لجنة خاصة من أساتذة كليات وفروع أخرى غير الأول، في حال كان يريد كشف المستور. فمن أساسيات أي تحقيق أكاديمي (وجنائي في حالة الفرع الأول لكلية الحقوق) كف يد الفرع المتورط بمعزل عن نزاهة أو عدم نزاهة المدير وأمين السر والموظفين. 

وتضيف المصادر أن أبلغ دليل على عدم جدّية تحرك رئيس الجامعة أن قرار تشكيل لجنة التحقيق أتى يوم أمس الخميس وحمل الرقم 2031 وموقع بتاريخ 9 تشرين الأول. وبمعنى أوضح أتى قرار تشكيل لجنة التحقيق بعدما انفضح الأمر في الإعلام. ما يدلّ على أن جميع القرارات التي صدرت، سواء لناحية تشكيل لجنة تحقيق أو إعفاء مدير الفرع وأمين السر واستبدالهما وإعفاء موظفين وأجراء، أتى لحفظ ماء الوجه. 

تضارب مصالح

وحول لجنة التحقيق التي شكلها بدران، والتي تضم أربعة أساتذة، تعلّق المصادر بأنه إجراء شكلي لحفظ ماء الوجه، إضافة إلى أنها قائمة على تضارب المصالح. 

وتضيف المصادر أن بدران عاد وارتكب خطأ في اللجنة التي شكلها يوم أمس بعد انكشاف الفضيحة في كل لبنان. فثلاثة أعضاء من أصل أربعة في اللجنة من المحسوبين على بدران مباشرة، ومن بينهم أستاذ يدرّس في كلية الحقوق في الفرع الأول (تضارب مصالح) وهناك أستاذ آخر مشكوك في شهادته وكيف حصل عليها، لا سيما أن اختصاصه مهني، وأستاذ ثالث يمثل "الدولة العميقة" المناعة لكشف أي فساد. 

أما المستغرب في كل القضية عدم تحرك وزيرة التربية ريما كرامي، التي تتشارك مع بدران في إدارة الجامعة كونها تحلّ مكان مجلس الجامعة المنحلّ، لانتداب أستاذ إلى هذه اللجنة.