فضيحة الشهادات المباعة للعراقيين تتوسّع: 10 آلاف دولار للدكتوراه

كتب وليد حسين في المدن:

بعد تقارير "المدن" حول قضية بيع الشهادات الجامعية العليا للطلاب العراقيين، والتي باتت في السنتين الأخيرتين، باباً للتجارة الخالصة، توصلت "المدن" إلى تحديد أحد المتورطين في هذا الملف، الذي وسع نشاطه بشكل فاضح خصوصاً بعد انتشار وباء كورونا. بمعنى آخر، كان انتشار وباء كورونا بلاء على العالم، لكنه كان باباً للربح والكسب السريع لشبكة لبنانية -عراقية في بيع الشهادات، شرّعت هذا الباب على مصراعيه، ليصل عدد الشهادات المباعة إلى نحو 27 ألف شهادة، حصل عليها طلاب عراقيون عاديون أو أبناء نافذين في العراق، بل و"نالها" أيضاً مسؤولون ونواب عراقيون.

 

أكاديمية السمسرة

وفي التفاصيل، تبين أن الشخص المتورط في لبنان أستاذ متعاقد في إحدى الجامعات اللبنانية، لكنه يعمل على حسابه الخاص من خلال تأسيس "أكاديمية" في لبنان، كان الهدف منها عقد مؤتمرات بالتعاون بين جامعات لبنانية وعراقية وإجراء تدريبات وحوارات، وأنشطة ثقافية. وتحولت لاحقاً إلى مكتب سمسرة وتسهيل خدمات للطلاب العراقيين للحصول على الشهادات الجامعية. ووظف هذا الشخص شخصين لتسهيل أمور الطلاب في وزارة التربية، لإجراء المعاملات نيابة عن الطلاب العراقيين، الراغبين بالفرار من الجامعات العراقية التي تلزم الطلاب بنسبة حضور بنحو 30 بالمئة. 

 

..ومكتب في العراق

إضافة إلى ذلك أقدم هذا الشخص على افتتاح مكتب في منطقة الكرادة في بغداد، يديره م.هـ، وهو مستشار إعلامي في مجلس الوزراء العراقي، بالتعاون مع ر. ت، التي تشغل منصباً في لجنة المترجمين في مجلس الوزراء العراقي. وهي صلة الوصل بين نواب ووزراء ومسؤولين عراقيين، بالشخص اللبناني. حتى أن الأخير توسط للسيدة العراقية كي يُقبل طلبها في لجنة الدكتوراه في إحدى الجامعات اللبنانية.

 

العمولات

ووفق معلومات "المدن"، تصل العمولة التي يتقاسمها الشخص اللبناني مع مسؤولين عراقيين في بيروت إلى نحو 5 آلاف دولار عن كل طالب ماجستير، وعشرة 10 آلاف دولار عن كل طالب دكتوراه. فقد استفاد هذا الشخص اللبناني من قربه من أحد الأحزاب اللبنانية لشبك علاقات مع مسؤولين في السفارة في لبنان، ومع مسؤولين عراقيين في العراق. وتوسط أحد المسؤولين له في شبك علاقة مع السفارة العراقية بغية تنمية الأنشطة الثقافية بين لبنان والعراق. لكن الأمر تحول إلى شبكة لبيع الشهادات، من دون علم هذا المسؤول اللبناني أو حتى الحزب الذي ينتمي إليه، كما أكدت المصادر، مشددة على أن لا علاقة مالية أو تنظيمية تربط هذا الشخص مع الحزب. 

ووفق المصادر، يوجد ثلاث جامعات متورطة في لبنان بشكل أساسي بهذا الملف، الذي بات يشكل فضيحة كبيرة للبنان والعراق، ما يوجب مسارعة المسؤولين لوقف هذا الشخص والمتورطين معه.

 

تخليص المعاملات

وتبين أن أحد العراقيين كان يقوم بتخليص معاملات الطلاب في وزارة التربية في بيروت. وعندما صدر قرار عن الوزارة توجب على الطالب العراقي الحضور شخصياً إلى لجان معادلة الشهادات في لبنان، وذلك بعدما ارتفع عدد الطلاب بشكل مهول، حاول هذا العراقي التوسط لدى مسؤولين في وزارة التربية لتسهيل المعاملات، وقدّم إغراءات مالية، جوبهت كلها بالرفض.

 

لكن الحنكة اللبنانية-العراقية قادرة على تخطي هذا القرار. فبدأ مكتب السمسرة بكتابة توكيل قانوني من الطلاب العراقيين، ويقوم موظفو مكتب بيروت بتخليص المعاملات، وبات عددها بالآلاف. لذا أصدرت لجان المعادلات في الوزارة توصية لتشكيل لجنة في مجلس التعليم العالي للتحقيق مع الجامعات المتورطة. لكن المجلس كان معطلاً طوال الوقت!

 

قيد التحقيق

بعدما أثير الأمر في العراق بشكل كبير، شكلت الحكومة العراقية لجنة تحقيق. حتى أن السفارة العراقية في بيروت أرسلت كتاباً إلى وزارة التربية تطلب فيها التحقيق مع موظفين يسيئون للعراق ولبنان، لأنهم يتعاطون بعنصرية مع ملف الطلاب.

 

مصادر "المدن" في وزارة التربية، أكدت أن الأمر قيد التحقيق ولا مسؤولية على لجان المعادلات. فالأخيرة تقوم بعملها وفق القانون، ولا تستطيع رفض طلب مستوف للشروط القانونية، بمعنى حصوله على التواقيع اللازمة. وتوكيل الطلاب لأشخاص في لبنان لإنجاز المعاملات يُعتبر قانونياً. لكن ارتفاع عدد الطلبات المعادلة أثار الريبة، ما دفع الموظفين لإصدار توصية كي يتحرك مجلس التعليم العالي لتحقق من الجامعات. وهذا سهل المنال، لأن كل جامعة تستطيع تخريج عدد محدد من طلاب الماجستير والدكتوراه.