فضيحة اليونيسف-التربية: الامتحانات بلا تمويل والدولارات للجان بلا عمل

في وقت يعمل وزير التربية على كيفية اجراء الامتحانات الرسمية المقبلة، وسط معلومات عن عدم إجراء شهادة البروفيه، وتخصيص طلاب الجنوب بامتحانات رسمية مختلفة عن سائر المناطق، ما زال مقررو لجان المواد في الامتحانات الرسمية والمشرفون وعمال الترقيم والتدقيق وأعمال الفرز ومدخلو البيانات، بلا بدلات أتعاب عن الامتحانات السابقة. علماً أن أعمال الامتحانات تبدأ في شهر آذار وتمتد حتى انتهاء الدورة الثانية من الامتحانات، وكل فئة منهم لديها العمل المحدد بالزمن والمهمة. ما يؤثر حكماً على كيفية سير أعمال الامتحانات المقبلة.

اعتراض من اليونيسف؟
والمستغرب أن المراقبين والمصححين قبضوا مستحقاتهم، بالدولار وبالليرة اللبنانية، فيما كل الأعمال الإدارية ومقرري اللجان لم يتلقوا إلا بدلات الليرة اللبنانية الشهر الفائت. وخلافاً للوعود التي تلقوها بأن تكون بدلات أتعابهم على قدر العمل الذي أنجزوه، لم يحصل مقررو اللجنة إلا على نصف البدلات الموعودة. إذ وصل مجموع أتعاب المقرر إلى ما يعادل 250 دولاراً عن كل فترة العمل، التي تمتد لأكثر من خمسة أشهر ولو بشكل متقطع، كما أكد أكثر من مصدر.  

ووفق معلومات "المدن"، أبلغ هؤلاء الموظفون أن ثمة اعتراضاً من منظمة اليونيسف على سجلات الدوام وساعات العمل المسجلة في البيانات، ما أخّر دفع مستحقات الدولار. وسيصار إلى عقد لقاء بين ممثلين عنهم مع مدير عام التربية قريباً لحل هذه الإشكالية، بغية التوصل إلى حلول.

جلسات العمل
لكن وفق ما علمت "المدن"، الاعتراض على سجلات الدوام لم يطل كل الموظفين الإداريين الذين يعملون بالامتحانات، بل على دوامات المشرفين ومقرري اللجان، بسبب وجود دوامات كاملة لمدة 24 ساعة. هذا رغم أن الامتحانات تقوم على أكتاف هؤلاء ويبيتون (كل منهم حسب اختصاصه) في وزارة التربية في اليوم الذي يسبق كل امتحان. أي يحضرون في الصباح ويستمر عملهم حتى الفجر، ويمنعون من مغادرة الوزارة قبل تسليم المسابقات لمراكز الامتحانات. أي من الطبيعي أن تسجل لهم بدلات إنتاجية لمدة 24 ساعة (تسجل الساعات كجلسات عمل وكل ثلاث ساعات تحتسب جلسة)، في يوم الامتحانات (مجموع هذه الأيام للدورتين الأولى والثانية ولكل المواد لا تصل إلى عشرين يوماً). 

أما بما يتعلق بالأعمال التي تسبق الامتحانات، فتسجل أيضاً كجلسات، وثمة قرار صادر عن الوزير في كيفية احتساب الجلسات والسقف المسموح به. وتم اعتماد مبدأ الجلسات المنفذة خارج أوقات العمل الرسمي، على أساس احتساب مدة كل جلسة بـ3 ساعات. وتستغرب المصادر عدم اعتراض اليونيسف على تسجيل أسماء موظفين، لا دور لهم في الامتحانات، من سائقي المدير العام والوزير ورؤساء الدوائر، تُفرض أسماؤهم على سجلات أعمال الامتحانات، فيما تعترض على دوامات من يعمل فعلياً في الامتحانات.

مبالغ مالية مضخمة؟
والمستغرب أيضاً، تضيف مصادر مطلعة على إجراء الامتحانات، أن تدفع وزارة التربية المستحقات بالليرة اللبنانية للإداريين في المناطق التربوية حيث لا يوجد آلات بصم، رغم وجود قرار واضح بضرورة البصم، فيما يتم الاعتراض على دوامات العمل في الإدارة المركزية حيث يوجد آلة بصم، أي كل شيء موثق.
جل ما في الأمر أن ثمة اعتراضاً على مستحقات مقرري اللجان والمشرفين، وبعض الموظفين الذين يعملون في العديد من الأيام حتى منتصف الليل (تسجل لهم جلستان فقط)، على اعتبار أن مبالغ مستحقاتهم مضخمة. وهي فعلياً تكاد لا تصل إلى أربعين دولاراً وفي أيام محددة ومعدودة! علماً أن أكبر مبلغ سجل في الامتحانات السابقة يصل إلى نحو 4 آلاف دولار لرئيس اللجان الفاحصة، لقاء عمل لبضعة أيام، فيما من يعمل في الامتحانات طوال مدة تزيد عن خمسة أشهر لا تصل أتعابه إلى ألفي دولار.
وتستغرب المصادر كيف لا يستكثرون مستحقات رؤساء المناطق التربوية، التي تصل إلى ثلاثة آلاف دولار، فيما يستكثرون الدفع لمقرري ومشرفي لجان المواد. فما هو حاصل أن الموظفين الإداريين والعمال، الذين يعملون في الامتحانات، ويظهر عملهم في إجراء الامتحانات، توقف قبض مستحقاتهم من دون مبرر سوى الاعتراض على عدد ساعات العمل، في وقت أن كل ساعاتهم موثقة بآلة بصم.

لجان بلا مهمات
إلى ذلك تستعيب مصادر مطلعة في الوزارة كيف تدفع اليونيسف أمولاً طائلة لما يعرف بالـTask Force، أي مجموعة العمل التي شكلت في وزارة التربية بحجة مواكبة تعليم الطلاب السوريين، التي لا عمل لها في الوزارة أصلاً، فيما ترفض دفع مستحقات الامتحانات. وهي شبيهة باللجان الكثيرة في الوزارة التي تشكل لدعم بعض الموظفين، على حساب مشاريع الدول المانحة، مثل لجان المناهج وغيرها.

وتؤكد مصادر متعددة أن هذه اللجنة أو "مجموعة العمل" شكلت بالاتفاق مع اليونيسف لدعم موظفي الإدارة. لكن وضعت تحت بند دعم تعليم الطلاب السوريين. ذلك أن اليونيسف لا تدفع أموالاً مباشرة للموظفين. وهذه من شروط ممولي اليونيسف، أي منع دعم الموظفين في أي دولة. لكن تواطأت مع الوزارة وغضت النظر عن دعم الموظفين من باب تشكيل مجموعة الدعم، تحت بند تأسيس فريق مساعد في كيفية إدارة تعليم السوريين. وتبين أن المجموعة (لم تعد موجودة حالياً؟) قامت على مبدأ المحسوبيات. 

وتسأل المصادر: ما هي مهمات هذه المجموعة التي تضم موظفين من مكتب الوزير أو من المدير العام أو مصلحة التعليم الخاص أو من دائرة الموظفين وغيرها من المصالح والمديريات، التي لا علاقة لها بتعليم السوريين في الأساس؟ ولماذا في المكتب الواحد للدائرة الواحدة ترى موظفاً محسوباً على فلان في المجموعة لتلقي أتعاب بالدولار، فيما زميله بلا أي دور؟ ولماذا تدفع اليونيسف تحت بند مجموعة الدعم أموالاً لنحو مئتي شخص، تُسجل لهم مهمات لا أحد يرى أي نتيجة لها، فيما تحرم موظفي الامتحانات من أتعاب نتيجتها واضحة ويعرفها كل اللبنانيون؟ فتعليم السوريين هو في فترة بعد الظهر، أي عندما ينتهي دوام العمل في الوزارة، وهو مخصص لطلاب مرحلة التعليم الأساسي. فما هي مهمة هؤلاء الأشخاص وما هو عملهم في شأن لا علاقة لهم به؟ هل فعلاً اليونيسف من يعترض على عمل الامتحانات أم هناك من يريد "تطفيش" المقررين والمشرفين؟