المصدر: المدن
الكاتب: خضر حسان
الأربعاء 14 حزيران 2023 17:31:31
وفي ظل عدم حسم الأمم المتّحدة قرارها بدفع كلفة الكهرباء، وتحديداً على مستوى برنامج الأمم المتحدة الإنمائي UNDP ووكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) ومفوضية الأمم المتحدة السامية لشؤون اللاجئين UNHCR، لا يدفع النازحون واللاجئون أيّ تعرفة للمؤسسة.
ومع ذلك، تُحَصِّل بعض البلديات أموالاً من النازحين السوريين، لقاء خدمة الكهرباء، وتحفظها في صندوقها. علماً أن "كهرباء لبنان"، لم تصدر أي فواتير للمخيّمات، ولا تعرف ماهيّة الأموال المجباة ولا حجمها ولا يمكنها استلامها حالياً.
قرارات بلدية متفاوتة
بانتظار القرار الرسمي من الأمم المتحدة بتغطية كلفة استهلاك الكهرباء، تقوم بعض البلديات بتحصيل رسوم من النازحين، بموجب إيصال من البلدية. وهو ما يحصل في بلدية القرعون في البقاع الغربي. ويستند رئيس البلدية يحيى ضاهر في تنفيذ تلك الخطوة إلى "تقديم البلدية طلباً لمؤسسة كهرباء لبنان لتركيب عدادات للمخيّم، وتم تركيب العدادات. وعليه تقوم البلدية بجباية التعرفة". ويؤكّد ضاهر في حديث لـ"المدن"، أن هذه الخطوة تأتي "لحلّ إشكالية سرقة الكهرباء وتعليق الأسلاك على الشبكة. فاليوم يدفع النازحون كأي مواطن لبناني في أي منطقة".
الأموال المجباة "موجودة في صندوق البلدية بانتظار فواتير المؤسسة، وعند وصولها إلى البلدية، نُجري عملية مقاصة مع المؤسسة، وندفع المال".
في المقلب الآخر، لا تجبي بلدية خربة قَنافار أي رسوم أو تعرفة من النازحين "لعدم صدور فواتير من المؤسسة"، يقول رئيس البلدية طوني شديد. وحتى اللحظة، الخطوة الوحيدة التي اتّخذتها المؤسسة في هذا الملف، هو تركيب العدادات للمخيّمات، لكنها لم تبادر إلى إصدار الفواتير. حتى أنها ترفض استهلاك الكهرباء بصورة غير قانونية، إذ يروي شديد لـ"المدن"، أن "الأمم المتحدة أتت بكابل كهربائي إلى المخيَّم وتم وصله على الشبكة، فأصدرت مؤسسة الكهرباء محضر ضبط باسم البلدية، لأن المخيَّم مشيّد على أرض تابعة للبلدية، وقمنا بجمع قيمة المحضر من النازحين وننتظر إحضار المؤسسة إيصالاً رسمياً لنعطيها المبلغ ونحفظ حقّ البلدية".
المؤسسة ستلجأ للنيابة العامة
تستغرب إدارة مؤسسة كهرباء لبنان عملية الجباية لأنها "تتم بلا مسوِّغ قانوني". وتؤكِّد مصادر إدارية لـ"المدن"، أن "المؤسسة لم تتلقَّ طلبات من البلديات للسماح لها بجباية الأموال من النازحين، ولم تصدر بعد فواتير جباية".
ستتّخذ المؤسسة إجراءاتها القانونية في هذا الملف، بدءاً من إحالته إلى التحقيق الداخلي في المؤسسة، وصولاً إلى النيابة العامة المالية. فلا يحق لأي جهة استيفاء أموال باسم المؤسسة التي لا تستطيع أخذ الأموال "حتى لو أرادت البلدية دفعها، ولا يمكن تسجيلها في الواردات لأنها من دون أي مسوِّغ قانوني صادر عن المؤسسة".
التعرفة مصدر تمويل وحيد للمؤسسة
الحل الأنسب لهذه الإشكالية وغيرها من الأمور المتعلّقة بكهرباء المخيّمات، يبدأ من تسريع النقاش مع الأمم المتحدة حول ضرورة تغطية كلفة استهلاك الكهرباء، وإلاّ لا مجال للمؤسسة ومن خلفها وزارة الطاقة، سوى قطع التيار عن المخيّمات. لكن إلى حين اتخاذ تلك الخطوة التصعيدية "نفترض حسن النوايا بالدفع. فالأمم المتحدة تريد إرساء الحوكمة في هذ الملف، وهي دعت إلى إجراء الإصلاحات في القطاع ورفع التعرفة"، وفق ما يؤكّده وزير الطاقة وليد فيّاض في حديث لـ"المدن".
وانطلاقاً من النوايا الحسنة المتمثّلة ببحث هذا الملف، والتي عبّرت عنها الأمم المتحدة باجتماعها يوم الإثنين 12 حزيران، مع فيّاض ورئيس الحكومة نجيب ميقاتي، تنتظر المؤسسة والوزارة الرد سريعاً. ويأمل فيّاض أن يتم الدفع قريباً "لأن هناك مبدأ عام يقول أن مَن لا يدفع التعرفة لا يحصل على الكهرباء".
البحث في تمويل كهرباء المخيّمات يحيل إلى التساؤل عن المبالغ المتراكمة للسنوات السابقة. وهنا، يطرح فيّاض احتمالين، إما أن توافق الأمم المتحدة على احتساب مصروف السنوات السابقة أو تعترف بالفترة التي يتم فيها إيصال الكهرباء بصورة رسمية وإصدار فواتير خاصة بالمخيّمات.
في الحالة الأولى، تقف المؤسسة والوزارة أمام كيفية احتساب حجم الاستهلاك عن سنوات ممتدّة من العام 2011 بالنسبة للسوريين، وعن أكثر من 60 عاماً بالنسبة لمخيّمات الفلسطينيين. ثم هل ستدفع الأمم المتحدة المتأخّرات في حال التوصُّل إلى احتساب مبلغ ما، وفق سعر الصرف الرسمي 1515 ليرة، أم وفق سعر السوق الحالي، كَونَ النسبة الأكبر من المستحقّات هي عن سنوات سابقة للعام 2019، أي قبل بدء تدهور سعر صرف الليرة.
لا يعلِّق فيّاض آمالاً كبيرة على دفع الأمم المتحدة للمستحقات السابقة "وهي في الأصل ليست ذات قيمة كبيرة مقارنة بالمستحقات المترتّبة وفق التعرفة الجديدة". وفي جميع الأحوال "على الأمم المتحدة الدفع لأن كهرباء لبنان لا تملك سوى تعرفة الكهرباء كمصدر للدخل".