فوضى في ملف المياه اللبنانية.. تداخل في الرقابة بين الصحة والاقتصاد ومؤسسات مناطقية

أثار ملفّ المياه في لبنان في الآونة الأخيرة موجة قلق لدى المواطنين، خصوصاً بعد الضجّة التي رافقت قضية "مياه تنورين". هذا الواقع أعاد إلى الواجهة أسئلة جوهرية: هل تُفحص المياه دوريا؟ من الجهة المسؤولة؟ وماذا عن الينابيع و"سبل المياه" المنتشرة في الأحياء والقرى؟


تفيد مصادر وزارة الصحة عبر "النهار"، بأن الوزارة مسؤولة عن كل المعامل المرخّص لها، في حين تخضع المنتجات المعروضة في الأسواق لإشراف مديرية حماية المستهلك في وزارة الاقتصاد.

وتشير إلى أن الوزارة "تجري فحوصا شهرية تقريباً، أو في حال ورود شكاوى، عندها تقوم بالكشف الميداني وتأخذ عينات من المعمل أو من السوق للتحقق من مدى صحة الشكوى. وخلال الأشهر الثلاثة الأخيرة، حققنا في ثلاثة معامل مياه بعد ورود شكاوى، وتبيّن وجود مخالفات في بعضها دون الأخرى".

وفي ما يتعلّق بالمختبرات التي تُفحص فيها العينات، توضح المصادر أنّه بعد إقفال المختبر المركزي التابع لوزارة الصحة، باتت الوزارة تعتمد منذ عام 2015 على مختبرات أنشأتها منظمة الصحة العالمية، موزّعة على مختلف المناطق اللبنانية. وتشير إلى أنّ النتائج غالباً ما تكون مطابقة، إلا أنّ قلّة عدد العينات مقارنة بحجم الإنتاج تجعل دقّتها محدودة.

في هذا السياق، تشدّد النائبة نجاة عون صليبا على ضرورة أن تُجرى الفحوص في مختبرات معترف بها عالمياً، وبطريقة علمية تراعي العوامل التي قد تؤثّر على النتائج، فضلاً عن اعتماد "العيّنة العشوائية" وفي مواعيد متغيّرة، معتبرة أن "على وزارة الصحة وضع آلية تأخذ في الاعتبار وتيرة الإنتاج وعدد العبوات الموزعة لتحديد دورية الفحوصات المطلوبة بدقة".

بدورها، تلفت مصادر حماية المستهلك في وزارة الاقتصاد إلى أن مسؤولية مراقبة المياه في المعامل تتوزع بين وزارتي الصناعة والصحة، بينما تتولى وزارة الاقتصاد مهمة حماية المستهلك، "وعندما ترد شكوى، تُؤخذ العينات ويُباشر العمل فوراً على أساسها، وإذا لم ترد شكاوى، تُجرى فحوص وقائية وموسمية، مع تكثيفها عند ارتفاع عدد الشكاوى في قطاع معيّن". 
وتضيف: "عندما تكون المياه مطابقة للمواصفات من المصدر والمنبع، لا تظهر مشاكل في الأسواق، إلا في حال تعرضها لعوامل خارجية كالرطوبة داخل المتاجر"
أما في ما يخص الينابيع وما يسمى "سبيل المياه"، فتقول مصادر وزارة الطاقة والمياه لـ"النهار" إن "مؤسسات المياه في المناطق هي المسؤولة عن الينابيع، إلا أن مسألة "سبيل المياه" المنتشرة في القرى والبلدات لا تزال غير منتظمة، ولا يُعرف عددها بدقّة، إذ تعمل الوزارة حالياً على إعداد استراتيجية لتصنيفها وتحديد الجهة المسؤولة عنها، إلى جانب البحث في إنشاء مختبر وطني جديد بعد إلغاء المختبر السابق عام 2009.
إلى ذلك، تكشف مصادر وزارة الصحة أن شركات المياه التي تمتلك ينابيع خاصة قليلة جداً، وربما تقتصر على شركة "ريم".
وترى النائبة نجاة عون صليبا أنّ مسؤولية الينابيع و"سبيل المياه" مشتركة بين وزارات البيئة، الطاقة والمياه، الصحة، الاقتصاد عبر حماية المستهلك، والزراعة، في حال كانت تُستخدم للشرب أو لري المزروعات. وتشير في المقابل إلى أنّ "هذه الوزارات لا تجري فحوصا دورية منتظمة على مدار السنة، وليس هناك متابعة منهجية واضحة، ما يعني أن الرقابة غائبة عملياً والجهات المعنية لا تقوم بمهماتها كما يجب".