المصدر: العربية
الأربعاء 6 أيلول 2023 10:47:46
"فوق الموتة عصة قبر" ينطبق هذا المثل على ما يبدو على حال اللبنانيين. ففيما أحزمة الفقر والعوز تطوّق فئة كبيرة من اللبنانيين نتيجة الأزمة الاقتصادية المستمرة منذ العام 2019 وإلى اليوم من دون حلول تلوح في الأفق، تواصل الطبقة السياسية نهج الكساد "المتعمّد" كما وصفه تقرير البنك الدولي منذ عامين بابتكار طرق جديدة و"غريبة" لإفقار اللبنانيين.
ففي تقرير للدولية للمعلومات (مؤسسة إحصائية ودراسية) حول مشروع موازنة العام 2024 للحكومة اللبنانية، كشفت أن الموازنة الجديدة تضمّ ضرائب جديدة لعل أكثرها غرابة "رسم استهلاك للحفاظ على البيئة وهو عبارة عن رسم جمركي يشمل جميع السلع المستوردة بما فيها النعوش الآتية من الخارج والتي تحتوي جثثاً بشرية".
ضريبة على النعوش والجثث
ما أحدث ضجّة عبر وسائل التواصل الاجتماعي، إذ استهجن روّاد مواقع التواصل "معاقبة" حتى الموتى!
واعتبر الباحث في "الدولية للمعلومات" صادق علوية، الذي اطلع على الموازنة، في تصريحات لـ"العربية.نت" "أن المشروع واضح وذكر بالتحديد "نعوش تحتوي على جثث بشرية".
وقال "الحكومة قررت فرض ضريبة جديدة على النعوش تأتي ضمن الرسوم الجمركية المفروضة على السلع المستوردة من الخارج، والنعوش الخشبية هي من ضمن هذه السلع".
كما أوضح "أن كلفة الدفن في لبنان ارتفعت نتيجة الأزمة الاقتصادية، فكيف إذا كانت الجثة آتية من خارج البلاد؟!"، مضيفاً "من المعيب فرض ضريبة من هذا النوع على جثة مُغترب لم يفوّت فرصة لمساعدة بلده في شتى المجالات".
خطأ بالصياغة
في المقابل، حرص وزير البيئة في حكومة تصريف الأعمال ناصر ياسين على توضيح القضية.
وأكد في تصريحات لـ"العربية.نت": "أن موضوع فرض الضرائب على الجثث الآتية من الخارج تم وضعه عن طريق الخطأ، حيث إن طريقة الصياغة أتت بمفهوم مغاير للمقصد، والمقصود من هذا الأمر الضريبة على الصندوق الخشبي الذي يحمل الجثة (النعش)، لأن الموظف ترك الجملة عن طريق الخطأ، وهذه الرسوم وغيرها لا تتعدى 0,2%".
سنلغيها من أساسها
إلى ذلك، أوضح "أنه سيطلب إلغاء هذه الضريبة من أساسها، علماً أن الرسم الذي كان مفروضاً زهيد جداً".
وأعرب عن أسفه للضجة التي أثيرت، قائلا: "من أصل 400 آلاف سلعة مسّتها الضرائب في موازنة 2024، أثيرت الضجة على الرسم المتعلّق بالصندوق الخشبي (النعش)".
موازنة غير إصلاحية
من جهتها، اعتبرت عضو كتلة "القوات اللبنانية" النائبة غادة أيوب في تصريحات لـ"العربية.نت": "أن موازنة 2024 غير إصلاحية ومن دون أي رؤية اقتصادية، واستمرار لنهج الحكومة ووزارة المالية معاً في تشريع الفساد والرشوة وغضّ النظر عن التهرب الجمركي والضريبي".
كما اعتبرت "أنه في ظل استمرار الحكومة ووزارة المالية معاً في سياسة زيادة معدلات الضرائب والرسوم على القطاعات والمكلفين الملتزمين ضريبياً دون اتخاذ أية إجراءات صارمة نحو ضبط التهرب الجمركي في مرافئ الدولة، سواء المرافئ البحرية أو البرية أو المطار، لن تنجح خطة تحصيل الدولارات". وشددت على ضرورة ضبط الحدود ومنع التهريب واعتماد سياسة واضحة لجهة لجم الاقتصاد النقدي ومكافحة تبييض الأموال والتهرب الضريبي من حيث التشدد في ملاحقة المكتومين، وتطبيق أقصى العقوبات بحق المتهربين والمهربين الذين يخالفون القوانين".
وتعقد حكومة تصريف الأعمال جلسة اليوم الأربعاء في السراي الحكومي لدراسة استكمال البحث في قانون موازنة العام 2023 التي تحتوي بدورها على رسوم وضرائب جديدة، في وقت لم يلتزم لبنان حتى الآن بإقرار سلّة قوانين إصلاحية مطلوبة منه للخروج من الأزمة الحالية.