المصدر: النهار
الكاتب: أحمد محيي الدين
الأربعاء 26 تشرين الثاني 2025 10:46:48
لم تعد كرة القدم اللبنانية مجرد لعبة أو نشاط ترفيهي على الرغم من الكم الهائل من المعوقات والأزمات التي تعانيها، إذ أصبحت رافعة للتواصل الدولي والتنمية الاجتماعية، وقد تجسدت هذه الحقيقة بوضوح في العلاقة المميزة بين لبنان ورئيس الاتحاد الدولي "فيفا" جياني إنفانتينو.
العلاقة لم تقتصر على الدعم الفني والإداري، بل اتخذت بعداً شخصياً وعائلياً، لكونه صهر لبنان حيث إنه متزوج من السيدة لينا الأشقر التي ربطت بين المحامي السويسري ولبنان بصلات عميقة تتجاوز حدود الرياضة.
روابط قوية
وكانت الخطوة الأخيرة ذات الرمزية البارزة، منح إنفانتينو الجنسية اللبنانية، بمبادرة من رئيس الاتحاد اللبناني لكرة القدم المهندس هاشم حيدر، وبموافقة رئيس الجمهورية اللبنانية. وتحدث حيدر عن هذه الخطوة قائلاً: "منح إنفانتينو الجنسية هو خطوة رمزية تعكس تقدير لبنان لدوره في تطوير اللعبة، هي رسالة للعالم بأن لبنان يقدر الشراكات الدولية، وأن كرة القدم أداة للتواصل الثقافي والديبلوماسي. العلاقة الشخصية والعائلية ومساهماته في تطوير اللعبة الشعبية في لبنان تجعل الخطوة أكثر طبيعية وتعكس الروابط القوية بين الاتحاد الدولي ولبنان".
مبادرات متواصلة
وبالموازاة مع البعد الرمزي، تأتي المبادرات العملية التي يسهم فيها إنفانتينو وفيفا لتعزيز كرة القدم في لبنان، ومن أبرزها بناء مقر حديث للاتحاد اللبناني ومنتخب "الأرز"، بالإضافة إلى مشروع ملعب وطني بسعة 25 ألف متفرج. وأوضح حيدر حول هذه المشاريع: "المقر الجديد سيشكل مركزاً إدارياً وفنياً متطوراً للاتحاد، يساعد في تنظيم البطولات الوطنية والإقليمية، كما سيتيح للمنتخبات الوطنية استضافة مباريات دولية ومعسكرات، ويعزز حضور لبنان في المحافل الرياضية. هذه المشاريع ستساهم في تطوير البنية التحتية، وتشجيع الشباب على ممارسة الرياضة، وخلق فرص اقتصادية من استضافة الفعاليات".
وتأتي هذه الخطوة لتحل معضلية أساسية حرمت المنتخب الوطني وباقي الفرق الوطنية من ميزة الأرض ولجمهور المهمة في اللعبة الشعبية والمنافسات الإقليمية والدولية، فضلاً عن تعثر مبادرات سابقة كانت تصطدم بعراقيل تتعلق بالقوانين العامة.
دعم خارجي أساسي
وعن دعم الاتحاد الدولي لكرة القدم ودوره في تطوير كرة القدم اللبنانية، قال حيدر: "دعم الاتحادين الدولي والآسيوي أساسي لتأمين تمويل وخبرات فنية للمشاريع الكبرى، مثل الملعب والمقر، وهما لم يقصرا مطلقاً في السنوات السابقة حيث لطالما كان دعمهما أساسياً لاستمرار اللعبة في وجه أزمات وصعوبات كبيرة عرفتها البلاد".
أثر اجتماعي
وأكد حيدر أن هذه المشاريع الرياضية الكبرى لا تقتصر على الجانب الفني، بل لها أثر اجتماعي وتنموي واضح: "المشاريع الرياضية الكبرى تتيح فرصاً للشباب للتدريب والتطور، وتساعد على توحيد المجتمع عبر الأنشطة الرياضية. الملعب والمقر سيخلقان فرص عمل ويحفزان الاقتصاد المحلي أثناء البناء وما بعده، إذ إن الرياضة توفر رسالة أمل، خصوصاً في أوقات التحديات الاقتصادية والسياسية، وتعزز الانتماء الوطني".
"إنه ببساطة بلدي"
وليس حيدر وحده من عبّر عن أهمية هذه الشراكة، فقد أكد إنفانتينو نفسه مدى تعلقه بلبنان، قائلاً: "إنه لشرف كبير أيضاً أن أكون هنا وسرور عظيم فوق ذلك، في بلدي. ليس البلد الأول، ولا الثاني، ولا الثالث، إنه ببساطة بلدي. وأنا فخور جداً بأن أتمكن من العمل معكم، ومع فريقكم، لمساعدة الكثير من الفتيات والكثير من الفتيان الذين يمرّون بظروف صعبة، ونحن هنا لنعطيهم، أو لنساعد في إعطائهم، الأمل بمستقبل أفضل. لهذا نحن هنا، وأنا فخور بالعمل الذي يقوم به الاتحاد اللبناني لكرة القدم بالتعاون مع الفيفا".
وأضاف إنفانتينو مستعرضاً المشاريع المستقبلية: "وهناك المزيد في الطريق، فهناك مشاريع إضافية نعمل عليها، بالطبع ليس فقط في مجالات التعليم والتطوير، بل أيضاً في ما يتعلق بإنشاء ملعب كرة قدم جديد فعلي، حديث ومتطور، للبنان، ليخوض فيه المنتخب اللبناني مبارياته، وليفخر به الشعب اللبناني. إننا نعمل سوياً على هذا التحدي الجديد، هذا المشروع الجديد الذي سيُظهر أن لبنان يتجه نحو المستقبل، من خلال ملعب يشكّل رمزاً للحداثة ولبلد يريد أن يؤمن بأن المستقبل مشرق".
رؤية مستقبلية
وعن الرؤية المستقبلية لكرة القدم اللبنانية، أضاف حيدر: "نعمل على تطوير كرة القدم من القاعدة الشعبية وصولاً إلى المنتخبات الوطنية، ومنها بدأنا تلمس النتائج من خلال إنجازات مهمة على مستوى الشباب والناشئات، ونعمل أيضاً على تحسين البنى التحتية، ودعم كرة القدم النسائية والشبابية وتعزيز الأداء الدولي للمنتخبات، لأجل تعزيز مكانة لبنان في المحافل الرياضية العالمية وجعل الرياضة أداة للتنمية المجتمعية".